القوات المسلحة تعاون أجهزة الدولة لتنفيذ مبادرة «بداية جديدة»    محافظ كفرالشيخ يوجه بالتيسير على المواطنين في إجراءات التصالح على مخلفات البناء    زراعة الغربية تبحث الاستعدادات للموسم الشتوى    السفير أسامة عبد الخالق: فشل نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على القوة    «القاهرة الإخبارية»: بوريل يريد إزالة ما تفعله إسرائيل في المنطقة    الأهلي يوافق على إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى سيراميكا لمدة عام    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة على طريق مطروح    مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما يُكرم «هاني رمزي» في دورته السابعة    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    الأزهر للفتوى الإلكترونية يعلن الإدعاء بمعرفة الغيب يؤدى إلى الإلحاد    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وطريقة الاستعلام    تقرير يُكشف: ارتفاع درجات الحرارة بريء من تفجيرات " البيجر " والعملية مدبرة    استطلاعات رأي تظهر تعادل هاريس وترامب على المستوى الوطني    محافظ كفر الشيخ: انطلاق فعاليات اليوم الثاني للمبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"    الاستعانة بصديق مصري وحديث الجميع عن الأهلي.. كونراد يعلن التحدي بتجربة الزمالك    رسميًا.. رابط نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 للشعبية العلمية والأدبية (احصل عليها)    بعد خناقة في الشغل.. شاب ينهي حياة زميله طعنا في السلام    "صحة أسوان": لا يوجد بمستشفيات المحافظة حالات تسمم بسبب المياه    فاتورة الدعم فوق الاحتمال.. أول تعليق من رئيس الوزراء على زيادة سعر أنبوبة البوتاجاز (فيديو)    محافظ بني سويف: إزالة 272 حالة بحملات المرحلة الثالثة من الموجة ال23    ميدو عادل وإيهاب فهمي يدعمان أحمد عزمي: صاحب موهبة حقيقية    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    فحص 794 مريضًا ضمن قافلة "بداية" بحي الكرامة بالعريش    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    فيلم عاشق على قمة شباك تذاكر السينما في مصر.. تعرف على إيراداته    تعاون مصري إماراتي جديد.. الحكومة توافق على اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    فانتازي يلا كورة.. ارتفاع سعر لويس دياز    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    توقعات برج الحمل غدًا الجمعة 20 سبتمبر 2024.. نصيحة لتجنب المشكلات العاطفية    أول ظهور لشيرين عبدالوهاب بعد أنباء عن خضوعها للجراحة    «عبداللطيف» يبحث مع أمين «تطوير التعليم» سبل التعاون لتطوير المنظومة    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    حماس: العدوان لن يجلب للاحتلال ومستوطنيه إلا مزيدا من الخوف والدماء    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    طقس الساعات المقبلة.. الأرصاد تعلن بدء موجة حارة على جميع المناطق    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    حزب الله: هاجمنا بمسيرات انقضاضية تمركزا لمدفعية الاحتلال    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    "بيوصل خمور لأمها وعاشرها مرة برضاها".. مفاجأة في اعترافات مغتصب سودانية بالجيزة    خبير سياسي: إسرائيل تريد مد خط غاز طبيعي قبالة شواطئ غزة    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    بقيت ترند وبحب الحاجات دي.. أبرز تصريحات صلاح التيجاني بعد أزمته الأخيرة    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    جامعة الأزهر تشارك في المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    محافظ الإسكندرية يتابع المخطط الاستراتيجي لشبكة الطرق    حزب الله يهاجم تمركزا لمدفعية إسرائيلية في بيت هيلل ويحقق إصابات مباشرة    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الرقابة الصحية»: نجاح 11 منشأة طبية جديدة في الحصول على اعتماد «GAHAR»    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    لو عاوز تمشيني أنا موافق.. جلسة حاسمة بين جوميز وصفقة الزمالك الجديدة    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقارب المصري التركي وأثره على اقتصاديات المنطقة العربية
نشر في البوابة يوم 10 - 02 - 2013

في إطار التغيرات التي تشهدها الخريطة الاقتصادية الدولية، حيث برز دور الدول الصاعدة، فإن الخرائط الاقتصادية لأقاليم العالم هي أيضًا بصدد تغيرات تُعيد تركيبة القوى الاقتصادية.
