نائب رئيس مجلس الوزراء: انتهاء أعمال تطوير برج الزقازيق للقطارات الشهر الجاري    مئات الآلاف يتظاهرون ضد نتنياهو في تل أبيب.. والشرطة تعتقل عددا من المستوطنين    مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال وفلسطينيين في طولكرم    الدفاعات الجوية الروسية تصد هجوما أوكرانيا بالمسيرات على عدة مقاطعات    قلق أمريكي من قرار نتنياهو توسيع العملية العسكرية في لبنان    رضا عبد العال: أتمنى مشاركة هذا اللاعب مع الزمالك ضد الأهلي    عمرو أديب يوجه رسالة صادمة إلى الأهلاوية    وزيرة التضامن تعزي والدة ضحايا حادث قطاري الزقازيق وترافقها لإنهاء تصاريح الدفن    السيطرة على حريق بمصنع بالفيوم.. وإصابة 5 مواطنين    «السبكي» يحسم الجدل بشأن عرض فيلم الملحد.. ماذا قال؟ (فيديو)    الذكرى العطرة لمولد خير البرية    حسام المندوه يتحدث عن.. إيقاف قيد جديد للزمالك.. حقيقة "الكنز".. وصفقات أخرى    وزيرة التضامن تعزي والدة ضحايا قطاري الزقازيق وترافقها لإنهاء إجراءات تصاريح الدفن    وفاة شخصين وإصابة آخر في حادث تصادم سيارة ودراجة نارية بالفيوم    مدحت شلبي يكشف خطة الزمالك لخطف صفقة الأهلي    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 اليوم الأحد 15 سبتمبر 2024    الغندور: كولر استقر على تشكيل الأهلي وهناك تفكير في مركزين    سعر الجمبري والسبيط والسمك بالأسواق اليوم الأحد 15 سبتمبر 2024    عضو حركة فتح: حكومة إسرائيل تريد إزاحة الشعب الفلسطيني وحماس والسلطة الوطنية    انخفاض في أسعار الدولار الشهرين المقبلين.. تفاصيل    بشرى سارة للعاملين بجامعة القاهرة.. صرف مكافأة 1500 جنيه استعدادا لبدء العام الجامعي    وزيرة التضامن توجه بتقديم الدعم المناسب لضحايا حادث قطاري الزقازيق    مصري يتقلد منصبا رفيعا في وزارة العدل الليبية لسنوات بجنسية مزورة    خبير اقتصادي يكشف عن إنفاق الدولة رقما كبيرا في دعم الصادرات    أنتظر مكالمة من شخص بعيد.. توقعات برج القوس اليوم الأحد 15 سبتمبر    عبد الرحيم كمال والعوضي.. نجوم الفن يهدون تكريمهم للمنتجين الأربعة من مهرجان الفضائيات العربية    علي الحجار: محمد منير قادر على هزيمة المرض وتخطي الوعكة الصحية    حمدي السطوحي: بيت المعمار المصري يلعب دورًا فعالًا في تنمية الثقافة المعمارية    حدث بالفن| أسماء جلال تعلن عن مفاجأة مع ويجز وملحن يهاجم عمرو مصطفى ووفاة ممثلة كبيرة    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء واستقرار كرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 15 سبتمبر 2024    للمقبلين على الزواج.. استشاري تغذية يكشف أكثر أنواع الحلل أمانًا    مش لاقي دوايا.. خيري رمضان يرد على تصريح استهلاك الأدوية: ماحدش يعاير المصريين بمرضهم    يعاشر خادمته.. أول تحرك من وزير الأوقاف ضد إمام واقعة كمبوند القاهرة الجديدة    الوفد: سنقدم تعديلاتنا بشأن "الإجراءات الجنائية" بالجلسة الأولى بدور الانعقاد الخامس    استمرار الانخفاض التدريجي في درجات الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأحد    مصرع شابين صدمهما قطار بطوخ    غرفة شركات السياحة: موسم العمرة الرسمي لم يبدأ.. والأسعار