نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    تعرف على إحصائيات التنسيق الفرعي لمرحلة الدبلومات الفنية بمكتب جامعة قناة السويس    قطر: الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني مثال صارخ لتردي وغياب سيادة القانون    إبراهيم عيسى: 70 يوم من عمل الحكومة دون تغيير واضح في السياسات    أخبار 24 ساعة.. إتاحة رابط لتظلمات الدفعة الثانية بمسابقة 30 ألف معلم    بني سويف تدشن اليوم فعاليات المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"    عضو اتحاد غرف السياحية يوضح أرخص رحلة عمرة لهذا العام    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    رسميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري قبل ساعات من اجتماع الفيدرالي الأمريكي    سعر الزيت والأرز والسلع الأساسية بالاسواق اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    استشهاد 3 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال منزلًا في مدينة غزة    حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني    محمد صلاح يتصدر التشكيل المتوقع لمباراة ميلان ضد ليفربول فى أبطال أوروبا    شاهد.. اختبارات "كابيتانو مصر" بمحافظة قنا استعدادا لانطلاق الموسم الثالث    محسن صالح: تاو أفضل بديل لوسام.. وعبد الله السعيد انطفأ بعد الأهلى    وزير الرياضة يتفقد مركز شباب الإمامين والتونسي ويشهد احتفالية المولد النبوي    «عقد تاريخي».. تفاصيل اتفاق الأهلي مع الشناوي للتجديد    حسام حسن يحدد 4 مطالب بشأن نظام الدوري الجديد    «توت بيقول للحر موت» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    المنافسة بالمزاد على لوحة "م ه م - 4" ترفع سعرها ل 13 مليون جنيه فى 6 ساعات    الإعدام غيابيا لمتهم تعدى على طفلة بكفر الشيخ    ضبط المتهمين بسرقة مبلغ مالى من تاجر في الهرم    مصرع طالب سقط من قطار في منطقة العجوزة    ننشر صور ضحايا خزان الصرف الصحي بإحدى قرى المنيا    تشييع جنازة شاب قتل على يد اصدقائه بقرية جردو بالفيوم    وزير الثقافة يفتتح "صالون القاهرة" في دورته ال 60 بقصر الفنون.. صور    شيرى عادل عن الانفصال: أهم شىء أن يتم باحترام متبادل بين الطرفين.. فيديو    قرار من نقابة المهن التمثيلية بعدم التعامل مع شركة عمرو ماندو للإنتاج الفني    أحمد موسى: إحنا بلد ما عندناش دخل مليار كل يوم.. عندنا ستر ربنا    3 علامات تدل على أن الرجل يحبك أكثر مما تتوقعين    المخرجة شيرين عادل تطرح البرومو الدعائي لمسلسل «تيتا زوزو»    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    وكيل صحة الإسماعيلية تبحث استعدادات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    بعد أنباء عن إصابات بالتسمم.. صحة أسوان تنفي شائعة تلوث مياه الشرب    المصري مهدد بإيقاف القيد، رد ناري من التوأم على هجوم المصري والتهديد بالشكوى في المحكمة الدولية    بالصور.. ثلاثي ريال مدريد يتسبم جوائز دوري أبطال أوروبا    مادلين طبر تعزي الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي في وفاة والدته    أسعار سيارات جاك بعد الزيادة الجديدة    هل يؤثر توقف التوربينات العلوية لسد النهضة على كمية المياه القادمة لمصر؟.. خبير يوضح    اختيار نادر الداجن أمينًا لريادة الأعمال المركزي بحزب مستقبل وطن    حدث بالفن| خطوبة منة عدلي القيعي ومصطفى كامل يحذر مطربي المهرجانات وعزاء ناهد رشدي    السيرة النبوية في عيون السينما.. الأفلام الدينية ترصد رحلة النبي محمد    نقيب الفلاحين: أرباح زراعة فدان الطماطم تصل إلى نصف مليون جنيه    نتنياهو: إسرائيل قد تتحرك عسكريا ضد حزب الله حال فشل الدبلوماسية    "الأهلي أعلن ضمها منذ 9 أيام".. سالي منصور تفاجئ النادي بالاحتراف في الدوري السعودي    «أمرها متروك