وزير التعليم العالي وسفير الأردن يبحثان دعم التعاون الأكاديمي والبحثي -تفاصيل    صعود شبه جماعي لمؤشرات البورصة في منتصف تعاملات الثلاثاء    وزير الإنتاج الحربى يفتتح مصنع الرزينة بشركة "هليوبوليس للصناعات الكيماوية"    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 42 ألفًا و718 فلسطينيًا    إيران: جيراننا أكدوا عدم سماحهم استخدام أراضيهم وأجوائهم ضدنا    كوريا الشمالية تنفى إرسال قوات لروسيا لمساعدتها فى حربها ضد أوكرانيا    قبيل الانتخابات الأمريكية.. تحول تاريخى فى مراكز الدولار وتقلص الرهانات السلبية    واشنطن بوست: هاريس وترامب متعادلان في استطلاع للرأي في سبع ولايات    رئيس لجنة الحكام يحسم الجدل.. هل هدف أوباما بمرمى الزمالك في السوبر كان صحيحيًا؟    «الاحترام أهم من البطولات».. كواليس جلسة محمد رمضان مع الخطيب بعد أزمة كهربا    أيمن الشريعي: الأهلي المنظومة الأنجح ولكن لا يوجد أنجح مني    رجلان وسيدة يستدرجون شابًا لابتزازه في الشرقية    7 مصابين في انقلاب سيارة ربع نقل بالشرقية    تواصل عمليات انتشال الشهداء والمصابين من تحت الأنقاض أمام مستشفى رفيق الحريري    داعية إسلامي: هناك جانبًا مظلمًا في فهم القضاء والقدر    رئيس هيئة الاعتماد: الأخطاء الطبية ثالث سبب للوفاة فى العالم    السبت.. جامعة طنطا تنظم قافلة طبية وبيطرية مجانية بقرية شبرا النملة    الموافقة على بدء إجراءات إنشاء جامعة الوادي الجديد الأهلية -تفاصيل    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    مشيرة خطاب: خطة عمل متكاملة عن الصحة الإنجابية بالتعاون مع منظمات دولية    احتفالات أبوسمبل.. رقص السائحات خلال تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني| صور    حفل هاني شاكر في مهرجان الموسيقى العربية الليلة «كامل العدد»    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    وزيرا الشباب والرياضة والتعليم يبحثان التعاون في إطار مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    الأعلى للطاقة بدبى: نتعاون مع جهاز الكهرباء بمصر لتشجيع الدول لإنشاء أجهزة مماثلة    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    وزير الأوقاف يلتقي رئيس إندونيسيا بقصر الرئاسة بجاكرتا - صور    «الصحة»: إضافة الأمراض النادرة لقانون صندوق الطوارىء الطبية أداة فعّالة لعلاجها    فى اليوم العالمى له، اعرف ماهو التلعثم والتأتأة وأسباب إصابة الأطفال بهما    مجلس النواب يوافق على تشكيل لجنة القيم بدور الانعقاد الخامس    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    عشرات النواب الأمريكيين يدعون بايدن للسماح بدخول الصحفيين إلى غزة    واقعة فبركة السحر.. محامي مؤمن زكريا: اللاعب رفض التصالح وحالته النفسيه سيئة    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    وزير التعليم للنواب: لا يوجد فصل الآن به أكثر من 50 طالبا على مستوى الجمهورية    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    «الأزهر»: دورة مجانية لتعليم البرمجة وعلوم الروبوت للأطفال والشباب    رئيس الأركان يشهد تنفيذ التدريب المشترك «ميدوزا -13» | صور وفيديو    سعر أسطوانة الغاز 380 جنيه وتباع ب150| وزير سابق يعلن مفاجأة للمواطنين (فيديو)    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    أول رد من «الصحة» على فيديو متداول بشأن فساد تطعيمات