موجة الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العالم العربي، الهمت الفلسطينيين لينظموا بدورهم احتجاجات سلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وضد الانقسام وضد تمزيف وحدة الوطن الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة. ولا ننسي أن الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولي أواخر الثمانينيات والتي استمرت لأكثر من ست سنوات، عرضت إسرائيل إلي سيل من الانتقادات في وقت كانت التغطية الإعلامية محدودة نسبيا، ولنا أن نتخيل حدوث هذه الانتفاضة ذاتها الآن مرة أخري، انتفاضة شعبية لا تلجأ إلي العنف، فكل هاتف محمول هو كاميرا، وهذه هي القوة التي ستتحقق قريبا وهي قادمة لا محالة، وربما يكون هذا هو الذي سيحرر فلسطين، فما يحدث في تونس وليبيا ومصر يعطي للشباب الفلسطيني والشعب قوة وزخما، فقد استوعب هذا الجيل من الشباب هذه التطورات بشكل كامل، فالتظاهرات السلمية ضرورية وهي استراتيجية بديلة إذا كان الفلسطينيون يريدون كسر القيد الإسرائيلي وتحقيق المصالحة وانهاء الانقسام الفلسطيني، حتي وان كان الجانبان المتنازعان فتح وحماس في الضفة وحماس في غزة تعمل حتي الآن علي منع التجمعات الحاشدة لتأييد الثورات في مناطق مختلفة من العالم العربي خوفا علي ما يبدو من انقلاب الحشود الفلسطينية عليهما، غير أن ذلك لن يثني من عزيمة الشباب الفلسطيني لمواصلة ما بدأه، وقد تزايدت الحركات الشبابية الفلسطينية الناشطة التي تدعو إلي الوحدة وانهاء الانقسام علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وأعلنت ثلاث مجموعات شبابية من قطاع غزة عن تحالف جديد لتنظيم التظاهرات الهادفة إلي انهاء الانقسام الفلسطيني وهم مجموعة شباب 15 آذار "مارس" ومجموعة شباب 5 حزيران "يونية" وشباب غزة نحو التغيير، في أول بيان مشترك لها أنها اتفقت فيما بينها ومع عدد من المبادرات الأخري علي التحالف تحت عنوان الحراك الشعبي لإنهاء الانقسام والحفاظ علي الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيي وكرامته. هذا الحراك الشعبي يسعي إلي تحقيق الوحدة من خلال حملة فعاليات شعبية ينخرط فيها الشباب وقوي وفعاليات وأطياف الشعب الفلسطيني كافة، وذلك اعتبارا من 14 مارس الجاري ولن تنتهي هذه الحملة الوطنية إلا بإنجاز المصالحة والوفاق الذي يعتبر خطوة أولي ضرورية نحو نيل الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة. وعزز من روح التصميم لدي الشباب تأييد قيادات فلسطينية ذات تأثير من داخل سجونها مثل مروان البرغوثي القائد في حركة فتح وأحمد سعدان الأمين العام للجبهة الشعبية اللذين أيدا هذه الدعوات بل ودعيا إلي تفعيلها من خلال مشاركة أبناء الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية المناضلة وكوادره وشبابه للتفاعل في مسيرات يوم 15 مارس الحالي علي أن يكون شعارها انهاء حالة الشرذمة والانقسام في الساحة الفلسطينية واسقاط نظام أوسلو وملحقاته. وإذا كانت السلطة الفلسطينية أو حركة حماس ستعمل علي منع الآلاف من الفلسطينيين النزول إلي شوارع الضفة الغربية وقطاع غزة، فالأولي بهما تأييد هذه المسيرات لأن منظميها هم أبناء هذا الشعب الذي دفع فاتورة الانقسام من حياته الهانئة ومستقبله الواعد الذي قضي عليه الانقسام وتداعياته، ويبدو أن هؤلاء الشباب الواعي قد أدرك يقينا أهمية الخروج في هذه المسيرات رغم الخطورة المتوقعة منها إيمانا منهم بأنهم ليسوا أعداء لا للسلطة ولا لحركة حماس، فمطلبهم هو انهاء الانقسام وسيكون من المستغرب أن تمنع حركة حماس مسيرات تطالب بهذه المطالب المشروعة خاصة أن حماس نفسها كانت قد خرجت قبل عدة أيام في تظاهرة مطالبة بالمطلب نفسه فكيف لها أن تتناقض مع نفسها؟! الشباب الفلسطيني حريص ومصّر علي إيصال رسالته إلي قيادات السلطة في الضفة وحماس في غزة بضرورة انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، ويستعدون لمواجهة الأسوأ فيما لوحدث قمع لهذه المسيرات السلمية ليس بالقاء الحجارة أو الزجاجات الفارغة، ولكن بالقاء الزهور والورود عليهم، وكأنهم بذلك ريسلون رسالة لهؤلاء بأنهم بمثابة الجيش الذي لابد أن يحميهم لا يعتدي عليهم تيمنا بالثورة المصرية التي التحم شبابها مع الجيش في مشهد تاريخي لن يغفله التاريخ الإنساني ولا السياسي. فئات الشعب الفلسطيني كافة هي في حالة تحضير للخروج في هذه المسيرات من شباب وطلاب مدارس وجامعات وصحفيين ومدونيين وكتاب ومثقفين وأكاديميين وشعراء وفنانين ورجال ونساء وأطفال وشيوخ وذوي الأسري والشهداء سينزلون إلي الشوارع وسيبقون فيها إلي أن ينتهي الانقسام.