مازالت الحقيقة غائبة حول هوية من اغتال جنودنا في رفح في 5 أغسطس ،2012 الحيرة تملكت الجميع حيال الجريمة التي وقعت في شهر رمضان الماضي ليتم بعد ذلك التستر علي أسماء منفذيها ولا يعلن عنهم اغتيل جنودنا غيلة وغدرا ولم يتم كشف النقاب عما أسفرت عنه التحقيقات حتي الآن رغم مرور أكثر من ستة أشهر علي هذا الحادث المفجع. أصابع الاتهام تتجه نحو من يسمون بالجهاديين أو التكفيريين الذين قدموا من الخارج من دول متعددة وسمح لهم الدكتور "مرسي" بالدخول إلي مصر وما لبث هؤلاء أن شدوا الرحال إلي سيناء حيث استقروا هناك وشكلوا جيوبا قامت بتنفيذ أكثر من عملية ضد جنودنا ومن بينها هذه العملية التي قتل فيها 16 جنديا مصريا ولقد تردد الحديث عن شبهة أن يكون الحكام الجدد في مصر قد رأوا عدم الافصاح عن أسماء المتورطين في الجريمة في الوقت الحالي علي الأقل لأسباب غير معلومة. أصابع الاتهام قد تشمل فلسطينيين من غرة لاسيما أن مصدرا أمنيا مصريا أعلن في حينه أن المهاجمين عناصر جهادية، أتت من غزة وأن قصفنا بالهاون انطلق من غزة علي الأراضي المصرية لمساعدة المسلحين الذين نفذوا الجريمة كما أن أصابع الاتهام تشير إلي إمكانية تواطؤ إسرائيل فعشية وقوع الجريمة وتحديدا يوم الخميس الثاني من أغسطس دعت إسرائيل رعاياها إلي مغادرة سيناء فورا إثر تلقيها معلومات عن اعتداءات إرهابية يجري التحضير لها بل إنها وعلي مدي أسبوع كامل راحت تحذر الاسرائليين من التواجد في سيناء بدعوي انعدام الأمن وبادرت بمنع السياح من التوجه إلي سيناء محذرة إياهم بأن هناك هجوما وشيكا علي الحدود المصرية وما من شك في أن كل هذا يمثل مؤشرات واضحة علي أن هناك اختراقا إسرائيليا للمجموعة التي نفذت اغتيال الجنود المصريين ويعزز هذه الفرضية مطامعها المعروفة في سيناء ولعل اهونها ما أعلنت عنه إسرائيل تحت ما سمي بخطة مبادلة الأراضي بينها وبين مصر تحصل إسرائيل بمقتضاها علي أجزاء من أراضي سيناء لتضم إلي الأراضي الفلسطينية وتحصل مصر في المقابل علي أجزاء بنفس المساحة من صحراء النقب فإسرائيل عينها علي سيناء وهي معنية باستهداف مصر عن طريقها وكل المؤشرات تكاد تجزم بذلك لاسيما مع خطة التهويد التي تسير فيها إسرائيل قدما من خلال تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وبصفة خاصة في القدس الثابت إذن أن إسرائيل هي المستفيد من عملية كهذه وقد يكون المنفذون للعملية الاجرامية ضد الجنود المصريين أداة للموساد أو "الشين بيت" ولقد نجحت إسرائيل في طمس الدليل عندما بادرت طائراتها بقصف العربة المدرعة التي يستقلها من نفذوا الجريمة وقتلت من فيها عندما عبروا إلي حدودها ومن ثم ضاع الأثر ليظل الفاعل مجهولا. وهكذا استطاعت إسرائيل أن تحقق أكثر من هدف من خلال هذه العملية، فلقد أثبتت صحة تقاريرها حول هشاشة الوضع الأمني في سيناء كما أنها بررت بهذه العملية لنفسها انتشارا أوسع لقواتها علي الحدود مع مصر ولا يستبعد استخدامها عناصر سيناوية في الهجوم هذا بالإضافة إلي أنها تعمدت إظهار مصر ضعيفة لاحول لها ولا قوة ولهذا رأينا "نيتانياهو" في أعقاب الجريمة يخرج ليشيد بقواته وكيف أنهم نجحوا في قتل الارهابيين الذين اجتازوا الحدود المصرية الإسرائيلية في أعقاب قتلهم للجنود المصريين ولم ينس نيتانياهو أن يوجه انتقادا حادا لمصر بصورة ضمنية بسبب عدم وجود سيطرة أمنية بسيناء وفي المقابل اشاد بالاجراءات التي اتخذها الجيش الإسرائيلي و"الشين بيت" لإحباط الهجوم الارهابي الكبير الذي كان يستهدف المواطنين الإسرائيليين. وتظل إسرائيل هي العدو لمصر علي مدي كل الحقب بما فيها حقبة الإخوان المسلمين بل إن واقعة الاغتيال الآثمة التي راح ضحيتها 16 جنديا مصريا استدعت من جديد أطماع إسرائيل في سيناء والتي تزداد اليوم مع الاضطرابات السياسية الداخلية التي تشهدها مصر في عهد حكم الإخوان وتظل هناك إمكانية اندلاع حرب إسرائيلية مصرية لاسيما وأن أسباب المواجهة قائمة بالفعل وهناك مؤشرات كثيرة تدعم هذه الفرضية ومنها ما أعلنته إسرائيل في 27 من شهر يناير الماضي من أن جيشها نشر أربعة كتائب من قواته علي الحدود مع مصر وهي الكتائب المعروفة بكتائب "الإله" وتضم المتدينيين الأكثر تطرفا وكرها للعرب ولقد جاء نشرها بعد بناء الجدار الذي أقامته إسرائيل في نفس المنطقة. باحثون إسرائيليون يرون اليوم أنه بات من السهل نسبيا علي الجيش الإسرائيلي اختراق عمق سيناء في ظل غياب المنشآت المحصنة للجيش المصري التي كان بإمكانها أن تشكل عقبات أمام التقدم البري الإسرائيلي ولكن وحتي إذا كانت هناك أسباب كثيرة لعدم الاقدام علي تحدي كل منهما "مصر وإسرائيل" للآخر عسكريا إلا أن فرضية حدوث خلاف يؤدي إلي اشتباك تظل فرضية قائمة وهو ما يتطلب أخذ الجذر والاستعداد لمواجهة تحتملة من قبل إسرائيل حتي ولو كانت في طور الاستعداد لجبهات أخري كحزب الله وإيران وسوريا...