لله».. شيخ الأزهر: لا يجوز المفاضلة بين الأنبياء أو الرسالات الإلهية (فيديو)    حصر نواقص الأدوية والمستلزمات الطبية بمستشفى أبوتشت المركزي بقنا لتوفيرها    هيئة الدواء: ضخ 133 مليون عبوة دواء في الصيدليات    المشاط: الشراكات متعددة الأطراف عنصر أساسي للتغلب على كورونا وإعادة بناء الاستقرار الاقتصادي    استمرار عمليات الإجلاء في وسط أوروبا بسبب العاصفة "بوريس"    وزير الري: ما حدث بمدينة درنة الليبية درسًا قاسيًا لتأثير التغيرات المناخية    وحدة الرسالة الإلهية.. شيخ الأزهر يؤكد عدم جواز المفاضلة بين الأنبياء    محافظ الدقهلية يفتتح تجديدات مدرسة عمر بن عبدالعزيز بالمنصورة بتكلفة 2.5 مليون جنيه    تقي من السكري- 7 فواكه تناولها يوميًا    أبرز مجازر الاحتلال في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر    أحد الحضور يقاطع كلمة السيسي خلال احتفالية المولد النبوى (فيديو)    كيف يغير بيان مدريد موازين القوى.. جهود الحكومة المصرية في حشد الدعم الدولي لحل النزاع الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن مبارك والغريزة وشهوة صاحبة الجلالة
نشر في البوابة يوم 17 - 09 - 2013

لا مجال أمام واحد منا، نحن المنتمين للجماعة الصحفية، لأن يزايد على موقف الزملاء في صحيفة اليوم السابع، مدعيا أنه كان سيرفض نشر التسجيل الصوتي لآراء الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
فالشهوة الصحفية تتملكنا جميعا في مثل هذه الحالات، وقد يشجع مناخ الحرية تلك الشهوة على أن تمضي في اندفاعها دون لجام يكبحها.
ولأن الشهوة هنا ترتبط بالغريزة الصحفية في البحث عن الحقيقة ونشرها، فلابد لها من لجام يحفظ عليها إنسانيتها، فهي دون ذلك تبتذل المهنة، والتمادي فيها يجعل الكلمة العليا للغريزة لا للعقل، وحينها يصبح النشر بلا سقف أخلاقي، على نحو يُسلِّع دور صاحبة الجلالة، بمعنى أنه يجعلها مجرد سلعة تلبي الاحتياجات الغريزية لدى القارئ، دونما اعتبار بمنظومة قيمه.
على أية حال، حسنا فعلت اليوم السابع بنشر هذا التسجيل الصوتي، ليس لأهمية ما ورد فيه، ولكن لأهمية ما أثير عقب نشره من جدل، تراوح بين اتهام هذا السبق الصحفي بالسقطة الأخلاقية من قبل الصحيفة والطبيب مسرب التسجيل، وبين اعتبار السبق تلبية لحق القارئ في المعرفة.
لا خلاف من الناحية الحرفية على أنه سبق صحفي، لكن المستمع للتسجيل الصوتي يكتشف بسهولة أن الرئيس السابق لم يخطر مسبقا بأن حديثه المسجل سيعد للنشر الصحفي، فقد يكون على علم بأن هناك تسجيلا لصوته لإجراء بعض الاختبارات لقدارته السمعية، لكن المؤكد وبشكل قاطع، أنه كان يتحدث على طبيعته، لطبيبه الذي يثق فيه، لا لجاسوس وخائن للامانة .
أؤكد ثانية أن شهوتي الصحفية كانت ستدفعني، ودون تفكير، إلى اتخاذ قرار نشر التسجيل الصوتي فورا ، لكن الاستماع لصوت الرئيس السابق، وإصرار طبيبه غير الأمين على استنطاقه، ذكَّراني بنشر صورة جثة الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بعد تشريحها، قبل بضعة سنوات في جريدة الميدان، ففي الحالتين امتهان للرجلين، وانتهاك لكل معاني الخصوصية.
لا فارق أبدا بين نشر كلمات وبضع عبارات مقتضبة قالها مبارك على فترات متباعدة، ونشر صورة جثة سلفه مشوهة، وليس من الأمانة اعتبار تلك الكلمات والعبارات المجمعة عبر أيام حوارا صحفيا أو حتى تصريحات، قد لا تكون هناك مخالفة قانونية ارتكبتها اليوم السابع، والجرم كله يقع على عاتق ذلك الطبيب الخائن لأمانته، لكن ألا يستحق الأمر أن نفكر قليلا، ونتساءل على الأقل، هل من حقنا، نحن الصحفيين، أن نتجسس على الآخرين في مثل حالة التسجيل الصوتي لمبارك، فالأمر لا يتعلق باقتناص مستندات ووثائق تفضح وقائع فساد، الأمر مختلف تماما، وجميعنا فعل مثل هذا الشيء من أجل الحصول على مستند أو وثيقة ورقية أو صوتية أو مرئية، تثبت واقعة فساد معينة.
