تقدم جامعة طنطا في عدد الاستشهادات البحثية طبقا لتصنيف Webometrics لشهر يوليو    لليوم الثالث على التوالي.. اللجنة الخاصة لدراسة برنامج الحكومة الجديدة تواصل اجتماعاتها    انخفاض أسعار عدد من أصناف الأسماك في أسواق دمياط    المشاط: استمرار زيادة فجوة تمويل التنمية ومواجهة العمل المناخي تُشكل تحديا رئيسيا على المستوى العالمي    إزالة 71 حالة تعد على الأراضي الزراعية في بني سويف    جيل بايدن ترفع شعار "لا انسحاب" من انتخابات رئاسة أمريكا.. "AP" تكشف التفاصيل    تقرير: نتنياهو أضاف مبادئ تتجاوز اتفاقات الوسطاء.. ويومين حاسمين للصفقة    حزب الله يستهدف جنودا إسرائيليين فى محيط موقع حانيتا بالأسلحة الصاروخية    الكرملين يصف تصريحات بايدن تجاه بوتين ب "غير المقبولة على الإطلاق"    وزير الخارجية يلتقى غدا مستشارة الرئيس الفرنسى وأمين مجلس التعاون الخليجى    نيفيل يتصدى للانتقادات: كين الأفضل في تاريخ إنجلترا ويستحق المشاركة أمام إسبانيا    جماهير ألمانيا تتوقع تتويج إسبانيا بلقب يورو 2024    الداخلية: سقوط 4 عصابات وضبط 227 سلاحا ناريا خلال يوم    الأحد.. كورس الدراما في متحف الطفل    ولاد رزق 3 يتخطى 221 مليون جنيه.. واللعب مع العيال يقترب من 38 مليون    الهجرة النبوية وأنشطة صيفية ضمن فعاليات قصور الثقافة بالجيزة    محافظ الجيزة يزور «معانا» لإنقاذ انسان ببولاق الدكرور لرعاية الاطفال والمواطنين بلا مأوى    آمال ماهر وفؤاد عبدالواحد.. وليلة غنائية لا تنسى في عروس المصائف "    يوم عاشوراء 2024.. الموعد وفضل صيامه والأدعية المستحبة (كفارة لذنوب عام)    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مستشفى المبرة ويشدد على جودة الخدمات الصحية    وكيلة صحة بني سويف: الإعلام شريك أساسي في تحسين خدمات الصحة بالمحافظة    شيخ الأزهر: طالبت منذ أن كنتُ رئيسًا لجامعة الأزهر بتصميم مقرَّرات تُعنَى بنقد "المتن المنكر"    مصرع سائق اشتعلت به السيارة بسبب ماس كهربائي بالجيزة    إعلام فلسطينى: انتشال جثامين 60 شهيدا من حى تل الهوى بعد انسحاب جزئى لجيش الاحتلال    عمرو عرفة يضع وصفًا لكل أعماله ويتمنى تقديم السيرة الذاتية ل«النقشبندي» (فيديو)    الرئيس النمساوي يودع الفريق الأولمبي المشارك في دورة الألعاب الصيفية في باريس    من غروب الخميس.. فضل قراءة سورة الكهف والوقت الأمثل لقراءتها    شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة الزكاة الإندونيسية ويتَّفقان على تكثيف القوافل الإغاثية لغزة    مفهوم الهجرة ومعانيها (2)    برنامج الحكومة الجديدة| ما هي آليات تمويل خلال 3 سنوات المقبلة؟    