طلاب المدارس    تصالح أحمد فتوح مع أسرة ضحية الدهس رسميًا قبل دقائق من المحاكمة    خطوات تحميل التقييمات والأداءات الصفية والواجبات المنزلية من موقع وزارة التربية والتعليم    رئيس «التنسيق الحضاري» عن فوزه بجائزة «الآثاريين العرب»: تتويج لرحلة 30 سنة ثقافة    في خدمتك| العمل تحدد شروط شغل 950 وظيفة بالقاهرة    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    رواية الشوك والقَرنفل.. السنوار الروائي رسم المشهد الأخير من حياته قبل 20 عاما    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 مشاهد من حياة الضائعين على أرصفة القاهرة
نشر في البوابة يوم 04 - 08 - 2015

على أرصفة الحياة، فى الزحام، وسط ذلك الصخب المجنون، يتحول الألم إلى اعتياد، وتتحول الفاجعة إلى مشهد مألوف، تسقط كل احتمالات الدهشة، وتغيب مظاهر الفجيعة، وتحت وطأة التكرار القاسية تنزوى مفردات الاستنكار، فالقتل والعنف والاغتصاب والخطف أصبحت كلها «وساما وشارة» كما يقول شاعر مصر العظيم أمل دنقل، وهكذا نتحول جميعًا دون أن ندرى إلى أشباه بشر، وتتحول مآسينا إلى أخبار صغيرة عابرة على صفحات الجرائد أو مادة للاستهلاك اليومى على شاشات برامج التوك شو، ويتحول المجتمع إلى سوق كل شيء فيه معروض حتى براءة الأطفال، هكذا يخبرنا محمد عادل أو «محمد الأشقر» يواجهنا بحقيقتنا ويعرينا أمام أنفسنا ويتركنا كما تركناه دون ورقة توت.
إيمان فقدت بصرها بسبب التعذيب
محمد متسول بأمر النيابة
يوسف خسر حياته ثمنًا لجرعة مخدرات
1- محمد
محمد ليس نجمًا لامعًا، ولا لاعب كرة تتصارع عليه الأندية الكبرى. بدأت قصة محمد الأشقر بالشك فى سيدة تقوم بالتسول فى منطقة شبرا الخيمة، مع طفل دائم البكاء وملامح تبدو غريبة ولا تمت بصلة للسيدة التى تدعى أنها والدته، فقام أحد الأهالى باصطحاب السيدة إلى قسم شبرا الخيمة للتأكد من نسب الطفل للسيدة التى تدعى أمومتها له.
فى التحقيقات قالت السيدة إنها لا تملك بطاقة شخصية، بينما حضر شخص وادعى أنه زوجها وأنه والد الطفل، لكنه لم يستخرج له شهادة ميلاد، والغريب والصادم والمفجع أن النيابة أمرت باستخراج بطاقة شخصية للأم وشهادة ميلاد للطفل ينسبه إلى المتسولة وزوجها. بعد تسليم الطفل لأمه المفترضة «فاطمة»، عاودت التسول مرة أخرى مستغلة محمد لتستدر عطف المارة المنهكين، لكن أحد هؤلاء المارة، وهى السيدة «مى شندى»، فأصرت على اصطحابهما إلى القسم الذى أحالهما مرة أخرى إلى نيابة الخليفة.
تببن أن الطفل «محمد الأشقر» مختطف، وأن السيدة التى تدعى أمومته لا تمت له بصلة، وعلى الفور أصدر وكيل النائب العام بنيابة الخليفة قرارا بحبس المتسولة على ذمة التحقيقات، وتحويل الطفل للمستشفى للعلاج وإجراء تحاليل لبيان حالته الصحية، وإيداعه إحدى دور الرعاية، مع إمكانية إجراء تحليل «DNA» على نفقة الدولة للتأكد من النسب.
2- إيمان
إيمان لم تستطع أن ترى القبح الذى عشش فى أركان المجتمع المأزوم، لم تحتمل أن ترى الجلاد الذى انتهك جسدها الصغير وحول طفولتها إلى جحيم فأغمضت عينيها إلى الأبد، فلا حاجة لها بالنظر إلى أضواء خادعة ووجوه، فقدت إيمان البصر ليس فقط نتيجة للضرب والتعذيب الوحشى كما يؤكد تقرير الطب الشرعى، لكن ربما نتيجة غلظة القلوب وجفاف الروح وتشوه الوجدان، لم تستجب إيمان لأربع عمليات جراحية حاول خلالها الأطباء أن يعيدوا النور إلى عينيها، كما لو كانت ترفض أن ترى عالمنا القبيح أو تشارك فى مهزلة اسمها الحياة.
