في ختام القمة السادسة عشرة لدول حركة عدم الانحياز دعا إعلان طهران إلي عدم التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول، ودعا إلي حل النزاعات سلميا. وشدد علي رفض قضايا التمييز العنصري ومعاداة الإسلام. وأكد علي ضرورة نزع السلاح النووي وحق كل الدول في انتاج الطاقة النووية لأهداف سلمية ورفض كل العقوبات الاحادية الجانب والتهديد العسكري ضد أي بلد. وكان هناك شبه اجماع علي ضرورة ايجاد حل سياسي وسلمي للأزمة في سوريا ورفض التدخل العسكري فيها وتشكيل ترويكا من إيران ومصر وفنزويلا للتنسيق بهذا الشأن. نكهة خاصة حظيت بها قمة عدم الانحياز التي عقدت في طهران علي مدي يومي ،30 31 من الشهر الماضي، فلقد جاء انعقادها متزامنا مع حالة التوتر في المنطقة وفي ظل التهديدات الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية والحرب الدولية بالوكالة المندلعة في الساحة السورية. وتعد هذه القمة أهم حدث دبلوماسي في إيران منذ سنة 1979 فهي انتصار لها في معركتها للخروج من العزلة وسعيها للظفر بدعم دول الحركة لموقفها حيال الجدل الدائر بينها وبين الغرب حول ملفها النووي، ولقد استفادت إيران من تسلمها دورية رئاسة حركة عدم الانحياز في تنشيط دورها لمواجهة القوي الكبري. هيمن علي القمة موضوعان الأزمة في سوريا ومحاولة التوصل إلي حل لها والموضوع النووي لاسيما وأن كل دول عدم الانحياز تتطلع إلي امتلاك الطاقة النووية السلمية وتطالب بتجريد المنطقة من أسلحة الدمار الشامل وتبدي القلق حيال حيازة إسرائيل للسلاح النووي. ولقد حرص المرشد الأعلي "علي خامئني" علي التذكير بأن السلاح النووي لا يوفر الأمان لمن يحوزه وأن إيران لا تسعي إلي امتلاكه ولكنها تتمسك بامتلاك الطاقة النووية السلمية بوصفها حقا مكفولا للجميع. لقد أتاحت القمة لإيران أداء دور أكبر في تسوية الأزمة السورية عبر مبادرات أولها البيان الختامي لقمة طهران الذي أكد علي ضرورة حل الأزمة السورية سياسيا ومعارضة التدخل الأجنبي في سوريا إضافة إلي إقامة مجموعة اتصال اقليمية حول سوريا، ولاشك أن إيران وهي تقدم مبادرات الحل قد أخذت في الاعتبار ضرورة الضغط علي الأطراف الخارجية التي تقدم الدعم العسكري للمعارضة بشكل يشجعها علي المضي قدما في نهجها الرافض للمشاركة في الحوار الوطني. بل ينطوي علي خطر تصعيد المواجهة لاحقا مما قد يؤدي إلي عواقب تطيح بالاستقرار كلية في سوريا بل في منطقة الشرق الأوسط بأسرها وهو أمر يتناقض مع قرارات مجلس الأمن وخطة "كوفي أنان" للسلام والبيان الختامي للاجتماع الوزاري لمجموعة العمل حول سوريا في جنيف الذي عقد في 30 يونية الماضي، فالأساس لتسوية الأزمة في سوريا يعتمد علي وقف العنف من كل الأطراف والدخول في حوار وطني. لقد كان هناك جهد دبلوماسي قادته مصر وإيران لحل الأزمة في سوريا، وجاء مبادرة مصر مفاجأة عندما طرحها الرئيس مرسي خلال قمة مكة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي عقدت في منتصف الشهر الماضي المبادرة تقضي بتشكيل فريق رباعي يضم مصر والسعودية وإيران وتركيا. أي الدول الأكثر نفوذا في المنطقة من أجل ايجاد حل للأزمة السورية. ولقد تساءل البعض هل تملك المبادرة المصرية المقومات التي تكفل نجاحها في الوصول إلي حل للأزمة في سوريا لاسيما أنها أدرجت إيران في التعامل مع الحل لتكون جزءاً من الحل وليس جزءا من المشكلة، بالإضافة إلي تركيا التي يمكن أن تسهم اسهاما اسهاما نوعيا مختلفا في الحل شريطة أن توقف دعم المعارضة والتي يتعين عليها اليوم إن كانت جادة العمل علي إنهاء نزيف الدم فورا ووقف العنف لانقاذ سوريا من الدخول في حرب أهلية. ولاشك أن السعودية تتوافر لديها القدرة علي تحقيق الأرضية المناسبة للحل من خلال ما تملكه من أوراق ضغط علي المعارضة تهدد خلالها بوقف الدعم لها. بيد أن الرئيس مرسي بدد الأمل الذي راود الكثيرين في أن تقود مبادرته إلي حل للأزمة السورية وذلك عندما راح يردد المطالبة برحيل النظام عبر تصريحاته اللاذعة وعبر خطابه أمام القمة والذي اتسم بالحدة ضد النظام السوري بشكل يعقد المواقف وينسف المبادرة وذلك عندما أسقط شرعية النظام السوري وطالب بتنحيته!! فهل كان يدري أنه بذلك قد أفرغ مبادرته من مضمونها الايجابي وأهال عليها التراب؟ وهل غاب عنه أن هذا مطلب أمريكا ودول غربية كفرنسا وبريطانيا؟ وهل غاب عنه أن مصر كان يجب أن تختلف عن الغرب الاستعماري الذي لا يريد حل الأزمة