بعد أن فقد الاحتياطي من النقد الأجنبي 10،4 مليار دولار في 7 أشهر ليسجل 25،7 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي بعد أن كان عند مستوي 36،1 مليار دولار نهاية ديسمبر الماضي طبقا لما أعلنه البنك المركزي المصري - أصبح السؤال الآن في ظل الضعف الشديد الذي أصاب معدلات الأداء بالقطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر وعائدات عبور قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج هو: هل اقترب الاحتياطي من العملات الأجنبية من مرحلة الخطر وهي 25 مليار دولار التي تغطي 6 أشهر من واردات مصر السلعية؟! ورغم تصريحات الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية بأن الاحتياطيات الأجنبية "كافية ومعقولة" وأن مصر تستطيع تحمل مستويات أقل إذا اقتضت الضرورة فإن استمرار تراجع الاحتياطيات سوف يزيد من تخفيض قيمة الجنيه المصري مما يسهم في زيادة معدلات التضخم وصعود الأسعار لمستويات أعلي من الحالية خاصة وأن العديد من المؤسسات المالية العالمية مثل مؤسسة بزنس مونيتور انترناشيونال توقعت مؤخرا استمرار تراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي خلال العام الحالي متأثرا بضعف تدفقات رأس المال الأجنبي وارتفاع فاتورة الاستيراد. وإذا استمر معدل التراجع الشهري للاحتياطيات فما السيناريوهات التي سيواجهها الاقتصاد المصري إذا دخلنا مرحلة الخطر؟! وما الخطوات الواجب علي الحكومة اتخاذها لتفادي الوصول إلي هذه المرحلة؟! أوضحت الدكتورة ماجدة قنديل المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن هناك محددات دولية يمكن علي أساسها قياس مرحلة الخطر فيما يتعلق بالاحتياطيات من النقد الأجنبي وأهمها هو كفايتها لتغطية احتياجات 3 أشهر من الواردات وقبل الأزمة الأمريكية الأخيرة كان احتياطي مصر من النقد الأجنبي يكفي 6 شهور من الواردات ولكن مع تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار الواردات فإن الاحتياطي تقريبا تراجع ليغطي حوالي5 أشهر من الواردات المصرية، مؤكدة أننا لم نصل إلي مرحلة الخطر بعد.. وأضافت أن ما يقلقها هو الاتجاه التنازلي للاحتياطيات منذ ثورة 25 يناير ورغم أن المعدل يتباطأ في بعض الشهور ويتزايد في شهور أخري فإن التراجع مستمر.. كما أن المصادر الطبيعية لزيادة هذه الاحتياطيات مازالت ضعيفة وعلي رأسها السياحة وقناة السويس ورغم زيادة دخلها مؤخرا فإنه مع تراجع الاقتصاد العالمي يمكن أن يؤثر ذلك علي إيرادات قناة السويس.. مشيرة إلي أن السياسات الحكومية والتي كشفت عن زيادة الانفاق الحكومي خاصة فيما يتعلق بالدعوم الاستهلاكية أدت إلي زيادة الطلب علي الواردات وبالتالي الضغط علي سعر الصرف وخسارة المزيد من الاحتياطيات. وتري الدكتورة ماجدة قنديل أن تحسن الاحتياطيات مرتبط بالظروف الخارجية أو زيادة الصادرات ومعدلات الإنتاج أو أن تلجأ الحكومة لسياسة انكماشية وتقليل الانفاق الحكومي، وأكدت أن السياسات التوسعية التي تنتهجها الحكومة تزيد الضغط علي سعر الصرف وإذا استمرت في هذه السياسات فلن يكون أمامها سوي اللجوء إلي الاقتراض الخارجي أو للبرامج مع الصندوق والبنك الدوليين لتحسين مستوي الاحتياطيات من النقد الأجنبي. وأشارت الدكتورة هناء خير الدين أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلي أن البداية الحقيقية لإيقاف نزيف الاحتياطيات من النقد الأجنبي هي عودة دوران عجلة الإنتاج وزيادة حجم الصادرات والكف عن المليونيات والعودة للعمل حتي يمكن إعادة الأمن إلي الشارع المصري والاستقرار السياسي وهو ما يؤدي إلي عودة ثقة المستثمر الأجنبي وجذبه للاستثمار في السوق المصرية مرة أخري وهذا من شأنه أن يدعم أرصدة الاحتياطي الأجنبي. وأضافت هناء خير الدين أن البديل هو الاقتراض من الخارج رغم ما يسببه لنا ذلك البديل من عقدة تاريخية مرتبطة بمرحلة الثمانينيات.. مؤكدة أننا قادرون علي مواجهة تلك الأزمة ولكن يجب أن نغير من سلوكياتنا بتقليل الاستهلاك وخفض حجم الواردات والعمل علي الحد من عجز ميزان المدفوعات. وتعجبت الدكتورة هناء مما تفعله الحكومة خلال المرحلة الحالية حيث زادت فاتورة وارداتها للسلع الاستهلاكية بدون أي تدخل وهو ما من شأنه أن ندخل مرحلة الخطر بشكل يفوق توقعاتنات خاصة أن الاحتياطي الحالي من النقد الأجنبي لا يغطي سوي 5 أشهر من احتياجات مصر الأساسية من الواردات السلعية.