تبدأ من 30 ألف    القانون يلزم بإعادة توزيع المعاش بين المستحقين في حالتين.. اعرف التفاصيل    متحدث الزمالك: ملف بوبيندزا بالشؤون القانونية.. وصفقات أخرى فى الطريق    بمساعدة العارضة.. ريال مدريد ينتصر على ريال سوسيداد    محمد حمدي: أجيد اللعب في عدة مراكز.. وطموحي الفوز مع الزمالك بكل الألقاب    ملخص وأهداف مباراة ريال سوسيداد ضد الريال في الدوري الإسباني    كامل الوزير: ننتظر تحقيقات النيابة فى حادث قطارى الزقازيق    مين فين؟    فلسطين.. مستعمرون يقتحمون البلدة القديمة من الخليل    السلطات تحتجز المئات بعد احتجاجات مناخية في هولندا    سفير مصر بكينشاسا يُشارك في جلسة «للخلوة» تعقدها مجموعة أصدقاء نزع السلاح والتسريح    رئيس جامعة الزقازيق: توفير كل سبل الرعاية الطبية لمصابي حادث قطاري الشرقية    كنز غذائي.. تعرف على فوائد الفول السوداني الصحية    في فصل الخريف.. 8 أعراض للإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية الحاد    رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر يشارك في احتفال اليوبيل الذهبي لمجلس كنائس الشرق الأوسط    محافظ كفر الشيخ يشهد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في مسجد الخياط    بالصور.. أوقاف كفر الشيخ تحتفل بالمولد النبوي فى مسجد إبراهيم الدسوقى    100 ألف جنيه.. التضامن: حصر ضحايا حادث قطاري الزقازيق لتعويضهم    كيفية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ؟ الإفتاء تجيب    جامعة حلوان تستقبل محافظ القاهرة لتعزيز التعاون المشترك    الإفتاء تحسم حكم الموسيقى: النبي سمع الدف ولم ينكره.. والآلات الموسيقية ليست حراماً في حد ذاتها    تهنئة المولد النبوي 2024.. أجمل العبارات في مدح النبي (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر " أحمد الشهاوى" : أتمنى ألا يغضب الله علىَّ فيسحب منى الشعر!
نشر في البوابة يوم 24 - 09 - 2013


- الصحافة جعلتني شاعراً جارحاً صارماً
- أنا لا أتبع مذهباً أو مدرسة، أنا أتبع مزاجي و خريطتى
- أنا شاعر يقرأ أكثر مما يكتب
- الشهرة وحدها لا تجعل الشاعر مبدعاً
- امتهنت الصحافة لأتقرب من النص الشعرى
- ركاكة الترجمة أساءت للروائيين والشعراء المصريين
- لدينا عقدة في الثقافة العربية فيما يتعلق ب“,”الانسحاق“,”
الشاعر أحمد الشهاوي واحد من الشعراء الكبار في العالمين (العربى و الغربى)، تربى في بيت صوفى كانت له بصمته على شعره تأثر بقراءاته لابن عربى والسهروردى .. فكانت التجربة الصوفية أو الرافد الصوفى محور ارتكاز أصيل فى تكوين شخصيته الإبداعية.. فقده لأمه جعله عاشقاً للمرأة مقدساً لها ،لم يتبع مدرسة أو مذهبا بل مزاجه وخريطته الخاصة به. كانت بعض دواوينه مثار جدل كبير وانتقاد من رجال الدين والعلماء.. الشهاوى يرى أن بعض العقول في المؤسسات لم تنشأ على احترام التراث فسرق وبيع على الأرصفة.. الشهاوى يرى أن الشهرة بمفردها لا تنتج مبدعاً جيداً ، معترفاً بأن الصحافة أفادته ليكون جارحا صارما في شعره .. في حواره ل “,” البوابة نيوز“,” اتهم المترجمين بالإساءة وتشويه كتابات روائيين وشعراء كبار .. متمنيا ألا يغضب الله عليه فيسحب منه شعره .. وإلى نص الحوار...