محمد عبدالحميد، تاجر سكندرى، هو من وجد إيمان وتحمل مسئوليتها، عمل متطوعًا كباحث اجتماعى فى دار الأيتام التى أودعت فيها بالإسكندرية حتى يستطيع متابعتها، بعدما فشل فى التوصل إلى والديها.
محمد لم يتوقف حزنه عند مأساة إيمان، بل صدمته الأوضاع المتردية للتعامل مع ملف أطفال الشوارع والأطفال المخطوفين أو الذين يتخلى عنهم أسرهم هربًا من مسئولية مادية أو عار اجتماعى.
3- هانى
من كرادسة إلى الحوامدية لنتتبع مسيرة الألم ونتعرف على حكاية هانى، حكاية لا تختلف فى ملامحها عن الحكايات السابقة، خطف ففدية فطفل قتيل وأهل لا يملكون سوى الوجع، لكن أهل هانى ما زالوا يرفضون تصديق ما جرى، فالأب يشكك فى تقرير الطب الشرعى الذى أكد وفاة هانى بعد العثور على جثته محترقة وبجوارها ساعة الطفل، لا يعترف الوالد بتحليل ال«DNA» الذى أغلق ملف القضية، خاصة بعد الإفراج عن المشتبه به، وما زال الأب ينتظر عودة الابن الضائع أو عودة الضمير الحى إلى مجتمع يفقد كل يوم قطعة من روحه.
4- يوسف
يوسف (12 سنة) لم يلقه إخوته فى الجب، ولم تفتن به نساء مصر، يوسف لم يأخذ من قصة «النبى يوسف» سوى الألم، هو ابن وسيم لأب يعمل فى الخليج، مظهره يدل على ثراء أسرى ومقدرة على دفع فدية، لم ير فيه الخاطفون سوى وسيلة لجلب أمول لشراء المخدرات والإنفاق على الساقطات والولوج السريع إلى عالم الثراء.
ثلاثة شباب أصغرهم فى الرابعة عشرة وأكبرهم فى الثانية والعشرين، لوثت أفلام البلطجة عقولهم وطغت ثقافة التوك توك على وجدانهم، فقاموا بخطف يوسف، ولأن الطفل كبير نسبيًا فقد أبدى مقاومة شديدة، ما أثار فزع الشبان الثلاثة، فلم يسعهم إلا إسكات صوته إلى الأبد بعد ثلث ساعة فقط من احتجازه وطلب فدية تقدر ب200 ألف جنيه، كان الأب على استعداد لدفعها لولا عدم مقدرة الخاطفين على إثبات حياة يوسف، ليتم القبض عليهم بعد 6 أيام، ويحصل المتهم الأول على حكم بالإعدام بينما يحصل شريكاه فى جريمة الخطف على السجن 10 و15، لكن الإعدام والسجن لن يستطيعا أن يعيدا يوسف لحضن أسرته المفجوعة.
5- محمود
إذا كنت من متابعى أخبار حى «كرداسة» فعلى الأرجح سوف تكون مهتما بأخبار الإرهابيين الذين استوطنوا الحى، أو متعاطفا مع ضباط القسم الذين قتلوا غيلة، أو فى أحسن الأحوال لعلك تكون مهتمًا بالسجاد اليدوى الذى اشتهر به الحى قبل أن تصيبه آفة الإرهاب، لكنك ربما لم تسمع عن محمود ابن السنوات التسع الذى اختطف بواسطة عاطلين طلبا فيه فدية 100 ألف جنيه من والده المزارع، وبالفعل قدم الوالد الفدية المطلوبة، ولكنه أثناء عملية تسليم المبلغ المالى استطاع أحد العاطلين الهرب ومعه محمود والمبلغ المطلوب، بينما ألقى القبض على أحد الأفراد الذى اعترف بالواقعة وأقر عن شركائه فى التشكيل العصابى المكون من أربعة رجال وسيدة.
لكن لم يتم القبض على أى منهم ولم يعد محمود إلى أسرته حتى هذه اللحظة، أما الأب لطفى، فما زال يناشد أصحاب القلوب الرحيمة عبر شبكات التواصل الاجتماعى، لعل وعسى يلتقيه أحد العابرين فى محطة للمترو أو على رصيف شارع مزدحم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.