مع بداية العام الدراسي الجديد.. تشغيل وصيانة 46 مدرسة في قنا    وزير التعليم العالي يشهد حفل ختام المؤتمر الأول للاتحاد الرياضي المصري للجامعات    وزير الاستثمار يشارك في اجتماع موسع مع مسؤولي مؤسسة Jefferies المالية العالمية    إطلاق الحملة القومية لتحصين الأغنام والماعز ضد طاعون المجترات الصغيرة    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    مع قرب انتهاء فصل الصيف.. فنادق الغردقة ومرسى علم تستقبل آلاف السياح على متن 100 رحلة طيران    وزيرة التنمية المحلية تعلن استمرار معارض أهلا مدارس بالمحافظات    محافظ المنيا: مكتبى مفتوح لكل مستثمر جاد لزيادة معدلات التصدير    الدفاع الروسية: أوكرانيا خسرت 300 جندي على محور كورسك خلال يوم    وزير الداخلية اللبناني: نبذل جهودا مضاعفة لتأمين احتياجات المواطنين    الهلال الأحمر العراقي يرسل شحنة من المساعدات الطبية والأدوية إلى لبنان جوًا    تشيلسي يكتسح وست هام بثلاثية في البريميرليج    السيطرة على حريق ب4 منازل بمركز ساقلتة بسوهاج    المرض الغامض في أسوان.. وزير الصحة يكشف محاور رصد العدوى    خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية في الفيوم    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    «بكره أحلى بينا» مع «أولادنا»    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    رئيس الوزراء: صناعة الدواء في مصر تاريخية وعملاقة    إجراء 7955 عملية جراحية بنسبة 98% من قوائم انتظار مستشفيات سوهاج الجامعية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    منتدى شباب العالم يشارك في «قمة المستقبل» بنيويورك بعد حصوله على اعتماد خاص لتعزيز دول الشباب في القضايا الدولية    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    أنغام تُشغل حفل البحرين.. والجمهور يعلق: «أنتِ صوت الطرب العربي وكوكب الشرق والكون كله»    بسبب محاولات اغتيال ترامب .. جهاز الخدمة السرية الأمريكي في مرمى الاتهامات | فيديو    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    عمرو الفقي يوجه التحية لصناع مسلسل برغم القانون    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوى الهمم بمنازلهم فى الشرقية    الرعاية الصحية تطلق "مرجعية" لتوحيد وتنميط البروتوكولات الإكلينيكية للتشخيص    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    أم تحضر مع ابنتها بنفس مدرستها بكفر الشيخ بعد تخرجها منها ب21 سنة    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    ميدو يوجه رسالة خاصة لجماهير الزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    تغييرات بالجملة.. تشكيل الأهلي المتوقع أمام جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر القبطي ومدرسة الإسكندرية اللاهوتية
نشر في البوابة يوم 23 - 03 - 2016

أبدأ بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية، التي نشأت في القرنين الثاني والثالث الميلاديين والتي كانت مدرسة تعليم المبادئ المسيحية، وهى أقدم وأهم مؤسسات تعليم اللاهوت في السنوات الأولى لظهور المسيحية، وأخذ أعضاء هذه المدرسة على عاتقهم مسئولية بلورة المنظومات الأولى للاهوت المسيحي، ووضع العديد من الشروح للكتاب المقدَّس. ولم تكن هذه المدرسة قاصرة فقط على علوم اللاهوت، بل كانت بمثابة الكلية التي تُدّرس فيها معارف مختلفة من إنسانيات، وفلسفة، وعلوم، ورياضيات، وإن كانت الأولوية فيها لقواعد الإيمان والعقيدة.
ونتيجة لذلك التنوع حدث توفيق بين الإنجيل والفلسفة اليونانية القديمة بصورة كبيرة، فخرج من الإسكندرية أعظم المدافعين عن الإيمان المسيحي، ومن ضمن آباء مدرسة الإسكندرية العلامة بانتينوس، والذي له دور خاص كمصدر ثقة في شئون التفسير وترجمة الإنجيل إلى اللغة المصرية، وحدد الخطوط العريضة في اللاهوت الإسكندري المبكر في مبدأين، أولهما: الالتزام بتقليد الشيوخ أو القسوس، وثانيهما: استخدام كل أدوات التعبير الأدبية والفلسفية الممكنة لشرح الإنجيل وشرح التعليم المسيحي.
وإضافة إلى بانتينوس نجد كلمنضس السكندري (150م)، والذي استعمل الفلسفة كأداة لشرح الإيمان، ومن أهم قضاياه أن المعرفة والإيمان لا يتضادان، وأن المسيح هو نهاية كل فلسفة ونبوة، وغاية الخلاص والإيمان. وفضلًا عن هؤلاء كان هناك من دافع عن الإيمان المسيحي وشرح اللاهوت في القرون الأولى وهو العلامة أوريجانس الإسكندري، والذي يعد تلميذًا للفيلسوف بانتينوس الإسكندري، والذي استخدم المنطق والفلسفة كوسيلة لشرح الإيمان، وهناك أيضًا العلامة ديديموس الإسكندري (313 - 398م) ودفاعه عن اللاهوت.
