أزمات طاحنة ومتتالية تتعرض لها البورصة المصرية منذ بداية العام الجارى، بالرغم من المؤشرات الايجابية التى كانت تؤكد أن البورصة فى طريقها إلى مواصلة الصعود، وتعويض جزء من خسائرها إلى تكبدتها على مدار العامين الماضيين. وكانت البورصة أكثر المتضررين بفعل عوامل اقتصادية وسياسية كثيرة، شهدتها البلاد خلال الشهرين الماضيين ولأن البورصة هى المرآة العاكسة للوضع الاقتصادى فإن المستثمرين بها صاحبتهم حالات غير معهودة من الترقب والتوتر والحذر جراء مراقبة الأوضاع السياسية عن كثب، خاصة فى ظل عوامل ومؤشرات سلبية كبيرة صاحبت عمليات البورصة منذ انطلاق جلساتها مع بدايات العام الجارى 2013. وحذر خبراء ومحللون ماليون من تعرض البورصة لمزيد من الضغوط خلال الفترة المقبلة بينما اعتبر البعض الآخر أن تدنى أسعار الأسهم حاليا يزيد جاذبية السوق، مقارنة بالادخار فى البنوك. وضع سياسى متأزم لا يبشر بأى بادرة أمل صاحبه تراجع عنيف وملحوظ فى إحجام وقيم التداولات، نتيجة للنقص الواضح فى معدلات السيولة، وأحداث عنف فى الشارع انتهت مؤخرا بالدعوات للعصيان المدنى ضد النظام الحاكم فى البلاد، مما جعل الخبراء يؤكدون أن الأمور تزداد تعقداً، وأن البورصة هى الوحيدة التى تدفع الثمن. إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث الفنية فى شركة ?أصول? للسمسرة فى الأوراق المالية أكد أن أحجام وقيم التداولات واصلت تدنيها بشكل ملحوظ خلال الأسبوعين الماضيين، إذ لم تعد تتجاوز فى مجملها حاجز ال 310 390 مليون جنيه، كتعاملات يومية. وأضاف أنه مازالت حالة الحيرة والترقب لدى جميع فئات المستثمرين هى العامل المؤثر فى استمرار تراجع قيم وأحجام التعاملات، وتوقع استمرار تلك الحالة لحين ظهور محفزات جديدة تدفع المتعاملين على العودة للسوق لاسيما فيما يتعلق بالوضع السياسى. وأكد أن مواصلة المستثمرين الأجانب لسلوكهم البيعى أغلب جلسات الأسبوعين الماضيين، مع ملاحظة استمرار الارتفاع فى نسبتهم الكلية لتتراوح بين 17 21%، أسهم أيضا فى تدنى التعاملات، وأما عن المستثمرين العرب فلم يختلف سلوكهم كثيراً عن سابقيهم فقد شهد الأسبوع الماضى تباينا واضحا بين عملياتهم الشرائىة والبيعية مع ملاحظة تراجع نسبتهم الكلية أغلب جلسات الأسبوع لتتراوح بين 3 7% من التعاملات اليومية الأمر الذى يشير إلى ضعف تأثيرهم فى أداء السوق بشكل عام، وأخيرا وعن المستثمرين المصريين فقد واصلوا عملياتهم الشرائية للأسبوع الثانى على التوالى وإن كانت نسب الشراء ضعيفة بالحد الذى يجعلها غير مؤثرة فى اتجاه السوق بشكل عام. من جهتها رهنت المحللة الاقتصادية بأحد بنوك الاستثمار منى منصور تحرك مؤشرات البورصة المصرية بخطى صاعدة بشرط هدوء الأوضاع على الساحة السياسية والاستجابة لدعوات لم الشمل والحفاظ على الدولة وعودة عجلة الإنتاج لدعم الاقتصاد المصرى من عثرته فى ظل المؤشرات السلبية. واعتبرت أن إغلاق المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية عند مستوى 5609 نقاط بنهاية التداولات، مرجحا أن يستمر مستهدفا مستوى الدعم التالى 5500 نقطة. ويقول العضو المنتدب بإحدى شركات إدارة المحافظ خليفة محمود إن الدعوات للعصيان المدنى التى انطلقت من محافظة بورسعيد وامتدادها إلى باقى محافظات القناة، وسط مخاوف من وصولها إلى القاهرة وباقى المحافظات الأخرى، يثير مخاوف شديدة للغاية ستترك آثارا سلبية كبيرة وغير إيجابية على الوضع فى البورصة. وأشار إلى أن البورصة تعانى من أزمة حقيقية فى المقام الأول وهى أزمة سيولة طاحنة، وذلك بسبب خروج الكثير من الاستثمارات على مدار العامين الماضيين، هذا بالرغم من أن البورصة تحظى بفرص نمو عالية وواعدة، خاصة فى ظل الأسعار الحالية للأسهم. وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إن تعاملات الأسبوعين الماضيين شهدت تذبذبا فى إطار نطاق عرضى هابط مع تباين فى أداء مؤشرات البورصة التى واجهت ضغوطا بيعية، من المتعاملين المصريين الأفراد على وجه الخصوص وسط نشاط شرائى للمستثمرين الأجانب خاصة بالنصف الثانى من الأسبوع أسهم فى تحجيم خسائر المؤشرات مع ظهور تحفز للقوى الشرائية فى السوق للاستمرار فى المشتريات الانتقائية. وأوضح أن التحرك العرضى المائل للهبوط هو المتحكم فى السوق بسبب عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، مضيفا أن هناك تأثيرات سلبية لاستمرار محاولات فرض محتجين عصيانا مدنيا على العديد من المؤسسات العامة والخاصة فى محافظة بورسعيد، فضلا عن ضبابية حصول مصر على قرض بقيمة 8.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولى. وقال إن السوق سيطرت عليها حالة من الضغوط الكبيرة ترجمت إلى عمليات بيع، مضيفا أنه من المفترض أن تكون هذه علامة إيجابية.. لكن السوق لاتزال ضعيفة إذ أن المراهنين على الصعود غير قادرين على دفع السوق لتجاوز المستوى الحالى بسبب عدم التيقن.