لجنة القيادات بجامعة بنها الأهلية تعقد اجتماعاتها لاختيار المرشحين لمديري البرامج بالكليات    البنك المركزي التركي يُثبت سعر الفائدة للشهر الثالث على التوالي    محافظ المنوفية يتابع جهود رفع الإشغالات والتعديات المخالفة    بوريل: وضع غزة مثير للقلق حيث تستخدم المجاعة كسلاح ضد المدنيين    وزيرا الرياضة والصحة يتابعان حالة السباحة شذى نجم في «معهد ناصر»    إصابة 8 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    توقيع الكشف على 1080 حالة خلال قافلة طبية بمركز مغاغة بالمنيا    مدبولي: نسعى لتقنين أوضاع شركات النقل التشاركي وحل مشكلاتها    توقيع الكشف على 1080 حالة خلال قافلة طبية بمركز مغاغة بالمنيا    مديرية الطب البيطري بالشرقية تنظم قافلة علاجية مجانية بقرية بني عباد    برلماني: ثورة 30 يونيو تمثل علامة فارقة في تاريخ مصر    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة إلى 37 ألفا و 765 شهيدا    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    تغريم الزمالك 100 ألف جنيه بعد الانسحاب من مباراة الأهلي    غرامة 100 ألف جنيه على الزمالك وخصم 3 نقاط من رصيده    التعليم العالي توافق على تخصيص 5% من المنح الدراسية بكليات الجامعات الخاصة والأهلية لطلاب (STEM)    من سينتصر أولًا الطاعة أم الخلع ؟ زوجان يختصمان بعضهما أمام محكمة الأسرة: القانون هو اللي هيفصل بينا    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان أحمد بدير خلال دورته ال 17    30 يونيو| إرادة شعب ومسيرة وطن.. الحفاظ على الهوية وصون المقدرات الحضارية إنجازات الثقافة في 10 سنوات    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    الجمال ‬‬بأيدينا    داعية الباحثين للمشاركة.. دار الكتب تعلن موعد مؤتمرها السنوي لتحقيق التراث (تفاصيل)    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    «إعلام القليوبية» تنظم احتفالية بمناسبة 30 يونيو    الزراعة: مناخ مصر حار ولم يتغير منذ 1000 سنة    تجديد حبس عاطل 15 يوما لاتهامه بسرقة المساكن فى السلام    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم البحار والهيئة العربية للتصنيع    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    رئيس الرعاية الصحية يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    جامعة بنها تتقدم 370 مركزا على مستوى العالم بالتصنيف الأمريكي "US news"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    مصرع شاب في انقلاب دراجة نارية بمركز طامية بالفيوم    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الشيخ عبدالله بدر
نشر في البوابة يوم 01 - 12 - 2012

أن يخرج علينا، بين الحين والآخر، من يخوض في أمور الملّة، بغير إجازة ولا حيثية من علم، فتلك ظاهرة مصرية متواترة، وإن بدا جديد عبدالله بدر في هذا الصدد هو في التحاقه بركب الفضائيات، فيما سبقه طابور طويل من المدّعين، توزعت أعمالهم بين المشافهة والتدوين.
ويشار هنا أن عمدة مدرسة السخرية في مصر ومؤسسها الشيخ يوسف الشربيني قد حذّر من هؤلاء المدعين منذ منتصف القرن السابع عشر، حين تحدث في كتابه “,”هزّ القحوف في شرح قصيد أبي شادوف“,”, عن حكاية دعيّ من الشام، استطاع “,”بالفهلوة“,” أن يتغلب على كل علماء الدين المصريين، لدرجة جعلتهم يتنادون باقتراح صوْغ كلمة من مجموع حروف اختار فيها كل منهم حرفًا، فجاءت كلمة “,”خنْفشار“,” ليسألوه عن معناها، فكانت إجابته سريعة وجاهزة، حين ذكر لهم أن “,”الخنفشار“,” هو شيء يُعقد به اللبن, ولكي يؤكد ذلك، واتتْه القريحة ببيت من الشعر ابتدعه في التوّ، ونسبه إلى شاعر مجهول يقول فيه: “,”لقد عقدت محبتكم بقلبي كما عقد الحليبَ الخنفشارُ“,”!. والأمثلة حول تواجد هؤلاء المدعين لدينا لا تحصى، فبخلاف ما يقدمه عبدالله بدر عبر قناة الحافظ، تزدحم كتابات السلفي المصري المعاصر سيد العفاني بالتشهير والتعريض والسب والقذف والطعن.. فسعد زغلول ماسوني، وطه حسين عميد التغريبيين، وأحمد حسن الزيات منافق، أما جمال عبدالناصر، فانتهك أعراض النساء، وأرهب الشرفاء، وأغرق بلاده في الديون، وتجرع كؤوس الذل من اليهود والروس بهزيمة 1967، التي لقيها جيش فريد الأطرش وعبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وتحية كاريوكا “,”كثّر الله سوادهم“,”.
