سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وفاة الجاسوسة الإسرائيلية مارسيل نينو.. حُكم عليها بالسجن لمدة 15 عامًا.. حاولت الانتحار مرتين.. وعملية تبادل جرت بين القاهرة وتل أبيب بشكل سرى عام 1968 سبب الإفراج عنها
أعلنت إسرائيل وفاة الجاسوسة مارسيل نينو إحدى أفراد الخلية الصهيونية التى جرى الكشف عنها عام 1956 في عملية تجسس عرفت باسم «فضيحة لافون»، أو «قضية العار» والتى بفضلها تم إنشاء جهاز المخابرات العامة المصري، حيث أصدر الرئيس جمال عبدالناصر بعد هذه الحادثة قرارا رسميا بإنشاء جهاز «المخابرات العامة» في عام 1954 وأسند إلى زكريا محيى الدين مهمة إنشائه بحيث يكون جهاز مخابرات قويا لديه القدرة على حماية الأمن القومى المصري. وانضمت مارسيل نينو، إلى خلية شكلتها المخابرات الإسرائيلية في مصر أوائل الخمسينيات، لكن السلطات المصرية تمكنت من كشف أمر الخلية أواخر عام 1954، ما فجر فضيحة مدوية في تل أبيب استقال على إثرها وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك، بنحاس لافون، كما أدت أيضا إلى استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك ديفيد بن جوريون ولكن بعد عدة سنوات من التحقيق، حيث لم يعلم الرأى العام الإسرائيلى بالقضية إلا عام 1960، ما أثار ضجة واسعة انتهت بفرض الرقابة العسكرية منع النشر في القضية، رغم تداولها على نطاق واسع في العالم. واشتهرت هذه الفضيحة في إسرائيل باسم «قضية لافون نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك بنحاس لافون الذى اتهم بإعطاء الأوامر لتنفيذها، وهى عملية سرية أطلقت عليها المخابرات الإسرائيلية عملية «سوزانا»، وكان من المفترض أن تتم في مصر، عن طريق تفجير أهداف أمريكية وبريطانية في مصر، لتوريطها أمام الدول الغربية. ومارسيل فيكتور نينو أو فيكتورين نينو التى ولدت في 1929 بالقاهرة وتوفيت مؤخرا عن عمر ناهز 89 عاما في إسرائيل، كانت بطلة أوليمبية مصرية من الجالية اليهودية شاركت في أوليمبياد سنة 1948، كما كان لها علاقات واسعة مع بعض المصريين في أواخر حكم الملك فاروق، قبل أن تتورط في جريمة التجسس ويتم القبض عليها، وكان لقبها السرى في الشبكة «كلود»، ومهمتها أن تكون ضابطة الاتصال بين عناصر المجموعات الاستخبارية الإسرائيلية، ونقل المعدات اللازمة لهم». حاولت مارسيل الانتحار مرتين في السجن قبل أن تقدم للمحاكمة ويحكم عليها بالسجن لمدة 15 عاما، وتم إنقاذها، وكان من المقرر أن تنتهى عقوبتها عام 70، إلا أن عملية تبادل جرت بين القاهرة وتل أبيب بشكل سرى عام 1968 أدت إلى الإفراج عنها مع عدد آخر من الجواسيس ضمن صفقة كبيرة. وبحسب ما قالته وسائل الإعلام العبرية فإن فضيحة لافون كانت عملية سرية تهدف إلى تنفيذ سلسلة تفجيرات في صيف عام 1954، بهدف عرقلة انسحاب القوات البريطانية من قناة السويس عبر الإيعاز بأن هذه العمليات تمت من قبل خلية مصرية. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقرير بها أن أعضاء الخلية حوكموا، وتم الحكم على كل من الدكتور موشيه مرزوق، طبيب بالمستشفى اليهودى في القاهرة، وصامويل عزار بالإعدام شنقًا، ونفذ الحكم في 31 يناير 1955، أما فيكتور ليفى وفيليف نيثنسون فحصلا على حكم بالسجن مدى الحياة، في المقابل حكم على مارسيل نينيو وروبيرت داسا بالسجن 15 عامًا، وحصل كل من جوزيف زعفران ومائير مايوحاس على حكم بالسجن 7 سنوات، أما ماكس بينيت، الضابط الإسرائيلي، فانتحر في زنزانته، كما أطلق سراح كل من سيزار كوهين وداسج نعيم. وقالت