لن ينسي أحد موقف لجنة الأوراق المالية والأسواق بالولايات المتحدة وهي الهيئة المراقبة لسوق المال حينما أجرت في مطلع العقد الحالي عددا من التحقيقات مع بعض شركات الأوراق المالية بسبب بحوث أصدرتها تلك شركات رأتها اللجنة مضللة أو تفتقد للمصداقية، وقد أسفرت التحقيقات عن إدانة عشر مؤسسات مالية أمريكية وتغريمها مجتمعة 1،4 مليار دولار فيما وصفه ريتشارد جراسو رئيس بورصة نيويورك في ذلك الوقت بالحقبة السوداء في التاريخ المالي الحديث. كما لا ننسي الأزمة التي أنفجرت حينما قامت شركة "برايم كابيتال" لترويج وتغطية الاكتتابات بتقيم الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول "موبينيل" بسعر ما بين 283 و337 جنيهاً للسهم وبفارق أكثر من 90 جنيها عن سعر السوق مطلع العام الماضي. ويبدوا أن الحمي تفشت باقي الشركات، وما يثار عقب كل تقييم من جدل ورفض للمستثمرين لهذه التقييمات والتي تكون غالبا أما لشراء أي شركة من الشركات المدرجة لحصتها من الأقلية التي لا تتجاوز حصصهم 5% من رأس مال الشركة أو قيام رئيس مجلس إدارة الشركة برضافة أي من الأصول التي يمتلكها إلي الشركة وبالتالي يعمل علي زيادة حصته بالشركة، ويكون ذلك من خلال زيادة رأس المال الذي يشارك فيه بالأصل.. ولعل ذلك هو الذي فجر المشهد من جديد في شركة العربية للاستثمارات والتنمية المملوكة لمحمد متولي رئيس مجلس الإدارة. وعلي أية حال فقد تفشت هذه الحمي بين المتعاملين بالسوق، ولعل الشرارة قد انطلقت منذ قصة تقييم برايم لشركة "موبينيل" والذي جاء وقتها قبل حكم القضاء الإداري بأيام ورفضه لتنفيذ بيع "موبينيل" رسخت مبدأ أن التقييمات الصادرة عن إدارة البحوث بشركات تداول الأوراق المالية صائبة 100% دون ادراك أن هذه التقيمات قد تصيب أو تخطئ أو حتي الشك بوجود اتفاق مسبق بين الشركة المستهدفة بالتقييم وشركة السمسرة الصادر عنها التقييم. النيل للكبريت لم تكد تنطفيء هذه النار المتأججة حتي انفجرت واقعة شركة "النيل للكبريت" وشراء الشركة القابضة الكيماوية لحصة الأقلية، والتي رفضها المستثمرون واستمرت فترة طويلة بين الشد والجذب، والتشكيك في عملية التقييم والسعر الذي استحوذت عليه الشركة من المستثمرين والذي قطع شوطا كبيرا إلي أن حسمت الصفقة "بطلوع الروح".. ولم يكد السوق ينسي هذه المعركة، حتي تفجر المشهد من جديد في شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية، وكأنه بات الأمر سجالا بين مجلس إدارة هذه الشركات، وأصحاب الأقلية في الشركات.. واكتمل المشهد بما حدث من حرب لاتزال قائمة بين شركة أوراسكوم للفنادق وبين الاقلية الذين دخلوا معركة طاحنة انتقلت إلي ساحة النيابة والمحاكم.. فالبلاغ المقدم للرقابة المالية والتي احالتها إلي النيابة، والقضايا المرفوعة ضد رئيس الشركة، حول الاضرار التي لحقت بهم عقب إيقاف تداول أسهم الشركة بالبورصة، لعدم توفيق الشركة أوضاعها طبقا لقوانين سوق المال وهوما أدي إلي انخفاض قيمة السهم من 43 جنيها إلي 19 جنيها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط من جانب الأقلية بل اتهموا الشركة بعدم دقة نسبة ملكية الشركة، وذلك في الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية يوم 20 مايو بذكرها أن الشركة تمتلك 96% وأن نسبة التداول الحر هي 4% من أسهم الشركة كما اتهموها بالتزوير في ملخص قرارات الجمعية العمومية يوم 24 مايو الماضي حينما ذكرت أن نسبة التداول الحر هي 4% وأن الجمعية وافقت بنسبة 99،3% من نسبة الاقلية الممثلة في حضور 72،35% من اجمالي نسبة التداول الحر، أي أنهم أثبتوا حضور ما يزيد علي 6 ملايين اربعمائة ألف سهم، رغم أن أسهم التداول الحر لاتزيد علي أربعة ملايين سهم فقط وذلك بحسب أوراقهم. وطبقا للبلاغات المقدمة ضد الشركة فإنها تنحصر علي المخالفة للقانون الخاص بالاستحواذ بالإضافة إلي تلاعب الشركة بعدم التقديم والإفصاح عن حقيقة نسبة مساهمة أوراسكوم إيه جي في الشركة، وكذلك المخالفات التي ارتكبت في التقييم وأسهم الخزينة بالشركة بالمخالفة للمادة 63 بند "2" و"5" والمادة ،66 67 من القانون 95 لسنة 1992. ومازال الأمر مشتعلا ولم ينته وقد يشهد المزيد من المفاجآت في ظل التطورات والإجراءات القانونية التي تتخذها الأقلية، والتشكيك في تقييم السهم.. الأيام القادمة قد تشهد المزيد من الأحداث الساخنة.. ولكن اصرار المستثمرين علي عدم الاستسلام والحصول علي حقوقهم قد يقلب الملف رأسا علي عقب.