ولم يسلم من سجاله حتى الأفغاني ومحمد عبده.. فالأفغاني كان يريد إعادة الدور الذي لعبه “,”الإسماعيلية“,” من أصحاب الدعوات الباطنية التي تتستر وراء التشيّع، بينما اتهم عبده بالشذوذ لردّه بعض الأحاديث, ودعوته الي التأليف والتقريب بين الأديان واعتماده على الدليل العقلي في فهم الإسلام، فيما تطال قائمة اتهامه أسماء أخرى (زكي مبارك، محمود أبورية، أحمد زكي باشا، توفيق الحكيم، محمد فريد وجدي، صبحي منصور، مصطفى محمود، حسين أحمد أمين..)، ممن رآهم طعنوا في السنة.
اتساقًا، على أية حال، مع قيام عبدالله بدر بسب وقذف بعض الفنانات، يجوز القول إن المرأة تشكل، بعامة، رهانًا لافتًا في خطاب هؤلاء المدّعين، أوقعته في تبني أخلاقية متشددة، وضعت ضوابطها وقواعدها ومفرداتها على هذا الكائن، كما حددت نمط العلاقة معها، والخطط العريضة والحيز المسموح حول ما يتعلق بسلوكها وعملها وملبسها ونهج تكلمها وتعبيرها الجسدي وأمورها الجنسية، بدءًا من قوى التحريم التي تنقل جسدها وسلوكها بقيود العيب ومشاعر الإثم, وانتهاء إلى الأعضاء التي لا يجوز ظهورها منه بما قد يكشف عن عوْراته، وهو ما يشي بمقاومة هذا الخطاب في أن يعترف بإمكانات المرأة، سوى الخيانة وفضل النكاح والولادة، ويفسر عدم خلوّ أي نص لهؤلاء المدّعين من آراء حول المرأة والجنس والنقاب.
والأمر حول المرأة في هذا الخطاب يتعلق بكل ما يتصل بها، بدءًا من طريقة السلوك “,”حياء، طاعة، لا سفر إلا بولي، عدم جواز السلام أو المصافحة باليد على غير المحرم، انتظار الزوج الغائب ويحبذ ألا تتزوج حتى يُعلم موته، عدم جواز زيارة الكافرات من النصارى أو غيرهن، تحريم خروج المرأة مع الرجال الأجانب وما يتبع ذلك من اختلاط وتبرّج وسفور، عدم جواز السكنى مع عائلات غير مسلمة لأن في ذلك “,”تعرّض للفتنة“,” بأخلاق الكفرة ونسائهم، إرضاع الكبير، إلزام المرأة بالسير على حافة الطريق، تحريم خروج المرأة متعطرة....“,”, أو بالعمل “,”تحريم عملها واستقرارها في البيت، حظر مشاركتها للرجل في ميدان عمله، منعها من العمل في مجال القضاء، فساد عملها كمأذون.....“,”، أو بالملبس “,”ابتداع النقاب للمرأة واعتباره لباسًا شرعيًا يجب تعميمه، تحريم ثوب الشهوة ومنه الألوان الزاهية، إخفاء يدها بالقفاز لأن إظهارها قد يثير الشهوة والإعجاب.....“,”، أو بنهج التكلم “,”عدم التطريز الصوتي، فضل الكلام، الاستشهاد بالنصوص الدينية، الابتعاد عن الغيبة....“,”، أو بالتعبير الجسدي “,”أوضاع سليمة، السير وراء المحرم لا بحذائه، غضّ الطرف، حركة مستقيمة، كراهة ترقيق المرأة لحاجبيها، الكف عن استخدام اليد اليسرى، فتح العين اليسرى فقط إذا خافت من حفرة في الطريق لأن فتح اليمني حرام.....“,”، أو الحياة الجنسية “,”الاستجابة الكاملة للزوج، كثرة الإنجاب، حظر الإجهاض، عدم استخدام موانع الحمل، إجازة الزواج من الرضيعة ومفاخذة الصغيرة، وإن بدا دعاة السلفية رحماء، فلم يجيزوا الدخول بتلك الزيجات إلا بعد أن تتحمل الطفلة الوطء..“,”.
واللافت أن هذه القائمة من الأوامر والنواهي، تتبدى تحت ستار بطريركي يزعم الحفاظ على المرأة المسلمة، وهو ما يوضحه، على سبيل المثال، السلفي محمد حسّان، حين يحذر هذه المرأة من “,”المؤامرات التي تحاك لها في الليل والنهار، للزج بها في المستنقع الآسن.. مستنقع الرذيلة والعار.. بإغرائها دومًا.. وبكل السبل.. لإخراجها من دائرة تعاليم دينها الذي جاء ليضمن لها الكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة“,”.
يرافق هذا التشدد، قدر جليّ من العنف الرمزي الذي تخلل لغة هذا الخطاب، شفهيًا كان أو مدوّنًا، والبادي في عدوانية لفظية تتمظهر من تعابير قادمة تجاه الظواهر والأشخاص، وهي تعابير تخون احترام العقل والدين والأخلاق، وتكتنز بالإسفاف والبذاءة والسوقية والتفحّش، في ظروف يعاني فيها المشهد المصري من تزايد نماذج “,”الفشّار“,” و“,”الرغّاي“,” و“,”المهياص“,” و“,”الكلامنجي“,” و“,”البكاش“,”.
عبدالله بدر، إذن، ليس استثناء من جماع هذه النماذج، والمثل يقول: “,”ما كل من صفّ الأواني، قال أنا حلواني“,”!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.