وغير هؤلاء كان هناك عدد من المدافعين والمفسرين للعقيدة المسيحية وللإيمان المسيحي وخاصة القدِّيس أثناسيوس الرسولي (296 - 373م) كاروز الديار المصرية، والذي حفظ وحمى الإيمان المسيحي من الهرطقات المتعلقة بطبيعة المسيح، وكان يرى أن الأرثوذكسية عليها أن تشرح الإيمان بالإقناع وليس بالقوة، وقد كتب عنه العالم دين ستانلي (1815 - 1881م) "أن أثناسيوس يُحسب أكبر لاهوتي زمانه، وأيضًا لكل العصور والأجيال؛ ولهذا حاز على لقب "الكبير"من كل العالم وعلى المدى.
ولقد كتب هؤلاء وغيرهم باللغة اليونانية ولكن مع انقسام الكنيسة بعد مجمع خلقدونية عام(451م) فقد اللاهوت الإسكندري ملامحه وشهرته، وانتقلت مدرسة الموعوظين المشهورة من الإسكندرية إلى آسيا الصغرى، ومع اضطهاد الأقباط على يد الأباطرة البيزنطيين الموالين لمجمع خلقدونية، أصبحت الأديرة، وعلى الأخص دير القدِّيس الأنبا مقار، مركزًا للاهوت القبطي وتحولت لغة اللاهوت من اللغة اليونانية إلى القبطية، كما حدث انقسام أدَّى إلى انفصال مصر عن كثير من التطورات اللاهوتية اللاحقة التي حدثت في الكنيسة البيزنطية، وخاصة بعد الفتح العربي عام(642م).
وكانت الكتابات اللاهوتية القبطية في أوائل القرون الوسطى أقل اهتمامًا باللاهوت والعقيدة، وأكثر اهتمامًا بالخبرات الروحية، حيث تميل إلى روح مُحافظة، ولا تعطي صورة لاهوتية كاملة لهؤلاء الآباء، بل مجرد نقل خبرات وعظات.
وبعد الفتح العربي الإسلامي أصبح الأقباط تحت مظلة الحكم العربي، وقد حافظوا على تراث أجدادهم، كما نَظَرَ إليهم الحكام العرب وجيرانهم المسلمون بكل تقدير واحترام، ومن ناحية أخرى اندمج الأقباط كعنصر إيجابي فعال في نسيج الأمة العربية الإسلامية مع الحفاظ على هويتهم الدينية وتراثهم العريق. فضلًا عن ذلك بدأ المسيحيون يُقبلون على اللغة العربية لغة أساسية لهم، ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من علوم اللاهوت القبطية، وبدأ احتياج التعليم المسيحي إلى اللغة العربية؛ حيث بدأت اللغة القبطية في الاندثار في مصر، ووضعت ترجمات من القبطية إلى العربية لنصوص آبائية، وبدأ التبادل الفكري مع مسيحيين آخرين في بلاد الشرق الأوسط.
وكان نتاج كل العوامل السابقة هو تحديد الإطار العام لشكل ومضمون اللاهوت المتوارث للكنيسة القبطية، وأصبح العامل المشترك لهذا الحوار هو اللغة العربية المتأثرة بالفلسفة الإسلامية من ناحية، ومن ناحية أخرى بالفلسفة الأرسطية
وفى النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت أولى خُطى الإنجيليين على أرض مصر، بعد أن قاموا بثورة الإصلاح في أوروبا منذ القرن السادس عشر. ومع توقف كتابات اللاهوت القبطي بعد القرن الرابع عشر انفتحت مصر على الغرب، وجاء إليها كثير من المبشرين من كل الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية، وبما أتت به حركة الإصلاح من لاهوت غربي. وكان تأثيرًا واسعًا، ولكن مع النصف الأخير من القرن التاسع عشر ظهر رد فعل أرثوذكسي ضد هذا التأثير، تمثَّل في كتابات لاهوتية قبطية دفاعية جدلية الشكل مع الكاثوليك والبروتستانت. والى جانب هذا الدفاع عن التقليد القبطي الأرثوذكسي، بدأ ظهور حركة مدارس الأحد في الأربعينيات من القرن العشرين، وهو العامل الثاني وراء النهضة القبطية.
ثم ظهرت قوى أخرى مختلفة دافعة للإصلاح؛ عملت على إعادة حركة إحياء للرهبنة وروادها الأوائل في القرون الأولى كالقدِّيس أنطونيوس والقدِّيس مقاريوس، فجاء الأب عبد المسيح الحبشي وغيره للمناداة بالتغير الجذري، فجذبوا أتباعًا؛ لإحياء حياة الرهبنة في العصور الأولى وأُيدت هذه الحركة باختيار البابا كيرلس السادس البطريرك للإسكندرية، والذي كان تلميذًا للأب عبد المسيح الحبشي، واستطاع بمساندة الرئيس جمال عبد الناصر أن يُقوي موقف الكنيسة بصفة عامة والرهبنة القبطية بصفة خاصة.
وهكذا نجد أن وصول البعثات التبشيرية الغربية إلى مصر هو الذي حفز الكنيسة القبطية على استعادة زمام المبادرة، والقيام بعدة إصلاحات جذرية، كان لها نتائجها الإيجابية. ومن أشهر رواد الكنيسة القبطية المعاصرين الأب متى المسكين والبابا شنودة الثالث، واللذان انخرطا في الأبحاث اللاهوتية ودراسة آباء الكنيسة وقد حمل هذا اللواء الآن قداسة البابا تواضروس الثانى رمز التنوير والانفتاح على الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.