- الحس الصوفى ربما يعد مفتاح التجربة الشعرية لدى أحمد الشهاوى، لكنَّ متأمل هذه التجربة يدرك – منذ الوهلة الأولى - مدى تفرد صوتها...فإلى أى مدى أراد الشهاوى أن يحفر و يطوّر فى مساحة التجربة الصوفية ؟
· أنا أتعامل مع الشعر بمنطق العفوية و الأسلوب التلقائي؛ بمعنى أننى لست “,” ساذجا“,” و لكنى أحاول أن أكون هذا الفلاح القادم من القرية بفطرة و عفوية و بساطة أنشد أن تكون عميقة، أنا لا أتعمد أن أحفر أو أكون مغايراً، فالشاعر لا يتعمد شيئاً، و الشاعر عندما يحاول أن يتعمد أو يتكلّف أو يسلك سلوكاً معيناً به قصدية سيبتعد عن الشعر ، و بالتالى الشعر سيبتعد عنه، أنا من قرية كانت تحتفى بالموالد و الطقوس الصوفية و الطوابع الشعبية، و بعد ذلك دخل الإخوان و السلفيون على الخط و منعوا هذى الموالد و الاحتفالات، وكانت هناك مدارس صوفية عديدة بالقرية، فضلاً عن أننى ابن أسرة صوفية أزهرية، الدين فيها هو الأساس، والقرآن الكريم بالتحديد. فالقرآن الكريم هو الكتاب الأول ليس كنص دينى، لكن كنص لغوى و مُعْجِز، وهذا ما جعلنى أمشى طوال الوقت فى شعرى و منجزى بالقرآن، وهناك بعض الأصدقاء دائماً يقولون أن أحمد شيخ تقليدى ، فالفكرة كيف تجعل من كتاب كلاسيكى - مع العلم أن الكلاسيكية هنا لا تعنى القدم بل إنه كتاب أساس، من الكتب الأمهات الأساسية في الثقافات كافة، و ليس فقط في الثقافة الدينية الإسلامية - كتاباً جديداً يُمكنك أن تستلهم و تفيد منه و توظف، فأنا أتعامل مع صوره و أخيلته و بلاغته و تكويناته و جمله وأتامل ما هو اسمى و فعلى، لذلك أعيش دائماً بشكل جيد معه من خلال حالتى تماهى و مساءلة.
خرجت من القرية التى كنت فيها شاذلياً نسبةً إلى الطريقة الشاذلية، و كذلك الطقوس الرفاعية و كانت الأشياء السحرية تُفعل أمامى و أنا طفل، عندما يصطاد الرفاعى الأفاعى من الجرار، فكل هذه الطقوس التى عشتها بشكل يومي أثناء حياتى بالقرية، حاولتُ أن أنقلها بتلقائية و بساطة، حدثت نقلة بعد ذلك من بعد تخرجى فى الثانوية العامة بأن تعرفت إلى المتصوفة الإشراقيين مثل : عبد القادر الجيلانى، أبو اليزيد البسطامى، محى الدين بن عربى، الحلاج، السهروردى، ابن الفارض، ذو النون المصرى و غيرهم، تعاملت هنا مع نص آخر؛ بمعني الانتقال من التصوف السنى (البصرى) إلي التصوف الإشراقى.
أشد ما يضحكنى أيضاً هو هذا المسمى ب“,”الغزو الثقافى“,”، وهنا أيضاً يقول بعض الكتاب والمسئولين كلمات ربما لا يدركون معناها، فقد تسمع أنه لابد من مقاومة هذا الغزو الثقافى، فعندما تقرأ أنت عشرين رواية باللغة اليابانية، أو عشرين كتاباً في الفلسفة الألمانية، أو شعراء من أي لغة، ما الغزو في ذلك! و أنا أقول إنه لابد من هذا التلاقح و التواصل بين الثقافات المختلفة، و نحن لدينا عقدة في الثقافة العربية فيما يتعلق ب“,”الانسحاق“,”، ما دام كان هناك شاعر من لغة أخرى، فأنا أعده سماء الشعر، و أن كتاباته هي المثالية، و يجب أن أحذو حذوه، و للأسف الشديد هذا أفقد أجيالاً كثيرة عملية التواصل بشكل صحيح مع إرثها العربى من التصوف و الشعر و ما إلى ذلك.
