لم تستمر حالة التفاؤل التي سادت أسواق العملات امس بعد موافقة البرلمان اليوناني علي قانون تقدمت به الحكومة يتضمن إجراءات تقشفية، حتي عادت الشكوك تطل برأسها من جديد علي المشهد الأوربي حول مدي قدرة اليونان علي الوفاء بالتزاماتها وإمكانية ضمان صندوق النقد الدولي لهذه الاجراءات. وبعد ان شهدت العملات الاوربية الرئيسية ارتفاعات ملحوظة امس شهدت الاسواق ارتدادا مرة اخري لمستويات سابقة لينعكس ذلك بطبيعة الحال علي السوق المحلية التي سجل اليورو فيها 7.94 جنيه للشراء ونحو 7.97 جنيه للبيع بانخفاض يصل الي 6 قروش عن مستواه السابق ويدفع العملات الاوربية للتراجع. وعلي اثر العملة الاوربية تراجع الجنيه الاسترليني بمقدار قرشين ليصل الي 9.49 جنيه للشراء و 9.52 جنيه للبيع. كما انخفض الفرنك السويسري بمقدار قرش واحد ليصل الي 6.58 جنيه للشراء و6.61 جنيه للبيع . وكانت انباء غير ايجابية عن الاقتصادين البريطاني والفرنسي وردت من خلال وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد ساهمت في نظرة سلبية حول اوضاع الاقتصاد في الدولتين الكبيرتين خلال المرحلة القادمة. ولم يكن الين الياباني اسعد حظا من العملات الاوربية حيث مني بخسارة سعرية اضافية بعد قرار البنك المركزي الياباني بتثبيت الفائدة علي الين قريبة من الصفر لتسجل المائة ين 7.73 جنيه للشراء و7.75 جنيه للبيع بخسارة تبلغ قرشين عن السعر السابق. يأتي ذلك في الوقت الذي استمر فيه الدولار عند مستوي مستقر ليسجل 6.035 جنيه للشراء و6.045 جنيه للبيع، كما واكبت العملة السعودية الدولار لتستقر عند مستواها البالغ 1.60 جنيه للشراء و1.61 جنيه للبيع. من جانبه اعتبر عزت أبوزيد مدير شركة برنت للصرافة ان السوق المحلية لم تأخد نصيبها من الاستقرار والتفاعل الطبيعي مع المتغيرات الدولية نظرا للظروف التي تمر بها البلاد، مشيرا الي ان حالة عدم الاستقرار والتغيب الأمني يضع العديد من المشكلات امام رجال الاعمال والمستثمرين وبالتالي فإن حركة العملة وتداولها ما زالت في الحدود الضيقة والتي لا تعبر عن واقع العرض والطلب الحقيقيين . وأشار أبوزيد الي وجود العديد من الاعتمادات وطلبات الاستيراد المؤجلة فضلا عن الضوابط التي يضعها البنك المركزي بشان التحويلات للعملة الصعبة وغيرها مما يؤكد حالة الارتباك التي لا تعبر عن الاوضاع الحقيقية لتداول العملة وفقا لآليات العرض والطلب. وعلي المستوي العالمي استمرت اصداء الأزمة اليونانية علي الساحة الاوربية بعد ان وافق البرلمان اليوناني علي مشروع قانون تقشف لا يحظي بشعبية علي نحو كبير من اجل ضمان الحصول علي برنامج انقاذ ثان من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي وتفادي حدوث افلاس في الوقت الذي اشتعلت فيه النار في مباني في شتي انحاء وسط اثينا وامتدت اعمال العنف الي مناطق مختلفة في البلاد. واضرمت النار في دور سينما ومقاهي ومتاجر وبنوك في وسط اثينا واشتبك محتجون يرتدون اقنعة سوداء مع شرطة مكافحة الشغب امام البرلمان قبل ان يوافق النواب علي مشروع القانون الذي يطالب بتخفيضات كبيرة في الرواتب والمعاشات والوظائف كثمن لبرنامج انقاذ حجمه 130 مليار يورو (172 مليار دولار) مطلوب للحيلولة دون افلاس اليونان. وامتدت اعمال العنف الي جزيرتي كورفور وكريت السياحيتين ولمدينة سالانيك في شمال البلاد وبلدات في وسط اليونان. وقالت الشرطة ان 150 متجرا نهبت في العاصمة واشعلت النار في 34 مبني. وايد 199 عضوا من اعضاء البرلمان البالغ عددهم 300 مشروع القانون ولكن 43 نائبا من الحزبين المشكلين لحكومة رئيس الوزراء لوكاس باباديموس تمردوا بالتصويت ضد مشروع القانون. وقام الحزبان بطردهم علي الفور. وفر اليونانون والسائحون الذين تملكهم الرعب من الشوارع التي تناثرت فيها الحجارة ومن سحب الغازات اللاذعة وتكدسوا في ابهية الفنادق طلبا للحماية في الوقت الذين ناضلت فيه شرطة مكافحة الشغب لاحتواء الفوضي. واندلعت اضطرابات ايضا في هيراكليون عاصمة كريت بالاضافة الي بلدتي فولوس واجرينيو في وسط اليونان واضرمت النار في مصالح تجارية كثيرة في شوارع اليونان من بينها المقر الكلاسيكي الجديد لسينما اتيكون التي تعود لعام 1870 ومبني يضم دار سينما استي الواقعة تحت الارض والتي كانت الشرطة السرية النازية (الجستابو) تستخدمها كمكان للتعذيب خلال الحرب العالمية الثانية.