تشهد الساحة المصرفية الهندية تغييرات جذرية هائلة اذ أكد مصرفيون هنود في الآونة الأخيرة أن البنك المركزي الهندي بصدد اتخاذ خطوات جادة من شأنها فتح الابواب أمام تدفق البنوك الأجنبية وإتاحة الفرصة امامها للتملك والاستحواذ في السوق الهندي بل ومنافسة البنوك المحلية. من جانبهم أعرب مصرفيون دوليون عن رغبتهم في قيام الحكومة الهندية بتخفيف وطأة القيود المفروضة علي نشاط البنوك الأجنبية في السوق الهندي ويأملون في اتاحة الفرصة امام البنوك الأجنبية للتوسع والعمل علي جذب الملايين من العملاء الهنود والذين بدورهم استفادوا كثيرا من سياسة التحرير الاقتصادي في السنوات الأخيرة. من ناحية أخري تشير الاحصاءات الي ان البنوك الهندية حققت زيادة في الدخل بمقدار 13% ليصل الي 30 مليار دولار أو ما يوازي 6.22 مليار يورو للعام المالي المنتهي في مارس ،2004 وذلك راجع حسب ما يقوله المراقبون الي وجود الملايين من الهنود لدعم حسابات الادخار وحاملي بطاقات الائتمان وإقبال المستهلكين علي قروض السيارات. ويحمل المراقبون بشدة علي أداء البنوك الحكومية الهندية والتي أبدت تباطؤا شديداً مقارنة بأداء البنوك الخاصة والأجنبية والتي قادت المسيرة وملأت الفراغ الذي خلفته البنوك الحكومية. واستطاعت الأخيرة ان تحقق نموا في الدخل باكثر من 30% سنويا خلال الخمس السنوات الماضية. ويقول المصرفيون ان دخل البنوك الأجنبية الناتج عن أرباح بطاقات الائتمان والقروض الاستهلاكية شهدت توسعا بمعدل 90% سنويا. من جانبه يقول أحد المصرفيين بمجموعة ستاندرد شارتريد في مومباي اننا نتوقع نموا في العائد فيما يتراوح 12% و 13% في فترة تتراوح بين 5 الي 10 سنوات قادمة، ويضيف قائلا إن هذا المعدل ضخم بالمقارنة بمعدلات النمو المصرفي في البلدان المتقدمة والذي يتراوح فيما بين 2% و 3%. وتتوقع مصادر مصرفية ذات صلة وثيقة بالبنك المركزي الاعلان عن الطرق والوسائل الجديدة التي تحدد ألية تملك البنوك الأجنبية الوافدة حصصاً وأسهما من البنوك المحلية. وطبقا للقواعد التي يتوقع صدورها يكون من حق المستثمرين الأجانب سواء كانوا أشخاصا أو شركات تملك 79% من أسهم البنك المحلي. علي الرغم أنه في الوقت الحالي ينبغي لتملك 5% من أسهم البنك الهندي الحصول مسبقا علي موافقة من جانب البنك المركزي الهندي. ويقول المسئولون في فرع HsBc في الهند ان السوق الهندي سوق واعد حيث الفرص الهائلة في إدارة الثروة بالاضافة الي المؤشرات الدالة علي اتساع نطاق قطاع التجزئة المصرفية، ووجود فرص اخري امام قطاع الشركات. ويضيف المراقبون أن المركزي الهندي يرغب في التأكد من أن فتح الأبواب امام البنوك الأجنبية لمنافسة البنوك المحلية لن يؤدي الي تسريح الموظفين المصرفيين المحليين ويري مصرفيون ان البنك المركزي الهندي سيقوم بوضع اختبارات جدية أمام البنوك الوافدة للتأكد من نيتها في الاستمرار في السوق الهندي من عدمه. ويقول بعض المصرفيين المتفائلين أنه علي الرغم من القيود الصارمة علي نشاط البنوك الأجنبية في السوق الهندي، فإن ذلك لم يحل دون توسع البنوك الوافدة هناك، حيث استطاعت مجموعة سيتي جروب الأمريكية العملاقة جذب 2 مليون عميل هندي جديد خلال العام المنصرم، في الوقت ذاته قام بنك HsBc البريطاني بتعيين اكثر من 2000 موظف في فروعه المنتشرة في السوق الهندي بالاضافة الي انشائه 160 ماكينة صرف آلي وافتتاح 10 فروع جديدة. من ناحية أخري اتسع نطاق بنوك الانترنت في السوق الهندي بالاضافة الي امكانية الحصول علي الخدمات المصرفية عبر الهاتف، حيث تشير الاحصاءات الي ان مجموع التعاملات البنكية التي تتم عبر الانترنت والهاتف 2 مليون عملية مصرفية شهريا. ولا يقتصر نشاط البنوك الاجنبية في الهند علي "سيتي بنك" الأمريكية بل تتواجد بنوك بريطانية أخري مثل HsBc، وستاندر تشارترد، ويوجد نظائرها من البنوك المحلية مثل HDFC. ويعرب المسئولون في البنوك الاجنبية عن أملهم في التوسع في السوق الهندي بشكل أوسع مما عليه حاليا في حالة اتاحة الحرية اللازمة لذلك. ففي الآونة الأخيرة تمكن HsBc البريطاني من شراء حوالي 5.14% من أسهم "UTi" مقابل 67 مليون دولار. كما قامت شركة "تيماسك هولدنج" والتي تتخذ من سنغافورة مقرا لها بشراء 9% من أسهم "ICICI" الهندي مقابل 500 مليون دولار خلال عام 2003. ويتوقع المصرفيون الهنود تدفق الأموال لشراء الأسهم والحصص في البنوك المحلية في حالة اتضاح الصورة النهائية التي تحكم قواعد التملك والاستحواذ، وقد ارتفعت اسهم البنوك الهندية اثر نشر ابناء بوفود بنوك دولية الي الساحة المصرفية الهندية حيث ارتفعت اسهم بنك UTI بمعدل أكثر من 30% خلال الشهور الثلاثة الماضية.