ظاهرة الأيادي المرتعشة في البنوك عادت من جديد ويبدو أن من سيتحمل فاتورتها الباهضة هي شركات قطاع الاعمال العام التي تتطالبها البنوك بشروط مجحفة لتمويل توسعاتها في العديد من الشركات وعلي رأسها كيما والدلتا للاسمدة . ورغم تأكيد خبراء الاقتصاد أن البنوك لم تقدم شيئا للاقتصاد في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد حاليا وأحجموا عن تمويل مشروعات عديدة في القطاعين العام والخاص علي السواء فإن مصرفيين أكدوا أن ما يراه البعض من أن البنوك لا تقرض إلا بضمان غير صحيح لأن أساس الاقراض في البنوك هو جدوي المشروع وهل لدي المشروع القدرة علي رد تمويل البنك أم لا، وعلي هذا الأساس يحدد شروط الائتمان التي تختلف من مشروع لآخر حسب طبيعة كل مشروع. وطالب الخبراء بوضع استراتيجية عاجلة لمواجهة الأزمة الحالية تقوم أولا علي تدعيم السيولة بالجهاز المصرفي المصري وتدعيم البورصة من خلال البنوك وهذا التدعيم يكون له الأولوية ويجب أن يحدث سريعاً لأسباب متعددة أهمها: قدرة البنوك استيفاء التزاماتها ومتطلبات الجميع بداية من المساهمين ومروراً بالمودعين والعاملين بها وانتهاء بقدرتها علي تمويل معدلات نمو الديون المحلية لحين الاعتماد بالكامل علي مصادر تمويل أخري لعجز الموازنة وليسهم أيضا الجهاز المصرفي في دعم البورصة والتي هي واجهة لأداء شركات القطاع الخاص في مصر وعلي تمويل المشروعات ذات العائد في القطاعين العام والخاص . أكد الدكتور أيمن فرج باحث اقتصادي بجامعة القاهرة أن البنوك عزفت عن منح الائتمان واتجهت لتمويل اذون الخزانة والسندات الحكومية خلال الفترة الحالية خاصة انه يعتبر ائتمانا آمنا في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، مشيرا الي أن جميع العوامل السابقة، بالاضافة الي تراجع الموارد السيادية للدولة من ضرائب وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة أدت الي حدوث أزمة سيولة في البلاد أضاف أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر كشفت أن البنوك الخاصة لم تأت إلي مصر بقصد التنمية، وإنما جاءت بقصد الربح لها ولأصحاب المصالح، ولم تقدم علي تمويل المشروعات التنموية في البلاد، موضحا أن تلك البنوك لم تقدم علي تمويل مجالات الاستثمار طويل الأجل، وتعزف عن الدخول في تمويل المشروعات طويلة الأجل، وتفضل التوسع في مجال التجزئة المصرفية، خاصة أن البنوك الخاصة في مصر توسعت في قطاع التجزئة المصرفية علي حساب تمويل المشروعات القومية، وأن جميع البنوك الخاصة توسعت في قطاع التجزئة المصرفية وافتتحت العديد من الفروع الصغيرة لمزاولة هذا النشاط، حيث تعد التجزئة المصرفية من الأنشطة الاستهلاكية، وليست أنشطة استثمارية وما يحصل عليه العملاء من تلك التسهيلات يأتي لأغراض شخصية وليس للاستثمارات الصناعية أو غيرها من القطاعات التنموية الأخري. أكد أن دور النظام المصرفي في أي اقتصاد هو توفير ميكانيكية لتحويل مدخرات الجمهور الي استثمارات في الآلات والمعدات والأبنية والبني التحتية والبضائع والخدمات مشيراً الي ان هذه الميكانيكية تقدم الفرصة للاقتصاد القومي للنمو وبالتالي تحسين المستوي المعيشي للسكان الذي يمثل الهدف الأسمي لأي سياسة اقتصادية. ولهذا اعتبرت الأنظمة المصرفية من أهم اختراعات المجتمعات الحديثة وذلك للدور الأساسي الذي تلعبه في الوساطة بين أماكن الفائض والعجز في الاقتصاد القومي وتسهيل عمليات الدفع وخزن القيمة الشرائية للنقود علي شكل أصول مختلفة وتوفير الحماية من المخاطر من خلال أدوات متعددة مشيرا إلي ان الفرصة أصبحت متاحة أمام البنوك لتلعب دوراً ايجابيا في التنمية وذلك عن طريق تمويل للشركات المنفذة للمشروعات الضخمة وعلي رأسها شركات قطاع الاعمال العام منوها الي ان القطاع المصرفي ينبغي أن يعتمد خلال الفترة الحالية علي زيادة حجم استثماراته لتقليل عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات. أكد الدكتور عبدالرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان أن الإئتمان معناه الثقة بمعني إذا منح البنك لعملية ائتمانا معينا يعني أنّ البنك يثق في مقدرة عميله، فيعطيه أموالا أوكفالة أو ضمانة قبل الغير ومنح الائتمان يعتبر جوهر فعاليات البنك مؤكدا أن أزمة الثقة هي التي دفعت البنوك الي الاحجام عن تمويل المشروعات والتوسعات بشركات قطاع الاعمال العام والخاص .