أسعار ومواصفات بيجو 2008 موديل 2024    «السيستم عطلان».. رابطة مصنعي السيارات تكشف أسباب تكدس العربيات في الموانئ    بعد رفع سعر رغيف الخبر البلدي.. «التموين» تعلن مفاجأة للقطاعين العام والخاص (تفاصيل)    سعر جرام الذهب عيار 21.. لماذا يفضل المصريون التعامل به؟    أبو الغيط: ما حدث في العراق 2003 كان بداية خطط أمريكا لتغيير النظم العربية    وزير خارجية اليمن: القضية الفلسطينية على رأس أولويات القاهرة وصنعاء    ميسي على دكة منتخب الأرجنتين ضد بيرو في ختام دور المجموعات ببطولة كوبا أمريكا    7 معلومات عن الأميرة للا لطيفة.. حزن في المغرب بعد رحيل «أم الأمراء»    إعلام فلسطيني: الاحتلال يقتحم منطقة «كروم عاشور» بمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة    ياسر حمد يعلن رحيله عن نادي الزمالك    موعد مباراة إسبانيا أمام جورجيا اليوم الأحد 30-6-2024 في أمم أوروبا والقنوات الناقلة    عصام عبد الفتاح يكشف فضيحة تلاعب كلاتنبرج بالخطوط لصالح الأهلي    ندعم الإدارة.. الغندور يطالب الزمالك بتجاوز أزمة الانسحاب لمواجهة هذا التحدي    ملف يلا كورة.. مصير الشناوي.. انتصار الزمالك.. ونهاية مشوار موديست مع الأهلي    خبير تحكيمي يهاجم فيتور بيريرا بسبب أخطاء الحكام    عاجل.. 4 ظواهر جوية تضرب البلاد خلال الأيام المقبلة.. تقلبات في درجات الحرارة    عبر الموقع الرسمي للوزارة.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس (استعلم الآن)    عاجل.. لطلاب الثانوية العامة.. الأسئلة المتوقعة في امتحان الإنجليزي    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    بحضور جماهيري ضخم.. عمرو دياب يشعل حفله في الساحل الشمالي    محمد رمضان يُعلن تعاونه في فيلم سينمائي مع سعد لمجرد (تفاصيل)    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    من هو أول من وضع التقويم الهجري؟ ولماذا ظهر بعد وفاة الرسول؟    اعرف وزن وطول طفلك المثالي حسب السن أو العمر    الجيش الإسرائيلي يفجر ميدان الشهداء وسط مدينة رفح    حماس: ما ينقل عن الإدارة الأمريكية بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة يأتي في سياق ممارسة الضغوط    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يتفقد المجمع الطبي ومركز 30 يونيو    متحدث التعليم: شكلنا لجنة للوقوف على شكوى امتحان الفيزياء والتقرير في صالح الطلاب    عمرو أديب: مستقبل وطن يمتلك كوادر تنظيمية تستطيع تخفيف الأزمة الاقتصادية| فيديو    حكم الشرع في الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة.. الإفتاء تجيب    سفيرة الدنمارك بالقاهرة: أوروبا أكبر مستثمر وشريك تجاري في مصر    إصلاح خط مياه في الدقي وعودة المياه تدريجيًا ل5 مناطق    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    إعلام لبنانى: غارة للاحتلال الإسرائيلى على بلدة الطيبة جنوب لبنان    مدحت صالح يطرب جمهور الأوبرا بأروع أغانيه على المسرح الكبير    عاجل.. أحمد سليمان يكشف موقف الزمالك من التجديد لهذا الثلاثي.. وموقف زيزو من الرحيل    «لم آتي للجلوس بديلًا».. ياسر حمد يعلن رحيله عن الزمالك لهذه الأسباب    "طعنة بالصدر".. ننشر صورة المتهم بقتل سباك الوراق بسبب المخدرات    حقيقة تأجيل الضمان الاجتماعي المطور لشهر يوليو 1445    عمرو أديب ساخراً: غالبية الدول تغلق المحلات في العاشرة مساءً.. احنا عايزين نظام غير العالم    تأثير تغيرات الغدة الدرقية على الصحة بعد الولادة    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    أستاذ علوم سياسية: الدول المنادية بحقوق الإنسان لم تقم بدور مهم حول غزة    حدث بالفن| موقف محرج لمحمد رمضان وميسرة تكشف كواليس مشهد جرئ مع عادل إمام    "مفيش في جيبه غير 5 جنيه".. العثور على جثة شاب مجهول الهوية بالمنوفية    من هم المرشحون السبعة لانتخابات الرئاسة في موريتانيا؟    