لا رائحة تعلو فوق صوت الاسماك المملحة في شم النسيم، ففى الشرقية تشهد المحال استعدادات ضخمة بمناسبة قرب قدوم «شم النسيم» حيث تشهد محال بيع الاسماك زحامًا شديدًا من جانب المواطنين في ظل تحذيرات وزارة الصحة من عدم تناول «الرنجة» و«الفسيخ» إلا أن المواطنين ضربوا عرض الحائط بتلك التحذيرات حرصًا على ممارسة طقوس الاحتفال بهذا اليوم. كما تلاحظ ارتفاع أسعار هذه المنتجات عما كانت عليه في الأعوام الماضية ليصبح سعر الفسيخ المملح 90 جنيهًا بدلًا من 70 جنيهًا للكيلو الواحد، فيما بلغ سعر الرنجة المدخنة 40 بدلًا من 34 جنيهًا. أما في كفر الشيخ فتشتهر بصناعة الفسيخ المملح نظرًا لتمتعها بوجود 118 كيلومترًا تطل على سواحل البحر المتوسط، ووجود 85 ألف كيلو من بحيرة البرلس و250 ألف فدان مزارع سمكية و3 مدن ومراكز تطل على نهر النيل، وهى «فوه» و«مطوبس» و«دسوق»، ويوجد بها قرابة ال300 معمل لتصنيع الاسماك المملحة، والتي تحظى بشهرة واسعة وطعم مميز نتيجة الخبرة والدقة في صناعة الفسيخ، والذي كان يهدى في المناسبات لعلية القوم، ووصلت به الحال أيام الرئيس المخلوع كان يقدم كرشوة في شم النسيم والأعياد. يقول على القلماوى كبير عائلة القلماوية بسيدى سالم أحد أشهر العائلات في صناعة الفسيخ «نحن نتحسر على أيام زمان قبل ثورة يناير»، وبسؤاله عمن هم الذين يترحم على أيامهم، قال: باشوات وبهوات النظام القديم حيث كان أعوانهم في كل مكان يقومون بشراء كميات كبيرة من الفسيخ النيلى والبحرى، كان يتم حجزه لكبار رجال الدولة كهدايا من أصحاب النفوذ بكفر الشيخ من أعضاء مجلس الشعب ورجال الأعمال، وكانت تأتى سيارات نصف نقل تقوم بنقله لوزراء ومحافظين، لدرجة أن أحد رجال الأعمال الكبار كان يشترى طنًا ونصف الطن في المرة الواحدة، وكذلك يوجد أحد رجال الأعمال من الجيزة اشترى العام السابق للثورة 800 كيلو على حد قوله. ويقول محسن صقر «فسخانى»، كان يهدى في السابق لكبار رجال الدولة والشخصيات العامة مثل رؤساء وعمداء وأساتذة جامعات كانوا يطلبونه قبل مناقشة رسالات الماجستير والدكتوراه، وكان نصيب الشخصية من هؤلاء يتراوح بين 5 كيلو و20 كيلو على حسب مكانته ومنصبه، وكانوا يشترطون أن يكون الفسيخ إما من بيلا أو سيدى سالم من القلماوى، أضاف بأن أصحاب تلك المحال كانوا يقومون بعمل عروض في تلك المناسبات ويقومون بالاتصال قبلها بمدة لحجز الكميات من الفسيخ الفاخر الذي كان يتراوح حجم السمكة به من نصف كيلو إلى كيلو، إضافة إلى البطارخ المملحة، وأكد أنه في إحدى المرات وصلت فاتورة شراء الفسيخ إلى 70 ألف جنيه، وأن بعض الوزراء كان يطلب كميات تصل إلى 300 كيلو لإهدائها لأولاده وأسرته ومعارفه، وكانوا يتفاخرون بأن الفسيخ من كفر الشيخ. وبعيدًا عن علاقة الفسيخ بالسياسة فيتراوح حاليًا سعر الفسيخ بكفر الشيخ ما بين 40 و100 جنيه، وأحيانًا يصل ل140 جنيهًا للفسيخ الفاخر. أما في المنصورة فقد سجلت الأيام الأولى قبل بدء شم النسيم ارتفاع الطلب على الفسيخ على الرغم من تحذيرات وزارة الصحة والفضائيات من الإفراط في تناوله حيث شهدت محال مدينة المنصورة ازدحامًا شديدًا على محال بيع الفسيخ، وتراوحت الأسعار بين 40 إلى 80 جنيهًا طبقًا لأحجام ونوع الفسيخ بين «البلدى» والأنواع الأخرى. عبد الحميد إبراهيم مصطفى أشهر بائع فسيخ بحى «ميت حضر» بالمنصورة، وهو أيضا رئيس شعبة الاسماك بمحافظه الدقهلية، وتوارث هذه المهنة أبا عن جد موضحًا أن الفسيخ يأتى بورى خام من أجود أنواع الاسماك من المصدر ( بحيرات مزارع)، ويترك يوم ثم يتم تخميره وتصفية دمائه وتجهيزه لصناعة الفسيخ. أكد أن عملية التفسيخ الصحيحة عملية معقدة، ليس هناك أشخاص كثيرون يقومون يها، وأن أنواع الاسماك التي يتم تفسيخها هي (بورى طوبار - قطع )، ولكن النوع الممتاز للفسيخ هو السمك البورى، وأن الأسعار تبدأ من 40 جنيهًا للكيلو وتصل إلى80 جنيهًا، ومؤكدًا أن زيادة سعر الاسماك هذا العام نتيجة لارتفاع سعر الدولار، وسعر الاسماك والأعلاف وأن الإقبال جيد هذا العام، وكشف أنه ومعظم التجار تحت رقابة وزارة الصحة، ويتم أخذ عينات لتحليلها. وقال إنه يبيع كميات كبيرة في أسبوع شم النسيم، وأضاف أن الملوحة تأتى من الصعيد، ولا يقوم بشرائها وأسعار السردين تتراوح بين 20 إلى 25 جنيهًا للكيلو، والذي يتم شراؤه من عزبة البرج التابعة لمحافظة دمياط ومن بورسعيد ومن السويس، ويتم عمل السردين بخلط ملح على السمك ويترك لفترة في الماء المخصص له، ويتم وضعه مملحًا في البراميل، أما الرنجة فسعرها 25 جنيهًا لكيلو، وأجود أنواعها هو الهولندى، ووضح أنه يتم تصنيعها في مصانع خاصة.