وقد لوحظ أن تركيا في ظل تولي حكومة حزب العدالة والتنمية قد اتخذت مسارًا جديدًا تجاه المنطقة العربية، يعتمد على زيادة حجم تعاملاتها التجارية والاقتصادية بدول المنطقة .
ويفسر هذا في الإطار الاقتصادي على أنه تغير في تركيبة التعاملات التجارية والاقتصادية لتركيا، لتتخلص من عقدة مركزية أوضاعها الاقتصادية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
ومن شأن هذا التوجه أن يقلل من خسائر الاقتصاد التركي في ظل الأزمات الاقتصادية التي تلاحق شريكيها الرئيسيين، وهما الاتحاد الأوروبي وتركيا .
وعلى الرغم من توجه تركيا مبكرًا صوب الدول العربية، إلا أن التركيز على التعاون مع مصر كان ملحوظًا، من خلال زيادة وتيرة حجم التبادل التجاري، وكذلك تواجد الاستثمارات التركية بمصر .
مظاهر التقارب المصري التركي
كانت الخارجية التركية حريصة على التقارب مع مصر، بعد ثورة 25 يناير، وذلك من خلال زيارة رئيس تركيا لمصر في مارس 2011 ليكون أول رئيس يزور مصر بعد الثورة، وكذلك تمت زيارة الوزراء التركي في نوفمبر 2012، وحرصت تركيا على دعم مصر اقتصاديًا من خلال تقديم قرض للبنك المركزي المصري بنحو مليار دولار، ونحو مليار آخر يضخ في شكل استثمارات تركية في مشروعات البنية الأساسية .
وأدى تكوين الوفد المرافق لرئيس الوزراء التركي (6 وزراء ونحو 250 رجل أعمال) إلى الدخول في مشاورات للتعاون بين الجانبين في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، وكذلك تقديم الدعم الفني لمصر في كيفية الاستفادة بشكل أكبر في التعامل مع دول الاتحاد الأوروبي. كما تم توقيع اتفاقية للتعاون بين بورصتي البلدين .
وأعلن أثناء زيارة رئيس الوزراء التركي لمصر في نوفمبر 2012 عن عزم البلدين على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليار دولار خلال عامين، إلا أن تقديرات الرئيس المصري د.محمد مرسي خلال المؤتمر الصحفي مع الرئيس التركي في ختام أعمال القمة الإسلامية بالقاهرة ( 6 و7 فبراير الحالي) رفعت من هذا التقدير ليصل إلى 10 مليارات دولار خلال الأعوام القادمة .
وحسب بيانات المركز الإسلامي لتنمية التجارة، فإن حجم التبادل التجاري للبلدين بلغ في عام 2011 نحو 4 مليار دولار، مقارنة 3.2 مليار دولار في عام 2009، مع الأخذ في الاعتبار بأن الميزان التجاري لصالح تركيا دومًا .
كما يقدر عدد الشركات التركية العاملة في مصر بنحو 200 شركة، وتوجد استثمارات تركية أخرى تعمل بشكل فردي تقدر بحوالى 70 مستثمرًا، ويصل عدد العمالة المصرية بالشركات التركية في مصر لنحو 50 ألف عامل .
حجم التبادل التجاري التركي مع المنطقة
اتجهت تركيا لتوقع العديد من اتفاقيات مناطق التجارة الحرة مع العديد من الدول العربية، كما سمحت لدخول رعايا دول عربية عدة إلى أراضيها دون الحصول على تأشيرة الدخول، ويقدر حجم التجارة بين الطرفين بنحو 33 مليار دولار في عام 2010، وعند مقارنة حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية في عام 2010، وما كان عليه الوضع في عام 2002 نجد تحسنا كبيرا، حيث كان حجم التبادل التجاري بين الطرفين في عام 2002 بحدود 6.6 مليار دولار، أي أنه تضاعف في عام 2010 بنسبة 5 أضعاف .
