أول ما يتعين علينا معرفته والقطع به في مجال الأدب الساخر أن هدفه ليس الإضحاك البحت، وأنه لا ينتج عن شخصيات خفيفة العقل أو سمجة الخلق، فالسخرية نفسها تختلف عن الفكاهة التي يقصد منها الترويح المجرد عن النفس وقتل الوقت دفعًا للملل، إن السخرية مواجهة بالكلمات وهجاء غير مباشر للموضوع الذي نسخر منه، وقد حاول ألفرد أدلر عالم النفس الشهير وتلميذ سيجموند فرويد أن يحلل السخرية أو يرجعها كانفعال مركب إلى الغرائز البسيطة التي تتكون منها فقال: "هي خليط من انفعالين هما الغضب والاشمئزاز؛ فنحن إذ تثور فينا غريزة النفور نشمئز، فإذا عدا الشيء الذي أثار اشمئزازنا على صفاء عيشنا من أية ناحية بعث فينا غريزة المقاتلة والانفعال المقترن بها وهو الغضب فدفعا بنا إلى السخرية مما بعث اشمئزازنا أو ممن أثاره في نفوسنا، ولا يخلو هذا من عنصر الزهو لأننا ننزع إلى الرضا عن أنفسنا عقب مطاوعة السخرية والانسياق معها.