في الوقت الذي يدعو فيه الدكتور حسن خضر وزير التموين والتجارة الداخلية القطاع الخاص للاستثمار في مجال بناء الصوامع اللازمة لتخزين الحبوب في إطار المشروع القومي لبناء 50 صومعة معدنية بطاقة 30 ألف طن لكل صومعة لتقليل ال10% نسبة الفاقد من إجمالي استهلاك القمح في مصر والبالغ 13 مليون طن سنوياً.. كشف مصدر ل"الأسبوعي" عن واقعة غريبة بكل المقاييس حيث يوجد أكثر من 120 ألف طن قمح علي أرض ميناء الدخيلة بالإسكندرية منذ شهر سبتمبر الماضي وحتي لحظتنا الحالية.. وهو ما يدعونا للبحث عن المسئول عن إهمال هذه السلعة الاستراتيجية بهذا الشكل والتي تتكلف دعماً سنوياً من الدولة بحوالي 750 مليون جنيه. "الأسبوعي" من جهتها تحولت إلي الموقع والتقطت صوراً لهذه "المهزلة" وسألت عدداً من المصادر علي عين المكان، أحد هذه المصادر أوضح أن القمح الملقي علي أرض ميناء الدخيلة تعرض لسقوط الأمطار الأسبوع الماضي مرتين.. الأولي لمدة ساعة من الساعة الثالثة والنصف وحتي الرابعة والنصف صباحاً.. والثانية من الساعة التاسعة وحتي العاشرة ونصف صباحاً.. مشيراً إلي أن هذه الكمية تم تفريغها من علي مركبين.. المركب الأول ويدعي "داني" وصلت لميناء الدخيلة يوم 22 سبتبمر الماضي وبدأ التفريغ بعد أربعة أيام أي يوم 26 سبتمبر، لحمولته البالغة 63 ألف طن قمح وقامت بالتفريغ شركة الصوامع العامة لصاحبة الرسالة هيئة السلع التموينية وانتهي التفريغ في 7 أكتوبر الحالي. والمركب الثاني ويدعي "ايه. بي. بيت" وصل لنفس الميناء يوم 30 سبتمبر الماضي وبدأ في تفريغ حمولته البالغة 57 ألفاً و748 طناً يوم 3 أكتوبر وتم تفريغها بواسطة شركة يونيجرن وهي شركة تفريغ من الباطن لصالح شركة الصوامع العامة وانتهي التفريغ في 13 أكتوبر، ومازالت الشحنتان علي أرض الميناء للآن وقد لاحظت "الأسبوعي" وجود بعض الكميات بجوار مواد كيماوية، وذلك في العراء وعلي الأسفلت! عدد من المصادر في ميناء الدخيلة أكد وجود أكثر من 100 ألف متر خالية بأرض الميناء وتساءلوا لماذا لا يتم بناء صومعة داخل الميناء لاستيعاب هذه الأقماح الملقاة علي الأرض والتي تهدر منها كميات ليست بالقليلة نتيجة الإهمال إضافة إلي عدم توافر الشروط الصحية نتيجة وجودها في العراء وبدون أية حماية، المصادر أشارت أيضاً إلي أن هناك صوامع في الإسكندرية نفسها يعني علي بعد مسافة لا تذكر من الميناء وتساءلوا بدورهم عن أسباب عدم نقل هذه الكمية إليها بدلاً من تركها هكذا. من جانبه تساءل كامل عمارة رئيس غرفة صناعة الحبوب عن عدم لجوء هيئة السلع التموينية للاستفادة من صوامع القطاع الخاص إذا كانت صوامعها ممتلئة مؤكداً أن صوامع القطاع الخاص غير متواجدة ضمن استراتيجية التخزين للدولة. وأشار إلي أن فكرة إنشاء 50 صومعة رغم أنه تم إنشاء شركة للإشراف عليها وهي الشركة العامة للصوامع ويتولي مسئوليتها حالياً رئيس هيئة السلع التموينية السابق إلا أن خطوات الإنجاز بها محدودة جداً علي حد تعبيره وما تم تنفيذه من ال 50 صومعة محدود جداً رغم تجاوب المحافظات بتخصيص الأراضي اللازمة للصوامع. وأوضح كامل زكي عمارة أن مصر يدخلها شهرياً 700 ألف طن قمح بمعدل 200 ألف طن أسبوعياً وهيئة الطرق والنقل البري المكلفة بنقل هذه الأقماح لديها مشكلة وهي استهلاك أسطولها وعدم توافر الميزانيات لتجديده.. وفسر كامل زكي أسباب وجود هذه الأقماح في العراء علي أرضية الميناء بعوامل مرتبطة بشروط المدة المسموحة للمراكب بالتواجد فيها فكل مركب له توقيت محدد داخل الموانئ وإذا تأخر تدفع هيئة السلع التموينية غرامات وهو ما يجعلها تلجأ لترك القمح بهذه الصورة في الموانئ. من جانبه رد عاطف قباني مدير عام الشركة الوطنية للشحن والتفريغ علي الاتهامات بعدم اللجوء إلي صوامع القطاع الخاص في التخزين موضحاً أنها لا تفضل التعامل مع هيئة السلع التموينية نظراً لوجود العديد من المشكلات الإدارية وصعوبة التعامل خاصة أن معدل التفريغ في صوامع القطاع الخاص عالي جداً ولا يتناسب مع أسلوب الهيئة والتي تلجأ للتخزين لتوفير المخزون الاستراتيجي مشيراً إلي أن الصومعة التابعة للشركة مثلاً تم استهلاك 25 ألف طن من 60 ألف طن سعة الصومعة خلال 3 أيام فقط وهو ما يعني أن ذلك لا يتناسب مع طبيعة عمل هيئة السلع التموينية. وأكد أن التدفق بشكل مستمر للأقماح خلال الصوامع هو ما يجعل القطاع الخاص مستمراً في هذا القطاع وأنه لو تم تخزين 30 ألف طن علي مدار العام فسوف يخسر القطاع الخاص علي حد تعبيره.