أعترف انني شخصيا انتهزت ثقة أحد رؤساء هيئة الآثار السابقين، ليس في شخصي، ولكن في أن كف بصري سيمنعني من اقتناص مستند كان قد وضعه على مكتبه قبل أن يغادره، وحالفني الحظ ووقعت يدي على المستند الذي كنت أبحث عنه ببعض التركيز، في صوت المكان الذي لامسته يده وهو يضع المستند، حينها نشرت ما بالمستند من معلومات مؤكدة، دون أن أشير إلى مصدره، بل إنني قمت بإعادة المستند إلى الرجل، دون حتى تصوير أية نسخة منه، بعد أن اكتشف مافعلته، على أية حال ، لم أخسر علاقتي بالرجل، لأن غالبية المعلومات كانت لدي وسألته عنها، وكل ما كنت أحتاجه هو مستند يثبتها، ربما ظلت العلاقة طيبة لأن المستند الذي اقتنصته كشف كذبه وإنكاره للحقيقة التي سألته عنها.
مثل هذه الجرائم الصغيرة ترتكب في الأساس بسبب غياب الشفافية والنزاهة وحجب المعلومات، وأخشى ما أخشاه أن يتحول مناخ الحرية إلى فوضى تسمح بارتكاب جرائم أخرى تخرق القيم الأخلاقية.
إن نشر صورة عارية في بعض المجلات الفنية ليس هو الأمر الذي يعنيني هنا، فطالما وجدت مثل هذه الصور ورقية في السابق، واليوم تتداول على المواقع الإلكترونية، بل إن منها مواقع إباحية، ومع ذلك لا تهدد مثل هذه الأشياء منظومة القيم الأخلاقية، بل قد لا تمسها أصلا، لأن الباحث عنها يدرك تماما حجم المسافة بينها وبين قيمه.
لكن نشر كلمات وعبارات مقتضبة، سجلت خلسة، لرجل مثل مبارك، له هذا الحجم في التاريخ المصري - بغض النظر عن اتفاقك أو اختلافك معه - عن طريق التآمر مع طبيب خائن لأمانته، أعتقد أنه أمر يطعن القيم المجتمعية في مقتل، لأنك وببساطة تعود الناس على أكل جثث بعضهم البعض، فليست النميمة أو الغيبة وحدها ما ينطبق عليها هذا التشبيه .
للصحافة بأشكالها المختلفة وظيفة، وهي البحث عن الخبر الصحيح، وإعلام الناس بحقيقة ما يدور حولهم، وكلما مارست هذه الوظيفة متحريا الصدق والشرف، انتقلت من مستوى أداء الوظيفة إلى مستوى أداء الدور.
فإذا كانت وظيفتي كصحفي هي البحث عن الخبر ونشره، فإن دوري هو ترسيخ القيم الأخلاقية العليا، وتنقيح السلبي من منظومة القيم المجتمعية، وذلك الدور لن يتأتى إلا باحترام عقل القارئ، وتلبية احتياجاته الفكرية لا الغريزية.
صحيح أن الإثارة مطلوبة، بل إنها عمود العمل الصحفي، لجذب القارئ، لكن ليس إلى حد انتهاك حرمات الناس .
من المقبول أن تنشر صورة لفنانة وهي ترتدي فستان سهرة عاريا، لكن ليس من المقبول التجسس عليها، واختلاس صورة لها وهي عارية تماما.
نشر حديث الرئيس الأسبق حسني مبارك، على هذا النحو الذي جرى، لا يختلف كثيرا عن اختلاسك لصورة احداهن وهي عارية.
نحن بصدد البحث عن مناخ للحرية، يعترف بحق جميع المواطنين في الحصول على المعلومات، ويمنح الجميع حق حرية التعبير عن الرأي، واعتقد أننا تجاوزنا من الناحية العملية أسقفا وخطوطا عديدة كانت في الماضي حمراء، لذلك آن الآوان لنناقش مثل هذه القضايا حفاظا على دور صاحبة الجلالة، وحتى يظل العقل فيها هو المسيطر على الغريزة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.