ولكن يظهر تواضع هذا الرقم إذا ما قورن بحجم التبادل التجاري للصين مع الدول العربية، والذي قارب ال 200 مليار دولار. ولكن عند النظر إلى السلع التركية المصدرة للمنطقة العربية نجد أن الدول العربية تستورد نحو 50 % من إنتاج الحديد التركي .
كما أن الصادرات التركية شهدت تطورًا نوعيًا على مدار السنوات الماضية، حيث تحتل صادرات السيارات وقاطرات السكك الحديدية والترام الصدارة في سلم الصادرات التركية وبنسبة 11.7 % من إجمالي صادرات تركيا في عام 2011، كما أن الآلات والأجهزة الميكانيكية تأتي في المرتبة الثانية بنسبة 8.6 %، وتوفر تركيا قطع الغيار لهذه المنتجات، وهو ما يعني أن الصادرات التركية خرجت من طور الصادرات التقليدية في المنسوجات والصناعات الكهربائية التجمعية. ويمثل هذا التوجه أحد الآليات التي من شأنها أن تمثل نقلة نوعية في العلاقات التجارية مع المنطقة العربية، فبيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2012 ذكرت أن واردات الدول العربية من السلع الصناعية في عام 2011 مثّلت نسبة 19.3 % من إجمالي الواردات، وأن الآلات ومعدات النقل مثّلت نسبة 28 %، وتغطية تركيا خلال الفترة المقبلة لهذه المتطلبات العربية من السلع الصناعية أو المعدات والآلات سوف يزيد من روابط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الطرفين .
آثار التقارب
يتسم كلا الاقتصادين المصري والتركي بكونهما من الاقتصاديات المتنوعة، فضلا على تمتع البلدين بناتج محلي إجمالي يقترب من نسبة 50% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية في عام 2011، ومن شأن هذا التنوع أن يتيح مساحة أكبر لتعامل كل من مصر وتركيا في تعاملاتها مع باقي اقتصاديات المنطقة، حيث لا تزال الاقتصاديات الكبرى بالمنطقة تعتمد على النفط كمصدر رئيس في اقتصاداتها (دول الخليج وليبيا والجزائر). ومن إيجابيات وسمات الاقتصادين المصري والتركي وصفهما بالتنوع، أي أنهما لن يكونا في وضع تنافسي مع الاقتصاديات النفطية، بل بالعكس فكلتا الدولتين بحاجة ماسة إلى الطاقة والوقود الذي توفره الدول النفطية بكثرة. وإن كانت تركيا قد خطت خطوات جيدة نحو الطاقة الجديدة والمتجددة في مجالات الطاقة الشمسية وتدوير المخلفات الطبيعية لتوليد الطاقة .
يكتسب التقارب المصري التركي ملمحًا إسلاميًا يحظى بتأييد شعبي في دول المنطقة، وبخاصة أن المشروعات الإقليمية البديلة، لم ترقَ لشعوب المنطقة، فمنها ما مثّل البعد العربي وحقق إخفاقًا على مدار نحو 6 عقود ماضية، ومنها ما يرتبط بحضارات خارج المنطقة مثل مشروع الأورومتوسيطة، أو ما يمثل عداءً لشعوب المنطقة مثل أطروحة مشروع الشرق أوسطية التي تحاول أن تزرعه إسرائيل في جسد المنطقة. وإن كان خطاب التعاون المصري التركي لا يزال يدور في فلك ثنائي، ولم يُعلن عن هوية إسلامية، وإن كان كل من تركيا ومصر من الدول ذات الثقل الاقتصادي بمنظمة التعاون الإسلامي التي تضم نحو 57 دولة إسلامية .