- ما حدود التجربة الصوفية عند شاعرنا أحمد الشهاوى ؟ هل اقتصرت على المعجم الصوفى أو النسق التعبيرى فقط ، أو أنها استدعت بعض الرموز و الشخصيات الصوفية ؟ و هل كان يفكر شاعرنا في مزج تلك الحالة من العشق الروحى بالمادى ؟
· التجربة الصوفية أو الرافد الصوفى أساسيان فىَّ كشخص، بعيداً عن الشعر أنا شخص تستطيع أن تحدد روافده أيضا في الموسيقى و في الفن التشكيلى، فأنا قد رأت عيناى مئات الآلاف من اللوحات في العالم من لحم و دم و أصول في كل أسفارى، فعندما أذهبُ إلي (الجاليرهات) و متاحف الفن التشكيلى بشكل منتظم و ثابت، يهمنى ما تجمع كل مدينة و ما تحويه من فن، و ما يخلفه السفر من تراكمات وخبرات، وكنت أحرص على قراءة من هم مهمشون ومغمورون، و لم أتوقف عند الأعلام الذين صدّرهم لنا الغرب على مدار التاريخ.
و عندما أذهب إلي معرض الكتاب، فإنى أحن إلي مصادرى، كما أن الفلسفة هى أساس عندى فى التجرية، و لذلك عليك أن تعرف أن الاتكاء على كل ما هو نظرى في الشعر فقط لن يفيدك. فأنت الآن مواطن كونى نتيجةً لما خلفته العولمة، فطوال الوقت لدى اعتقاد يصل إلى درجة اليقين، بأن كل إنسان يمشى على الأرض هو صوفى في ليلة من الليالى، في نهار من النهارات خلال أوقات التجلى و الإشراق، و هذا يحدث عادةً في الموت و العشق. قد تجد امرأة لا تقرأ أو تكتب و تصدر عنها أفعال و تعبيرات تصل بها إلي درجة من التشوّف و البصيرة في العشق، فالشاعر عندما يصل إلي هذه المرحلة من الإشراق و التجلى يتحول إلى صوفى، يكتب ذبذبات روحه و تعاليم جسده و أسراره التي لا يريد من العوام أن يعرفوها، و الإنسان هو عبارة عن خريطة مجهولة، و لذلك في حياة كل شاعر هناك تجارب تشكل قفزات هامة في المراحل الشعرية، و قد يحرق هذه المراحل في سنة واحدة أو ديوان واحد. و قد يُنهي شاعر هذه التجربة و يتوقف عن كتابة الشعر، ثم يعود للكتابة مرةً أخرى، و خذ مثالاً (محمد عفيفى مطر) الذى أعادته تجربة السجن إلى الشعر مرةً أخرى.
أنا لا أتبع مذهباً أو مدرسةً، أنا أتبع مزاجى و خريطتى، و تجدنى طوال الوقت أحنُ إلى أماكنى الأولى الحميمية، وبخاصة التي تربيت و نشأت فيها. أعتبر أن المكان بالنهاية هو إنسان. ربما أقول إن أسفارى إلى بيئات - قد تكون متباينة و متناقضة أيضاً- أفادتنى كثيراً؛ بمعني أن ترحالى إلي دول جديدة علينا بأمريكا اللاتينية على سبيل المثال: جواتيمالا، نيكاراجوا، بنما و غيرها، عرفنى بمئات الشعراء و الأصدقاء.
- هل تري أن الشهرة فقط – بعيداً عن الإبداع و عوالمه المتوترة - كفيلة بصنع شاعر مبدع حقاً؟
· الشهرة لا تخلق أو تصنع شاعراً، فهى عند أهل المهنة تأخذ من الشاعر؛ لأنها تجعله معظم الوقت خارج النص ، و الشعر عمل فردى و ليس جماعى؛ ولذلك كل جماعات الشعر فى مصر توقفت، و لا أريد أن أقول سقطت، و تبقى منها أشخاص لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة ، بما فيها جماعتا “,”إضاءة 77“,” و“,”أصوات“,”.
