مضى نحو ثلاثة وثلاثين عامًا على إصدار قانون 12 لسنة 1984 (قانون الري والصرف)، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، طرأت خلال الفترة الزمنية الأخيرة العديد من المتغيرات في مجال الموارد المائية والري، وتغيرت العديد من المفاهيم والنظم والتطبيقات في هذا المجال، وأضحت الدولة تواجه تحديات تفرض عليها المضي قدمًا في تلبية متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة ومواكبة تلك المتغيرات للارتقاء بالشأن المائي. ولعل في مقدمة تلك التحديات تناقص حصة الفرد من المياه في ظل ثبات حصة مصر من مياه نهر النيل والزيادة السكانية المطردة، وزيادة الطلب على المياه العذبة نظرًا لزيادة الاحتياجات المائية للزراعة والشرب والاستخدامات المنزلية والصناعية والملاحة وغيرها، وكذلك زيادة معدلات تلوث المياه السطحية والمياه الجوفية نتيجة الزيادة المطردة في النشاطات السكانية المختلفة، وتنامي ظاهرة التعدي على منشآت ومرافق وشبكات الري والصرف، مع تزايد الحاجة إلى ضرورة مجابهة جزء من الاحتياجات المائية المتنامية، إما عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي والصناعي المعالجة، وإما عن طريق التوسع في استخدام المياه الجوفية، ومياه الأمطار والسيول، والمياه المحلّاة وغيرها، علاوة على ظهور دلائل متعددة على بعض التغيرات المناخية، وانعكاس ذلك متمثلًا في بعض الظواهر مثل زيادة معدلات طغيان المياه وتآكل الشواطئ البحرية المصرية، والزيادة الملحوظة في دورات وكَميات مياه السيول والأمطار، مع تناقص مناسيب المياه الجوفية وتغير نوعيتها في بعض المناطق، وارتفاع دراجات الحرارة وازدياد فترات الجفاف وغيرها، بالإضافة إلى بزوغ تطبيقات حديثة للتكنولوجيا المتطورة في مجال الموارد المائية والري والصرف، سواء في أساليب التصميم والإنشاء أو الإدارة والتشغيل والصيانة، فضلًا عن تزايد الحاجة إلى زيادة معدلات تنفيذ مشروعات ونظم الري والصرف الحديثة على المستوى الحقلي؛ نظرًا لتدهور خصائص التربة الزراعية بما يهدد خصوبتها بسبب استهلاكها الزائد لزراعة أكثر من محصول على مدار العام. وفي ظل تدهور نوعية مياه الري وزيادة معدلات المخصبات والسماد الصناعي والمبيدات الزراعية، لذا كان من الضروري أن ينعكس ذلك على فلسفة وأهداف مشروع القانون الجديد للموارد المائية والري، والتي تتمثل في تعزيز إمكانيات تنمية والحفاظ على كل مصادر الموارد المائية وحسن استخدامها وعدالة توزيعها، وتأكيد أهمية الحفاظ على منشآت ومُعدات ومرافق وشبكات الري والصرف، وتفعيل وتعزيز إمكانيات مشاركة أجهزة أخرى من القطاع الخاص أو المشترك أو روابط مستخدمي المياه، للوزارة في تحمُّل مسئوليات إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة أجزاء من نظم وشبكات ومرافق الري والصرف وفق شروط محددة، من خلال استحداث بعض الأحكام في هذا الشأن، مع استحداث بعض المواد والأحكام لمعالجة وتحجيم الآثار السلبية لبعض الظواهر والمتغيرات في مجال الموارد المائية والري، وضرورة معالجة بعض السلبيات والتعقيدات القانونية التي ظهرت مع تطبيق القانون الحالي، علاوة على استحداث أو تشديد بعض العقوبات على مخالفة أحكام القانون؛ كوسيلة للحد من هذه المخالفات والتعديات وضمان حسن سير المرفق. وقال المهندس وليد حقيقي، المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية والري: إن مشروع القانون تضمَّن 125 مادة موزَّعة على عشرة أبواب، وقد رُوعي أن تكون مواد القانون شاملة ومتوازنة ومحققة للهدف من القانون، وهو إدارة وتنمية الموارد المائية وعدالة توزيعها بما يحقق التنمية بكل أوجهها، خاصة التنمية الزراعية، بما يلبي طموحات ومصالح جميع العاملين بالنشاط الزراعي من مُلاك وحائزين ومستأجرين وغيرهم، على النحو التالي: (الباب الأول) الموارد المائية والأملاك العامة والأعمال الخاصة ذات الصلة بها، (الباب الثاني) حقوق الانتفاع بمصادر وطرق الري والصرف الخصوصية، (الباب الثالث) في توزيع المياه، (الباب الرابع) في روابط مستخدمي المياه وتطوير وتحسين نظم الري والصرف، (الباب الخامس) ري وصرف الأراضي الجديدة، (الباب السادس) حماية مجرى نهر النيل وجسوره، (الباب السابع) المياه الجوفية، (الباب الثامن) حماية الموارد والمنشآت المائية والشواطئ، (الباب التاسع) في العقوبات، (الباب العاشر) في الأحكام العامة والختامية.