بعد اشتعال الموبايل في بنطلونها.. 4 أسباب تؤدي إلى انفجار الهواتف الذكية (احذرها بشدة)    أبرز حالات إخلاء سبيل متهم وظهور أدلة تلغي القرار    أحمد موسى يكشف موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة -(فيديو)    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التموين: سداد فارق تصنيع الخبز المدعم للمخابز البلدية    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    الأوقاف تعلن افتتاح باب التقدم بمراكز إعداد محفظي ومحفظات القرآن الكريم - (التفاصيل)    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكماء الفراعين وشبيبة المصريين
نشر في البوابة يوم 10 - 08 - 2018

شرعت فى الكتابة عن تلك الحوارات المتخيلة بين الشباب والشبان، وأرتأيت أن أبدأ بفلاسفة الفراعين – باعتبارهم المنبت التليد والمؤسس الحقيقى لأخلاقيات العقل الجمعى المصرى – فمن أقوالهم خرجت الأمثال والعظات التى دعمت العوائد والأعراف والتى شب عليها النشء.
فإذا بقلمى يستوقفنى كعادته ويطرح على حزمة من التساؤلات التى يغلب عليها روح التهكم تارة، والدعابة التى تهدف إلى تليين لغة الحوار تارة أخرى، على اعتبار أن ما سوف يأتى من حوار بين الشباب والشباب لم يقع بالفعل، بل هو من محض الخيال. أما مضمونه ومتن نصوصه فهى منقولة بأمانة من كتابات حكماء الفراعين وكذا ردود الشباب فهى مستنبطة من مواقفهم وتعليقاتهم ونقداتهم.
هل سوف تقدم مواعظ وإرشادات كتبت من آلاف السنين ليلتزم بها شبيبة القرن الحادى والعشرين، متجاهلًا بذلك تبعية القيم للثقافة التى تلفظها؟ وهل حكماء الفراعين – الذين سوف يجرون الحوار- قد أدركوا ما فيه الشباب الآن من أزمات وانتماءات وولاءات وأحلام ونقدات وسلطات وأيديولوجيات؟
فأجبت: أن الأصيل من القيم لا تبدله السنون ولا تغيره الأزمات، وسوف يتضح ذلك من الشذرات التى سوف نسوقها، فلن تجد فيها ثمة تعارض أو تناقض مع صريح المعقول أو الضمير الذى فطرت عليه السرائر، أو ما أيدته تجارب المجتمعات الآمنة التى نألفها الآن فى صور القوانين الضابطة لسلوك المجتمعات والحامية لحرية الأفراد بخاصة وحقوق الإنسان بعامة.
وسوف ندرك كذلك أن علة تمرد شبيبتنا على تلك القيم الأخلاقية ليس له مبرر معقول أو وقائع مادية تحول بين الفرد والانصياع لها.
ولما انتهى حوارى مع قلمى هممت بالكتابة:
فبدأت وقائع المحاورة باختيار جماعة الشباب واحدًا منهم لتمثيل آرائهم، وانتهوا إلى أن يكون ممثلهم هو الفيلسوف بتاح حتب (نحو 2500 ق.م) وعلى الجانب الآخر فضل الشباب أن يكون التساجل حرًا لمن يشاء منهم.
فبدأ بتاح حتب حديثه قائلًا (نعم الأبناء الذين يصغون إلى إرشادات آبائهم – ولاسيما تلك التى مكنتهم من بلوغ مآربهم وحققت لهم طموحاتهم، وجنبتهم كثيرا من المخاطر وساعدتهم فى اجتياز المعوقات - أم الأبناء الذين يستهزئون بخبرة الآباء فمصيرهم محفوف بالمخاطر لأنهم رفضوا الطريق الآمن ودفعتهم روح المغامرة للسير فى دروب مهلكة. فمن الغباء وصف الحكمة بالجهل، والفضيلة بنقيضها، والتجريب خير شاهد، ومن ثم لا يجوز جحود ما ينصح به المجربون).