ليس كل شاعر شهير هو شاعر جيد، وهناك من يحالفه الحظ و يجمع بينهما، أما الشهرة فتأتى لأسباب كثيرة، أنا أحد صناع الشهرة؛ بمعني أنا رجل صحافة و أعرف كيف تُصنع الشهرة، و كيف تسهم فى صناعة النجوم، التاريخ ربما أيضاً يخبرك أننى لم أنشر نصاً واحداً بالأهرام، و المرة الوحيدة التي نشرت فيها كنت خارج الأهرام. “,”داخل الأهرام أنا صحفى، خارج المبنى أنا (أحمد الشهاوى) الشاعر“,”. الصحافة أفادتنى كثيراً في التكثيف، الحذف، الإيجاز، التركيز، و محاولة أن أكون شفيفاً و جارحاً و صارماً كوضوح القصيدة لا وضوح البيان.
بالتأكيد عندى علاقات كأي إنسان، قُدّر له أن يكون شاعراً. و أقول إذا كانت هذه العلاقات تنفعنى بين أهل البيت، فكيف بها تنفعنى أمام لغات أخرى كالإنجليزية، الفرنسية، الإسبانية و غيرها. عليك أن تحمل شعرك لا علاقاتك، و للأسف هناك شعراء في مصر كبار، و لم يسافروا بلداً واحداً، و لم تحظ أعمالهم بالنشر في الخارج أو الترجمة، ناهيك أننا في دولة لا تحترم الفكر أو المبدعين، و لم ينالوا الجوائز التي خلقت لهم، لابد أن نفرّق أن (س) من الشعراء مشهور، و أن (ص) منهم ليس مشهوراً، لكنهم كبار و يقدرهم أهل الصنعة. أخبرك أيضاً أن المهرجان الذى سأسافر إليه بكندا قريباً، دورته هذه هى التاسعة و العشرون، و لم يشارك به مصرى واحد؛ حيث إنه من الشروط الواجب توافرها في المشاركين أن يكون لديه خمسون قصيدة مترجمة إلى الفرنسية، و من منا لديه هذه العدد الذى يترجم إلى الفرنسية ؟
- هل يمكن عد ما جاء في كتابك الشهير (الوصايا في عشق النساء) نوعاً من استثمار أو إعادة صياغة بعض فنون الكتابة العربية القديمة، كفن الوصية مثلاً ؟ و لم الوصية دون غيرها من المواعظ أو النصائح؟
· أولاً أنا لا ألزم امرأةً بما في كتابى، و الوصايا كتابان فى 2003، 2006. المشكلة أننا في أمة لا تعرف كيف تعشق، ربما لأسباب تقليدية تتعلق بالتنشئة و الخوف و ما إلى ذلك، و دعنى أستخدم مفردة “,”العشق“,” بدلاً من الحب؛ لأن هذا العشق يبدأ من حيث انتهي الحب. لم أر نفسى صغيراً في السن منذ ولدت، كما أن كل شاعر فيه قبس من الرحمن، النبوة، و الرسولية. أنا بحكم كونى متواصلاً مع التراث العربى ومشغولاً بالكتب القديمة في الحضارات المختلفة... انشغلت بأنماط و أشكال الكتابة منذ فترة طويلة، و قد انعكس هذا على نحو واضح في كتبى الأخرى، كالأحاديث بسِفريها الأول و الثانى؛ فالأحاديث النبوية موجودة، وهي بالنهاية أشكال كتابة و حتي لو كانت شفاهية. و يمكنك أن تتأمل معي هذا الحديث المكوّن من لفظتى “,”حزن رفيقى“,”، في هذا الحديث عندما تبحث في تفاسيره ستجد تفاسير مختلفة و كثيرة، وبالتالي أنت أمام إرثين؛ أحدهما إلهى و الأخر بشرى.