المؤسسة الدينية على قلب رجل واحد، وزير الأوقاف والضويني يشهدان صلاة الجمعة في الجامع الأزهر    نصائح لموجهة الموجات الحارة.. كيف تحافظ على برودة منزلك وصحتك| شاهد    "الصحة": انتهاء البرنامج التدريبي في الحوكمة الصحية بالتعاون مع كلية "ثاندر بيردا" الأمريكية    بالصور- وزير التعليم يزور المنيا لمناقشة خطط تطوير العملية التعليمية بالمحافظة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    عطل مفاجئ يتسبب في قطع الكهرباء عن عدد من المناطق برأس سدر    «تواجد المدير فقط».. محافظ القليوبية يحيل العاملين بمستشفى الخصوص للتحقيق (تفاصيل)    تنسيق الجامعات.. "حلوان الأهلية" تعلن تفاصيل برنامج "المختبرات الطبية" بكلية تكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية    وزير الإسكان: تسليم 50 عمارة بمشروع سكن مصر بالمنصورة الجديدة 4 أغسطس    بايدن بعد قمة الناتو: سأحافظ على قوة الحلف    تفاصيل زيارة وزير التعليم لمحافظة المنيا (صور)    جثته متفحمة.. تحديد هوية ضحية سيارة الصحراوي المشتعلة    مصرع سائق تريلا تفحمت سيارته على الطريق الصحراوي جنوب الجيزة    خلال 24 ساعة.. ضبط 14 طن دقيق مدعم داخل المخابز السياحية    أوربان يلتقي مع ترامب في محادثات "مهمة السلام" في فلوريدا    أولمبياد باريس.. استعدادات «فراعنة الأولمبي» قبل خوض غمار المنافسات    انطلاق القوافل العلاجية الشهرية اليوم لمبادرة حياة كريمة بقرى ومدن البحر الأحمر    والدها كشف الغموض.. سيدة تنهي حياتها بمبيد حشري في سوهاج    رئيسا شركة وجهاز "العاصمة الإدارية" يشهدان اصطفاف معدات وعناصر شركات النظافة والصيانة بالحي السكني الثالث    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين بالعريش    ضبط تشكيل عصابي بحوزته كمية كبيرة من المخدرات والشابو والهيروين بالأقصر    موضوع خطبة الجمعة اليوم.. «لا تحزن إن الله معنا»    «معندناش اتحاد كرة».. تحرك جديد من المقاولون العرب بشأن مباراة بيراميدز    صلاح سليمان: السعيد الأفضل في مصر..وجوميز اكتشف ناشئين مميزين    أمير عزمي: الزمالك يلعب دون ضغوط.. وهذا الثنائي يعجبني    عاجل.. رضا عبد العال ينتقد جوميز بعد مباراة الزمالك وطلائع الجيش    جنة عليوة تكشف أسباب تعدي شهد سعيد عليها أثناء السباق    تعرف على توقّعات برج الميزان اليوم 12 يوليو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنبا بطرس فهيم يكتب: ما بين الشك والإيمان؟

إن قضية الشك هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى. واعتبرها الفيلسوف ديكارت علامة على الوجود حين قال: "إني أشك إذا أنا موجود". والشك غالبا ما يساور المؤمن في إيمانه، وهو مرحلة مهمة على طريق نضج هذا الإيمان، لينتقل من إيمان التسليم الموروث، إلى إيمان الاختيار والاختبار الشخصي. وكثيرا ما أخافت مرحلة الشك المؤمنين، لأنها تهز الثوابت التي بنوا عليها قناعاتهم، وأحيانا أسس حياتهم كلها. وكما للإيمان أنواع ومراحل ودرجات، كذلك للشك أنواع ومراحل ودرجات.
ولكن هل الشك مرتبط فقط بقضايا الإيمان بالله؟ أم إنه موقف يرتبط بالحياة والقناعات والعلاقات؟ فكثيرا ما يشك العلماء في فرضياتهم بل وأحيانا في نظرياتهم العلمية، أو نظريات غيرهم، وإلا لما تقدم العلم وتطور. وكثيرا ما نسمع عن علاقات زمالة أو صداقة أو حب أو زواج اهتزت، أو دخلت في أزمة، وأحيانا انتهت بسبب الشك. وكم من فيلسوف أو باحث أو مؤمن ساورته الشكوك فيما يؤمن به من نظريات وقضايا وثوابت، بل في الله نفسه، في وجوده وفي صلاحه وفي قدرته وفي محبته... الخ.
