تجري باليونان يوم الأحد القادم الانتخابات البرلمانية المبكرة، والتي سوف تحدد بوضوح شكل ونوع الحكومة المقبلة وهل ستكون نتائجها علي غرار نتيجة الانتخابات السابقة التي جرت في السادس من الشهر الماضي وفازت فيها الأحزاب المتشددة والرافضة لإجراءات التقشف والإصلاح المفروضة علي البلاد من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل اسقاط جزء من مديونياتها واقراضها المزيد من التمويل المطلوب والضروري ومنحها الضمانات المالية الكفيلة بإخراجها من عثرتها. وقد حذر رئيس حزب الديمقراطية الجديدة اليميني انطوانيوس ساماراس من أن معارضة خطة الانقاذ الأوروبية ستؤدي إلي إخراج بلاده من منطقة اليورو، بما سيؤدي إلي انهيار الاقتصاد اليوناني وعزلته دوليا، فيما طالب رئيس حزب سيريزا اليساري المتشدد انطونيوس تسيبراس بوقف إجراءات التقشف التي فرضتها خطة الانقاذ الأووبية وايقاف سداد الديون المستحقة علي بلاده في ظل بقائها داخل منطقة اليورو.. ويتساءل بعض الخبراء عن موقف الحكومة الأوروبية في حال فوز فريق المتشددين وهل ستقبل التفاوض من جديد في شأن هذه المراجعة؟؟ أم أنها سوف ترفض التفاوض ومن ثم تمنع جميع التسهيلات المالية التي تمنحها للحكومة اليونانية، بما يعني احتمالية افلاس اليونان وخروجها من منطقة اليورو. مع العلم بأن الحكومة اليونانية مازالت في حاجة ماسة إلي الدعم الأوروبي كي تستطيع الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه دائنيها وفي مقدمتهم البنك المركزي الأوروبي التي استبعدت قيمة مشترياتهم من السندات اليونانية من صفقة تسوية الديون اليونانية مع المؤسسات المالية الخاصة في شهر مارس الماضي، والتي قضت بخفض مديونياتها لها والبالغة نحو 200 مليار يورو بأكثر من النصف، ولا سبيل أمامها لسداد هذه الالتزامات سوي من حصيلة الأموال الواردة إليها من هيئة الاستقرار المالي الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي. كما أن البنوك التجارية اليونانية تعتمد بشكل كبير علي القروض الممنوحة لها من البنك المركزي الأوروبي والتي بلغت نحو 130 مليار يورو، والتي يعني توقفها تعثر هذه البنوك وربما إفلاسها وانهيار النظام المصرف بالبلاد، وفي هذه الحالة فلن يكون أمام الحكومة اليونانية سوي الخروج من منطقة اليورو والعودة لعملتها القديمة "الدراخمة" وإعادة تقييم الأصول والالتزامات التي علي بنوكها بالدراخمة بدلا من اليورو، وكذا الحال بالنسبة لعقود البيع والشراء المحلية التي سوف تصبح بالدراخمة والتي من المتوقع انخفاض قيمتها أما اليورو بنسبة قد تصل لأكثر من 50% إذا لم تقم بمجموعة من الإجراءات الاحترازية. ففي حالة الخروج المفاجئ غير المنظم لليونان من منطقة اليورو سيتوقف انفاق الشركات والمستثمرين ويعاني الاقتصاد بشدة "في المدي القصير" وستفقد البلاد أكثر من 40% من إجمالي ناتجها المحلي في العام الأول من الخروج.. أما في حالة الخروج المنظم فمن المتوقع انكماش ناتجها المحلي في العام الأول بنحو7،5% ثم يرتفع في العام الثاني بنحو 1%.. كما ينكمش الناتج المحلي بالعديد من دول منطقة اليورو وفي مقدمتها ايطاليا واسبانيا والبرتغال وايرلندا بمعدل 2% في العام الأول، 1% في العام الثاني ويكون الانخفاض بدرجات أقل في كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا. وسوف يتيح الخروج المنظم لليونان واستعادة عملتها القديمة "الدراخمة" حق خفض قيمة عملتها بما سوف يؤدي إلي خفض تكلفة منتجاتها وخدماتها، وما يترتب علي ذلك من زيادة قدرتها التصديرية وبالتالي التوسع في خطوط الإنتاج، وزيادة ايراداتها من العملات الصعبة بما يمكنها من سداد مديونياتها وخفض عجز موازنتها وفي نفس الوقت زيادة فرص العمل وخفض معدلات البطالة المرتفعة بالبلاد. أما عن سيناريو الخروج المنظم لليونان من منطقة اليورو فإنني أري أن يتم ذلك بشكل سريع ومفاجئ وأن يتم تحويل جميع الودائع الموجودة بالبنوك اليونانية من اليورو إلي الدراخمة "ويشترط أن يتم ذلك خلال فترة العطلة الأسبوعية لهذه البنوك" مع فرض ضوابط وقيود صارمة لمنع هروب النقود ورؤوس الأموال إلي خارج البلاد من خلال تشديد الرقابة علي المنافذ البرية والبحرية والجوية.