من الصعوبة أن تجد كتاباً ينظر إلى الوصية كفن أدبى، عندما كنا طلاباً في الثانوية كنا نُدرّس أنها جنس أدبى كالمقامة كالحكم كالأمثال لكنها هُجرت، دعنى أخبرك أننى لم أخطط إلى تسمية الكتاب بهذا العنوان، لكن فجأةً وجدتنى أحاول أن أستريح بين كتابى شعر بكتابة نثرية، و ربما نستعير مقولة محمود درويش فيما معناها أن “,”الكبير فى النثر، كبير فى الشعر“,”، و ربما لا ينطبق هذا علىّ. و إذا عدت إلي مشكلتى مع الكتاب وجدت أن الأخوان عدوه شعراً بحكم أن من كتبه شاعر، لكنه بالأساس ليس شعراً. و أنا لم أر نفسي لا وصياً و لا واعظاً أو ناصحاً لأحد. و هذا أيضاً في الجزء الثانى من الكتاب الذي أردتُ فيه أن أقتبس قول الله (عزل و جل) ، و الرسول (عليه الصلاة و السلام)، و كذلك الصحابة، و زوجات الرسول في موضوع العشق، ثم يأتي في النهاية قول أحمد الشهاوى، و عن الجزء الثانى أيضاً من الكتاب تجد في بدايته القرآن الكريم، الأحاديث النبوية، الغزالي، ابن عباس، و الصحابة و غيرهم. أنا لا يمكن أن أمنح نفسى صفة القائد أو الناصح أو ما إلي ذلك، مشكلتى أيضاً مع الكتاب وصلت لبعض الأصدقاء بعيداً عن الشعراء و النقاد، فتوقفوا عند تجربة (الوصايا في عشق النساء) و تناسوا باقى أعمالى. هذه الكتب النثرية تفسر رؤاى في الكتابة و المرأة و الحياة، و هذي الرؤى لم تكن أبداً بذهنى عندما حاولتُ أن أختم كتاباً؛ حيث كنت في ملتقى بمدينة “,”المونستير“,” الفرنسية للتحاور حول التصوف في دول حوض البحر المتوسط، و من عادتي أن أكتب وأقرأ كثيراً في السفر. فإذا بى – و أنا أختم كتاباً بعنوان “,”اسمه أحمد“,”- وجدتنى أكتب شكلاً آخر، عنونته بالوصايا، و عندما عدت إلي القاهرة أضفت “,”فى عشق النساء“,”.
- عادةً ما يقول شاعرنا في حواراته (أنه حزين) بسبب قلة اهتمام المبدعين بالتراث العربى لاسيما الصوفى منه، على خلاف ما هى عليه الحال لدى المستشرقين و الباحثين الغربيين، فهل يشير الشهاوى إلى أن هناك إهمالاً و قصوراً متعمداً تجاه هذا الإرث ؟
· علي المستوى الفردى، نجد أن الإنسان المصرى لم يُنشأ إلا على الموروث المباشر مثل القرآن الكريم و أمهات الكتب التى تخص الدين و العقيدة، أما الموروث غير المباشر مما يصلح القلب و الروح و الوجدان فهناك أيضاً أمهات الكتب التراثية التي أهملها الأشخاص، و نحن بالمناسبة لدينا كتب عشق كثيرة على عكس الأمم الأخرى؛ حيث إننا أمة عشق بالأساس، و بالتالى لا توجد منظومة أساسية من أجل فرض هذه الكتب في المراحل الدراسية المختلفة. الشاعر نفسه بدأ يذهب إلي الآخر فى القصة و الرواية و الشعر، و بعضهم يرى أن لا فائدة من هذا التراث، بسبب كلاسيكيته و قدمه، و هذا منشور و معروف.
بعض العقول التى بالمؤسسات لم تنشأ على احترام التراث و ماهيته، و بالتالى فإن هذا الإهمال قد أدى أحياناً إلي سرقته و تزويره و بيعه، و بحكم تواصلى و اهتمامى بالتراث فأنا أخبرك أن هناك مئات الآلاف من الكتب التراثية قد تم بيعها لدول أخرى، و عندما ذهبت إلى بعض الدول الخليجية، وجدت مكتباتهم تمتلىء بألاف الكتب و المخطوطات التي هى بالأساس من مصر، و أستطيع أن أسمى لك أسماءً من واقع التجربة، ويمكنك أن تذهب إلى سوق “,”باب الخلق“,” لتجد أن كثيراً من الكتب التى كانت مفهرسة قد تم بيعها.