ولكن هل تساءلنا عن شك الشكاكين والملحدين ومن لا يؤمنون بشيء ولا بأحد، من لا أدريين وممن يعلنون الإلحاد علانية؟ هل تساءلنا عن الموقف الوجداني أو العقلي لهم حين تساورهم الشكوك في قناعاتهم المبنية على الشك وعدم الإيمان، حين تساورهم الشكوك فيما يؤمنون به على عكس إيمان المؤمنين؟ وفي موقفهم وتساؤلهم إن كان ما يكفرون به حقيقة وواقع موجود؟ لأنه ليس كل المؤمنين أغبياء، كما ليس كل الملحدين أغبياء، بل منهم في الطرفين أذكياء وأفذاذ وعباقرة. فكيف يتفق هذا الذكاء العقلي مع ما يختاره هؤلاء وأولئك من موقف من الله ومن الإيمان؟ أو من الشك وعدم الإيمان. فالله ليس موضوع بداهة عقلية ولا هو موضوع بداهة حسية. بل هو كائن يفوق الحس والعقل معا، ولا يناقضهم، بل يتخطى حدودهم وإمكانياتهم.
إن الشك أمر مرتبط بالإنسان وليس بالإيمان. فالمؤمن يشك في إيمانه، والملحد يشك في إلحاده أحيانا كثيرة. وهذا إشارة ودليل على قلق الإنسان وبحثه الدائم عن الحقيقة، وإنه كائن قلق لا يركن إلى شيء، ولا يرتاح لموقف، ولا يستكين لقرار طالما هو على الأرض. ولهذا قال القديس أوغسطينوس "خلقتنا لك يا الله وقلوبنا ستظل حائرة إلى أن تستريح فيك". فالخبرة الحياتية تظهر لنا أن الإنسان فعلا لا يشبع ولا يكتفي من شيء، لا من المال، ولا من السلطة، ولا من الحب البشري، ولا من العلاقات الاجتماعية... فهو دائما يطلب المزيد، ويسعى إلى الأفضل. وهذا إشارة إلى أن الإنسان مخلوق للخلود، ولا تستطيع الدنيا بكل ما فيها أن تشبع جوع قلبه، ولا أن تسد فراغ وجدانه وكيانه. وهذا ما يقوله السيد المسيح في إنجيل القديس يوحنا للمرأة السامرية: "من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا، أما من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلا يعطش إلى الأبد، فالماء الذي أعطيه يصير فيه نبعا يفيض بالحياة الأبدية" (يوحنا 4: 14)، وهو يقصد بهذا الماء كل ما تقدمه الدنيا للإنسان، ويقصد بالماء الذي يعطيه هو، الإيمان بالله وسكنى الروح القدس في قلب الإنسان، فالله وحده هو من يستطيع أن يسد فراغ الإنسان، ويشبع جوعه للمطلق وللأبدية.
ولا يستطيع الإنسان أن يصل إلى الله فقط عن طريق العقل وحده، صحيح "أن الله عرفوه بالعقل". ولكن كثير من العقلاء رفضوا الله بالعقل أيضا، وهم ليسوا مجانين. فلا بد من الوحي الإلهي ولابد من الخبرة والاختبار الروحي إلى جانب العقل والوجدان، لاكتشاف ولمعرفة الله والإيمان به. فمن عرف الله والتقى به واختبره حقيقة، لا يستطيع كائنا من كان أن يسلبه اليقين والإيمان بوجوده. ومن لم يعرف الله ولم يلتق به، إن لم يقده عقله ووجدانه وخبرته الباطنية إلى الله، فلا تستطيع أن تقنعه بوجوده ببساطة، إن هو أصر على عدم الإيمان. فالله خلق الإنسان حرا وهو يريده هكذا، ولا يحرمه حريته مهما كانت الأسباب، حتى ولو قادته حريته إلى أن يتنكر لوجود الله ذاته. فالله لا يريد أن يفرض نفسه على الإنسان، ولا أن يقهره من خلال المعجزات، التي تبهر الإنسان وتُخضِع العقل وتجبره على الإيمان. فالإيمان قهرا والاتباع جبرا ليس إيمانا ولا طاعة ولا محبة، ولا يليق بالله المحبة ولا بالإنسان المخلوق على صورة الله. فالإيمان يولد في جو من القلق الوجودي والبحث المستمر عن طريق العقل والوجدان والروح، ليصل بنعمة الله والوحي الإلهي إلى الاختبار والاختيار، الذي ينمو ويتجدد كل يوم في ظلال العقل والقلب والروح والوجدان، في واقع الحياة ليقود إلى ملء الحياة وما بعد الحياة. فالإنسان كائن قدميه على الأرض وقلبه وروحه مشرعة على الأبدية في آفاق ما بعد الكون والوجود، وإن انطلقت من الكون والوجود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.