فيعترض أحد الشباب قائلًا: إن الدروب الوعرة التى تحدثت عنها أيها الحكيم قد بدت فى عيونك كذلك لافتقارك للآليات والوسائل التى امتلكناها بروح المغامرة والإصرار والعلم الحديث، ومن ثم لا حاجة لنا للإصغاء والامتثال لمن يجهل معارفنا ومناهجنا، فلم يعد أمامنا فى ضوء العلم المعاصر ما ظننته أو ما اعتبرته مستحيلًا.
فابتسم بتاح حتب قائلًا: «لا تغتر بعلمك فالعلم أكبر من أن تحيط به، فهو بحر لا تدرك ضفتيه، وكتاب لا تعى ما بين دفتيه، فالعجول الأحمق هو الذى يزعم امتلاكه لفصل الخطاب».
واستأنف بتاح حتب كلامه: «اسمع يا بنى إذا عظم شأنك بعد وضاعة وأمسيت ثريًا بعد عوز واحتياج فلا تتنكر إلى ماضيك ولا تتعال على من كنت منهم، بل تذكر دومًا أن ما أصبحت فيه من نعمة من الله».
فاحتج شابًا عليه قائلًا: «إن ثرائى وعزتى بعد ذل وعوز ثمرة لم توهب إليّ، بل هى من صنع عملى واجتهادي، ومن ثم يجب علىّ أن أثأر من ذلك المجتمع والأرض التى احتقرتنى وضنت على شحًا».
ويقول بتاح حتب: «تعلم يا بنى أن الصدق تاج الفضائل، والورع جوهرها، والتواضع بنيتها، وأعظم التيجان هو الصدق مع النفس، وأنقى الجواهر مستمد من خشية الآلة، والكبر والغرور من معاول الهدم لا البناء، أما الكذب فعلة كل الرذائل».
فبادر أحد الشبيبة متهكمًا: «ماذا يجدى الصدق فى مجتمع تسوسه الخديعة، ويقوده النفاق، ويدين بالجور، خذها منى أيها الواعظ. أن الحق والصدق فى زماننا لا يأتى إلا على لسان الأقوياء والأثرياء وأصحاب الجاه والسلطان، وصوت الفساد بات هو الأعلى، وسوط الجبابرة أصم أذنيه عن حديث البلهاء المصلحين الذين اتخذوا من الحق دستورًا لهم».
فاعتدل بتاح حتب ومسك بكتف محاوره قائلًا: «يا بنى إنك تناقض نفسك، فكل ما تعانيه ما هو إلا نتاج جحود قومك وثقافتك للصدق، فهل يلام التاج اذا وُضع على رؤوس تستحق السفع، فلا يختلف عاقل على أن الصدق المعبر عن جوهر الحقيقة نور يبدد ظلمة الضلال ودواء قاهر لسلطة الكذب، وإن جحده الظالمون. فإياك أن ترغب عنه طمعًا فى خير ينفعك دون الناس، وحذارى أن تجعل دونه مداد قلمك فتضل به من يقرأون كتابك، وانج بنفسك قبل أن يتمكن الضلال من فؤادك ويسيطر النفاق على لسانك ويسجنك البهتان فى قلعة الإفك، فتغتر بمقامك وتنسى أنك مسجون وليس السجان».
وافطن إلى ما أقول، إن صوت الصدق خالد لا تسكته الدهور، وإن صرفت عصابات الكذب الناس عنه، وسرعان ما تتبدل طبائع الناس ولا يبقى إلا الحق، فهو ذات الإله وديدن الصدق، ولا يخيفك كثرة المهللين لسيادة الباطل إن حكم، فكن شجاعًا، فخير لك أن تحشر فى زمرة الحكماء وفى معية المصلحين، من أن تعيش ميتًا وسط الأراذل والدهماء وتتبوأ مكانك فى درك الجحيم.
وعاد القلم يحاورنى قائلًا: ماذا فعلت؟ وأى المكاسب جنيت؟ فالشباب لا تروق له حكمة الشباب، والحكماء يضحكون من جهل وكبر الشبيبة، فأجبته: الثمرة الحقيقية فى العرفان. فالخير كل الخير فى أن تحسن تنظيف المرآة وتزيل الغشاوة من الأعين قبل أن تصف هذا بالجمال وذاك بالقبح، فليس هناك أصدق من الواقع المعيش ليحتكم إليه من يقرأ ويعي.
ولحديثنا عن حكمة الفراعين بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.