- المستعرض صفحات ديوانك “,”سماء باسمى“,” يستوقفه مقطع يقول “,”ما الذي سيضيرك لو عشت دون قطط و دون نساء“,” ؟ هذا المطقع ربما يذكرنى بالروائى اليابانى (هاروكى موراكامى)، فما سر تعلقك بالقطط ؟ وما الذى تعنيه رمزية المرأة الأنثى فى حياة و شعر الشهاوى ؟
· أنا بالأساس، كائن قططى منذ الطفولة، و ربما انتقل هذا الولع منى إلى ابنى الوحيد أحمد، هناك كائنات فى الحياة تشبهنا؛ بمعنى أن هناك توافقات قمرية و شمسية بين الأشخاص، والمسألة لا تتعلق بالجمال فقط، فنحن نذهب إلي من نرى أنفسنا فيهم، المصرى هو كائن قططى منذ الحضارة الفرعونية، تشهد ذلك فى الكتب و جدران المعابد، لكننا للآسف عندنا مشكلة مع الانسحاق؛ حيث نذهب إلي قطط أخرى من فصائل مختلفة. عالم القطط هو عالم مهم جداً ؛ سواء عاشه “,”هاروكى موراكامى“,” باليابان، أو “,”أحمد الشهاوي“,” بمصر، كما أننا أبناء حضارة تهتم بالقطط أكثر من الحضارة اليابانية ذاتها.
أما عن النساء، فأنا ابن المرأة، بمعنى أن كل تعاملاتى مع المرأة تأتى من منطلق القداسة، و هذا يعنى أن تتعامل معها بشكل روحانى قبل الجسدى، و أقول أنه لابد من نكاح العقل قبل الجسد، كما أشار محى الدين ابن عربى إلى ذلك ، و هذا أيضاً فى الحضارة الإسلامية التى أعلت من شأن المرأة، و رفعت من روحها إلى درجة مقدسة و راقية. و ربما قد ذهبت للمرأة بهذا الشكل المقدس بحكم معرفتى بالكتب الدينية و التراث وما إلي ذلك، و فقدي المبكر لأمى “,”نوال عيسي“,” جعلنى أقدر النساء، و أضعها في سدرة منتهى الأشياء. وبالعودة لسؤالك أيضاً أنا لا أحب أن أشرح نصَّا، فإنه ليس قانونياً أو سياسياً يحتاج إلى التوضيح.
- هناك شعراء عرب كبار يقيمون تجربة متوازية بين الشعر و التشكيل فى أعمالهم الإبداعية، فإلى أى مدى تحققت تلك الثنائية في معارضك الفنية ؟
· إذا عاد القارىء إلي شعرى يجد أن هناك احتفاء باللون، و ربما تكون عادة عربية. ستجد أن هناك كتباً درست اللون في القرآن الكريم، أو في بعض الكتب الكبرى، كما أن هناك علماء كبار مثل “,”أحمد مختار عمر“,” في كتابه “,”اللغة و اللون“,” حيث تناول هذه الحالة من التداخل و التماهى بين اللغة المكتوبة و اللون البصرى، وجدتنى لا شعورياً أحتفى باللون في شعرى، و كذلك الموسيقي و مشتقاتها و أدواتها.
أما عن فكرة “,”الثنائية“,” فإذا أتيح لك أن تكون في أوروبا فربما لن تسأل هذا السؤال، فهناك تجد أن الجيل الشاب و كذلك الكبار يعيشون هذه الحالة الثنائية باستمرار، فقد تفاجأ من أحدهم بأنه يعيش من دخل الرواية، بينما الشعر هو صنعته بالأساس لكنه لا يُربح، نحن أيضاً كعرب عندنا هذا، لكن للآسف بمحاولات فردية بسيطة. وجدت أن الألوان الشفيفة “,”المائية“,” هى محاولة لكتابة نص، لكن بروحى و حروفى، كما أننى وجدت بداخلى حالة خاصة من “,”الغشومية“,” دفعت بى ربما إلي استخدام أشياء لا علاقة لها بالفن في مضمونه، لكنى أعتقد أيضاً أن كل شىء على هذه الأرض يستحيلُ فناً.
