عام جديد هو عام 2005 بدايته جاءت تحمل معها ما قد يشير الي انه عام مختلف بالنسبة لنا وبالنسبة لغيرنا.. فبالنسبة لنا يمكن ان نطلق عليه عام "حسم الخيارات" ذلك ان نهايات العام السابق قد شهدت لدينا بداية لسياسات جديدة تستند الي فكر جديد، البعض قد قابلها بالتخوف والتردد لانها غير مألوفة بالنسبة لنا والبعض الاخر - وهم قد يكونون الاغلبية - قد قابلها بالترحيب والارتياح لانها تعني تهيئة المناخ لانطلاقة جديدة تسعي لتحريك الاسواق وتنشيطها ولتنمية الاستثمارات وتنويعها ونعني هنا ما يحدث في مجال الضرائب والجمارك وكذلك في القطاع المصرفي كمقدمة لسياسات اخري تشمل جميع القطاعات.. ولاشك ان الفكر الجديد الذي جاءت تلك السياسات ترجمة له.. ينبغي ان نحسم خياراتنا بشأنه وان نمضي فيه وبه لانه - وهذه وجهة نظري - لا بديل عنه في هذه المرحلة ولهذه المرحلة.. وهناك في المجال بالنسبة لحسم الخيارات اسئلة عديدة تنتظر اجابات حاسمة عنها في هذا العام الجديد 2005: 1- هل سنواصل السير في عملية الاصلاح الضريبي ولا تتوقف عند حد ضرائب الدخل ام سيعاد النظر في نظام الضريبة العامة علي المبيعات وفي الضرائب العقارية وفي غير ذلك من الضرائب غير المباشرة حتي يأتي النظام الضريبي في مختلف جوانبه متسقا ومساندا لعملية التنمية ومستجيبا للفكر الجديد الذي ارتضيناه ام سنظل فقط عند البدايات نأخذ فيها بالجديد ونترك بقية جبل الجليد دون حسم.. وهل التدرج هنا كسياسة يعني ضياع الفرصة منا؟ ان الاصلاح كالعلاج لابد ان تأتي جرعاته كافية ومتتابعة ومتكاملة حتي يؤتي ثماره. 2- هل ستشهد سياسات الانفاق العام الجديد في اطار الموازنة العامة للدولة من حيث اولويات واساليب تمويله ام ستظل خياراتنا تتحسس الطريق وتتحوط للمجهول الذي ظللنا لفترات طويلة نترقبه ونعد له الحسابات حتي تاهت بنا ومعنا تلك الحسابات؟ خذ علي سبيل المثال موضوع تمويل التعليم.. لاشك ان التعليم المجاني حق لابد ان تستثمر فيه ولكن هناك رغم ذلك ومع ذلك عدة بدائل لتمويل تعليم عصري لم يعد هناك بد عنه.. وتلك مسألة اساسية في تطوير منظومة التعليم.. وهذا مجرد مثال يمكن ان نضيف اليه امثلة اخري في قضية الدعم وفي الصحة والتأمينات الاجتماعية والثقافة والاعلام وغيرها من مجالات الانفاق العام. 3- هل ستتبني السياسات النقدية عندنا استهداف معدل للتضخم؟ وما هو؟ وما هي آليات تلك السياسة وكيف تتكامل وتتسق مع السياسات المالية الجديدة؟ وما هو الاصلاح الذي سيتم في اعادة هيكلة القطاع المالي وقطاع المؤسسات المصرفية وقطاع المؤسسات المالية الاخري غير المصرفية؟ وهل لدينا جدول زمني في هذا الاطار؟ نعم، الحكومة قد اعلنت برامجها العشرة في بيانها امام مجلس الشعب ولكن ما هي اولويات وآليات التنفيذ في مجال السياسات النقدية وهي سياسات حاكمة؟ هل ستظل فعلا تعتمد علي الدولار كعملة رئيسية ام ستتحول الي سلة من العملات؟ والناس هنا حيري اذا ما ارتفع سعر الدولار واشتعلت الاسعار وتصاعدت شكوي الناس من الغلاء.. قلنا الدولار وسنينه.. واذا ما تراجع الدولار امام اليورو والاسترليني وبدأ حالة غير مستقرة ولا ندري هل يصلح نفسه ام يفقد عرشه.. فقد تراجعت اسعاره والحمد لله ولكن ذلك لم يؤثر بشكل ملحوظ علي الاسعار المشتعلة.. ونحن هنا في ظل سياسات السوق لن نصدر اوامر ادارية لينخفض الغلاء ولكننا نستطيع بسياسات ملائمة وفعالة ان نضع آليات السوق عند رشدها، فليست تلك الآليات سداح مداح. 4- كيف ستتعامل الاجهزة الادارية المعنية مع تبعات وآثار السياسات الجديدة؟ ونعني بذلك علي سبيل المثال كيف ستتعامل الادارة الضريبية مع الممولين في اطار الفكر الضريبي الجديد؟ وكيف ستتعامل منظومة التعليم مع الطالب والاستاذ، وقضية معايير الاعتماد والجودة، وقضية تمويل التعليم.. وكيف ستكون نظم الامتحانات علي سبيل المثال ونظم الدراسة متسقة في هذا الاطار؟ اسئلة عديدة تتعلق بمدي استعداد الجهاز الاداري للدولة علي المستوي المركزي وعلي مستوي المحليات للتجاوب مع السياسات الجديدة وهل تم اعداده بالقدر الكافي لذلك.. ام ان الفجوة سوف تتسع بين ما نريد وما نستهدف وما يطبق علي ارض الواقع بسبب تلك الفجوة الادارية بالغة الاثر والتأثير في جميع المجالات؟ وكم من سياسات جيدة وضعناها ونظم متطورة استهدفناها ولكنها كلها او معظمها علي الاقل تحطمت عند عتبة الادارة في مواقع التنفيذ في الاجهزة الادارية الحكومية.