من شأن السعي التركي في علاقاته الاقتصادية مع دول المنطقة أن يقيم علاقة اقتصادية تدريجية، ويتضح ذلك من خلال اتفاقيات مناطق التجارة الحرة التي نجحت تركيا في عقد اتفاقاتها مع العديد من الدول العربية، وهي بشأن الترتيب لعقد هذه الاتفاقية مع مجلس التعاون الخليجي. وعلى نفس النمط نجد المسعى المصري، وإن كانت جهوده في هذا الشأن تعود لما بذل في هذا الشأن قبل ثورة 25 يناير. كما تتمدد تركيا على جانب الاستثمارات بالمنطقة العربية، مما يؤدي لرسائل تطمينية بأن سعيها ليس من أجل السيطرة على الأسواق العربية لصناعتها، بقدر ما تسعى لوجود مصالح مشتركة بين الطرفين من خلال تواجد الاستثمارات التركية في المنطقة .
ومن شأن التواجد التركي في مجال الاستثمار بالدول العربية أن يستفيد من العديد من الاتفاقيات الإقليمية مثل الكوميسا التي تضم من الدول العربية مصر والسودان، أو الأورومتوسيطة، التي تضم مصر وتونس والمغرب، أو منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، التي تضم جل الدول العربية .
يعد المكوّن البشري للدولتين، الأكثر من حيث العدد إذ يقدر بنحو 160 مليون نسمة، وكذلك يتميز المورد البشري من حيث التعليم وتوفير تخصصات تسمح بالدخول في مجالات تتيح تحقيق معدلات أفضل للقيمة المضافة. ويتطلب الأمر التنسيق بين الجانبين للاستفادة من هذه الميزة في تحقيق احتياجات المنطقة، وبخاصة في الدول التي تعاني من عجز في الموارد البشرية .
تتجه تركيا منذ الأزمة المالية العالمية التي وقعت نهاية عام 2008 إلى عمل تسويات لتجارتها الخارجية مع دول الجوار بالعملات المحلية، في إطار التخفف من الصدمات التي يحدثها إجراء التسويات التجارية عبر الدولار الأمريكي. ومن شأن دخول مصر ودول المنطقة في هذه الآلية، ولو بشكل تدريجي أن يحقق العديد من المزايا الاقتصادية، وخاصة أن معظم دول المنطقة (باستثناء الدول النفطية) تعاني من عجز في ميزان المدفوعات. وسوف تشعر الدول المشاركة في هذه الآلية بأن علاقاتها مع كل من مصر وتركيا تأتي في إطار تبادل المصالح، وليس الانحياز لمصلحة طرف واحد فقط، والذي عادة ما يكون الطرف الأقوى .
من شأن التقارب المصري التركي أن يكون له أثر ملموس في المنطقة العربية، إذا ما أخذ في الاعتبار احتياجات الدول العربية الأقل نموًا، وهي (السودان، اليمن، موريتانيا، الصومال، جيبوتي) وهي دول تربط كل من مصر وتركيا بها علاقات جيدة، وتجعل من الدور المصري التركي تناول جديد يعكس آثارًا إيجابية من الناحية التنموية، إذ تركز غالبية مشروعات التعاون الثنائية أو الإقليمية على دول الخليج، ثم دول الاقتصادية متوسطة النمو، وتهمل الاقتصاديات العربية الأقل نموًا .
ختامًا: سوف يكون للتقارب المصري التركي أثره الملموس على اقتصاديات المنطقة، إذ ما انتهت حالة اللاستقرار السياسي التي تعاني منها مصر على مدار العامين الماضيين بشكل عام، وخلال الشهور الأربعة الماضية. إذ سيكون من شأن وجود مشروعات مشتركة بمصر وتركيا مردود ومجال كبير لباقي دول المنطقة العربية، كما سيخفف من الأثار السلبية للمشروعات الإقليمية البديلة بالمنطقة .
الأناضول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.