كشف التقرير الدولي الصادر عن مبادرة استرداد الأموال المسروقة، التابعة للبنك الدولي أن الدول النامية تخسر سنوياً ما بين 20 - 40 مليار دولار في شكل رشاوي واختلاسات وغيرها من الممارسات الفاسدة، وأن جملة ما تم إسترجاعه منها لا يزيد عن 5 مليارات دولار فقط علي مدي السنوات ال15 الماضية، هذه الحقائق قد تطيح بآمال المصريين في استرداد ثروات الوطن المنهوبة إبان النظام السابق والتي تعرضت خلاله مصر لأبشع صور الفساد الممنهج والمنظم، حتي أنه كانت هناك العديد من المؤسسات التي ترعي الفساد وتحمي الفاسدين، فضلا عن سن تشريعات فاسدة وإفساد مؤسسات الدولة الرئيسية وتعطيل المؤسسات المنوط بها محاربة الفساد والرقابة علي الأموال العامة وإضعافها بشكل غير مسبوق، ومن ثم استنزاف الأموال المخصصة للمدارس والرعاية الصحية والبنية التحتية. ولأن التقرير يحمل جديدا في كيفية مكافحة الفساد تحت شعار "الوقاية خير من العلاج"،كان من الطبيعي أن يثير التساؤلات حول مدي إمكانية تطبيق هذه التوصيات في الفترة الحالية لاستعادة البيئة المواتية لتوطين الأستثمارات وتعزيز أداء الاقتصاد القومي المصري . جدير بالذكر أن التقرير يشير إلي أن العوائق التي تعترض التحقيقات وتحول دون تحديد منشأ الأموال المسروقة وملكيتها، تتمثل في صعوبة تحديد مكان عمل الكيانات القانونية وتكوينها للعلاقات التجارية، وعدم إمكانية الحصول علي معلومات عن المالكين المنتفعين، واستخدام هياكل مؤسسية دولية معقدة. وأوصي التقرير بمجموعة من التوصيات، يمكن للحكومات من خلالها التصدي لمشكلة الرشاوي، وهي اعتماد الحكومات علي استراتيجيات لمكافحة إساءة استخدام الشركات والمؤسسات لإخفاء الأموال التي تم اكتسابها علي نحو غير مشروع، من خلال تحديد أنواع الشركات التي يتم استخدامها داخل الدول لإخفاء العائدات الناشئة عن الجريمة، وكيفية جعل هذه الكيانات والهياكل أكثر شفافية. بداية يوضح فاروق العشري الخبير الاقتصادي والمستشار المالي وعضو لجنة الإدارة العليا بالبنك المركزي سابقا أن أساليب الفساد كانت متعددة ومنتشرة بصورة كبيرة في جميع مؤسسات الدولة حيث استخدمت فيها كل أساليب التحايل ومنها استخدام مخارج البلاد في تهريب الأموال واستثمارها في اندماجات ومشروعات لا تحمل تخصص محدد بذاته كما كان ينشأ لها شركات بعيدة عن مراقبة المجتمع ، منوها إلي وجود منظمات متخصصة في دول معينة وأيضا بنوك متخصصة في عملية غسل الأموال وحماية هذا الفساد، مشيرا إلي أن مصير الأموال التي تم تهريبها خارج مصر يعد مصيرا مجهولا حيث إن هناك صعوبة بالغة في إمكانية استرداد هذه الأموال خاصة التي تم إخراجها بدون أسماء واضحة لمالكيها وأيضا لعدم وجود أحكام نهائية بثبوت جرائم بتهريب هذه الأموال أو إثبات أنها خرجت بطريقة غير مشروعة حتي منظمة الشفافية الدولية ربما تعجز عن متابعة هذه الأموال رغم أن مصر عضو في هذه المنظمة إلا أنه ولعدم وجود أحكام حتي الآن يجب ألا ننتظر كثيرا ولا نضع أملا في استرداد هذه المليارات التي تم نهبها علي يد عصابة حاكمة كانت منتشرة في جميع مؤسسات الدولة . ويطالب العشري الجهات المعنية حاليا بضرورة اليقظة حتي لا يضيع هباء ما تبقي من خير هذه البلاد وذلك عن طريق وضع قوانين وتنظيمات تفعل اتفاقية مكافحة الفساد والشفافية والتي وقعت عليها مصر منذ زمن بعيد ولكن دون تفعيل حقيقي خاصة في أجهزة البنوك والتي تحتاج إلي مزيد من الرقابة علي الأموال خاصة الأموال الساخنة والتي يتم استخدامها بطريقة التحويل المباشر للخارج ومنها أيضا أموال المضاربة بالبورصة، مشددا علي ضرورة أن تعمل الدولة علي الاستفادة من الدرس القاسي الذي عاشته خلال المرحلة السابقة وذلك عن طريق تحري الدقة في اختيار المسئولين خلال المرحلة القادمة بحيث لايتم اختيار القيادات العليا ومن يملكون القرار في كل جهة وفقا للولاء الشخصي علي أن تتمتع أيضا الأجهزة الرقابية بالحرية والاستقلال والحيادية وعدم القابلية للعزل وبالتالي عدم وصاية الحكومة عليها خاصة جهاز الكسب غير المشروع بحيث يكون له الاستقلال الذاتي وإلغاء تبعيته لوزير العدل والذي كان يختاره رئيس الجمهورية وهو في نفس الوقت رئيس الحزب الحاكم خلال العهد الماضي .