- المعروف أن الترجمة تعد من أهم جسور التواصل مع الآخر، و المعروف أيضاً أن ترجمة النص الشعرى تحديداً تعد خيانة له، و يحسن هنا استعارة مقولة الجاحظ “,”فالشعر إن حُوّل تهافت“,” و ليس ببعيدة عنا مقولة أندريه جيد “,”إن المترجم يخون“,” فما موقفك من هذا و قد ترجمت لك مجموعة أعمال إلى لغات عدة ؟
· هناك لغات أنا محظوظ فيها، لأننى وجدتُ مترجمين كبار، كالأسبانية، و التركية، و الفرنسية، كما أن هناك روائيين و شعراء مصريين موجودون في لغات أخرى، و لكن لأن المترجم لم يكن على قدر من الكفاءة، و مستوى النص، خرج النص مبتوراً و شائهاً. من حقنا كشعراء عرب أن نقرأ ما دام فينا كبار. دعنى أخبركَ أن تركيا على سبيل المثال، تنظر إليك على أنك لم تقدم شيئاً بالإضافة إلى النظرة الاستعلائية؛ لكونك جزءاً من الدولة العثمانية سابقاً، وهذه مشكلة عليك أن تتواصل معها و تحلها، الترجمة تحتاج إلي أبحاث و محاولات أنثروبلوجية و سيكلوجية لترجمة النص حتى يخرج بالصورة المطلوبة، ناهيك أننا كدول عربية لا نمتلك شيئاً، وقوتنا تنبعُ من مقوماتنا الناعمة و منجزنا الحضاري في الشعر، الأدب، الثقافة، النحت، التصوير و غير ذلك من فنون. في النهاية هذا المنتج هو سفيرنا للآخر، فبدلاً من أن يهمل ، لابد أن يُعتنى به و يتم العمل عليه.
- هل صحيح أنك بصدد نشر سيرة شعرية بعنوان “,”منزل الألف“,” و ما ملابسات ذلك ؟
· أنا أتمنى ألا يغضب علىّ الله ) عز وجل ( و يسحبُ منى الشعر الذي منحنى إياه، أنا لا أستطيعُ أن أتصور حالى غير شاعر، فأنا درست الصحافة و امتهنتها من أجل أن أتقرب من النص الشعرى، فالتوقف عندى يكون قلقاً إبداعياً من أجل الدخول إلي مرحلة جديدة من الإبداع، أما عن “,”منزل الألف“,” فهو سيرة عن المكان، اللغة، الأسفار، و علاقتى بالمتصوفة و النص الشعرى. أقول دائماً أننى كتبت كتاباً واحداً لكنه طويل ممتد، و كل الأشياء تؤدى إلي بعضها البعض. أيضاً إذا أردت أن تعرف نظرتى إلي مفرادات الإنسان والطبيعة، فستجدها فى شعرى. دعنى أقول إنها محاولة لكتابة جديدة يريد بها “,”الشهاوى“,” أن تكون نواةً لكتاب أول، فلذلك تجدنى من حين لآخر، أتورطُ في كتابة نصوص تؤشر و ترصد سيرتى الشعرية، عن طريق كتابة نص يربط أعمالى ببعضها البعض.
يحتل الشاعر المصرى أحمد الشهاوى مكانة مرموقة فى خريطة الشعر العربى و العالمى، ولد الشهاوى بمدينة دمياط 1960. تخرج فى قسم الصحافة بكلية الآداب بسوهاج 1983، تولى مهام سكرتير تحرير مجلة (نصف الدنيا) بمؤسسة الأهرام 1990، و قد تُرجمت أهم أعماله الشعرية إلى لغاتٍ عدة، فاز الشهاوى بجائزتى : اليونيسكو فى الآداب عام 1995، و جائزة كفافيس فى الشعر عام 1998.
من أهم إصداراته: ركعتان للعشق 1998، الأحاديث “,”السِفر الأول“,” 1991 ، الأحاديث “,”السِفر الثانى“,” 1994، أحوال العاشق 1996، كتاب الموت 1997، الوصايا فى عشق النساء “,”الكتاب الأول“,” 2003، لسان النار 2005، الوصايا فى عشق النساء “,”الكتاب الثانى“,” 2006، باب واحد و منازل 2009، سماء باسمى 2013.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.