إنه بعد جهود بذلها رئيس الموساد آنذاك «مائير عاميت» تم إطلاق سراح «نينا» وباقى أعضاء الخلية المسجونين في مصر وفى 12 فبراير 1968 ووصلوا إلى إسرائيل، وتم تكريم «نينو» بحصولها على رتبة مقدم من سلاح المخابرات الإسرائيلية. وبعد أن استقرت «نينو» في إسرائيل ودرست العبرية في «الأولبان» (معهد لتعليم المهاجرين المهارات اللغوية الأساسية للمحادثة والكتابة والفهم)، بعدها سجلت في جامعة تل أبيب، وهناك درست تاريخ الفن والأدب الإنجليزي والأمريكي. وتساءلت «يديعوت أحرونوت» عن سبب قيام المخابرات الإسرائيلية بهذه العملية وعن من أعطى التعليمات فتقول: في نهاية عام 1954 وقع اتفاق بين بريطانيا ومصر يقضى بإخلاء الجيش البريطانى مواقعه في منطقة قناة السويس. ألغى هذا الاتفاق اتفاقا سابقا وقع عام 1936، سمح خلاله لبريطانيا بالإبقاء على قوات على طول القناة. وانتهى البريطانيون من إخلاء قواتهم في يوليو 1956. وتضيف «يديعوت»: اعتبرت إسرائيل وجود البريطانيين في منطقة القنال بمثابة عازل غير رسمى يحميها من انتقال القوات المصرية إلى سيناء وتهديد حدودها الجنوبية. وتوضح «لذلك أثيرت المخاوف من الإخلاء عندما عرف بأمر المفاوضات بين بريطانيا ومصر – وتزايدت المخاوف عندما أصبح واضحًا أن القواعد العسكرية البريطانية، بما في ذلك 11 مطارا عسكريا ستئول للمصريين كاملة». وتتابع الصحيفة «في ذلك الوقت عملت في مصر شبكة تجسس إسرائيلية، أقامها ضابط المخابرات أبراهام دار (تحت اسم حركى «جون ديرلينج»)، تحت قيادة المخابرات العسكرية بالجيش الإسرائيلى (أمان) في إطار الوحدة 131 بقيادة مردخاى بانتسور». «أقيمت هذه الوحدة لتنفيذ عمليات الحرب النفسية في دول العدو، وكانت خاضعة بداية لمسئولية أمان وكذلك الموساد، لكن مطلع 1954 خرج الموساد من الصورة». الهدف الرئيس للشبكة كان تنفيذ عمليات تخريبية في مصر حال اندلاع الحرب. لكن مع تلقى المعلومات حول الانسحاب المتوقع للجيش البريطانى من مصر، أُعطيت تعليمات لمشغل الشبكة وقائدها الميدانى ضابط المخابرات أيفرى إلعاد (اسمه الحركى كان «باول فرانك»)، لتنفيذ عمليات تخريبية في مؤسسات بريطانية وأمريكية، بهدف عرقلة الانسحاب البريطاني. وتقول «يديعوت»: «السؤال «من أعطى الأوامر؟»- وزير الدفاع بنحاس لافون أم رئيس جهاز أمان بنيامين جبلي، الذى عمل من تلقاء نفسه (كان رئيس الأركان موشيه ديان في إجازة وقتها خارج إسرائيل ولم يكن رئيس الحكومة موشيه شاريت متورطا في القضية في أى من مراحلها)- ظل يتردد لسنوات طوال، ولم يعرف له إجابة واضحة تحظى بإجماع المؤرخين». وتتابع «قائد الوحدة 131 مردخاى بنتسور نقل لأعضاء الشبكة في مصر، بتعليمات من رئيس أمان جبلى رمزا متفقا عليه تم بثه على محطة إذاعة صوت إسرائيل، في برنامج لربات البيوت، مما يعنى إعطاء ضوء أخضر ل «عملية سوزانا» (بصفتها زوجة أحد المشاركين في العملية)». نفذ أعضاء الشبكة عدة عمليات تخريبية في الإسكندريةوالقاهرة، تضمنت بشكل أساسى زرع قنابل حارقة بدائية الصنع. تم القبض على أحد أعضاء الشبكة وهو في طريقه لتنفيذ عملية، وخلال وقت قصير (حتى 24 يوليو) جرى الكشف عن الشبكة كلها، واعتقل غالبية أعضائها وحوكموا. بحسب الصحيفة جرى لاحقا تشكيل عدة لجان في إسرائيل للتحقيق في القضية. أشهرها تلك التى شكلها رئيس الوزراء موشيه شاريت ولم تنجح في الإجابة على السؤال «من أعطى التعليمات؟». وفى وقت لاحق تبين أن شهادة ضباط «أمان» أمام اللجنة كانت منسقة فيما بينهم، وأنه تم تزوير إحدى الوثائق التى قدمت للجنة.