فى البداية ذهبنا لرجال الأعمال والصناعة لنقف على رؤاهم فى أزمة العمالة والأسباب التى أدت لتفاقمها والمطلوب لمواجهتها وفى هذا الاطار أكد محمد فريد خميس رئىس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشورى انه لاشك فى أن هناك مشكلة حقيقية وأزمة بالعمالة تعانى منها المصانع اليوم سواء من ناحية غياب العمالة المدربة أو غير المدربة. ويشير إلى احدى الدراسات التى قام بإجرائها داخل الصين للتعرف على أسرار وأسباب ارتفاع كفاءة الانتاج لدى العامل الصينى، وكذا القدرة التنافسية لهم وانخفاض أسعار سلعهم، ويقول انه فى ظل امتلاكه لأحد المصانع الكبرى بالصين قام بتشكيل ثلاث مجموعات مستقلة من المديرين والمسئولين لدراسة الوضع فى الصين والاجابة عن تلك الأسئلة وقد توصل من خلال ذلك إلى أن جميع التقارير والدراسات عن قدرة العامل الصينى قد اثبتت ان ذلك يرجع لثلاثة عوامل رئيسية الأول: خوف العامل الصينى من أن يفقد وظيفته حيث ان القانون هناك مأخوذ فى قواعده العامة عن قانون العمل بالولايات المتحدةالأمريكية، حيث يسمح لادارة المصانع بالاستغناء عن العامل دون رفع قضايا، كما يسمح للعامل أيضا بترك العمل بسهولة تامة وبالتالى فلا يوجد أمان مطلق. أما السبب الثانى: فيتمثل فى أن دخل العامل اليومى أو الشهرى مرتبط بعدد الوحدات المنتجة أى قدرته وكفاءته على الانتاج. والسبب الثالث: هو الانتماء وحب الوطن، والذى كنا نتمتع به ومطلوب اعادة بعثة مرة أخرى، فالعلم الصينى متواجد فى كل المصانع وهناك إعلام موجه لكل عمال الصين وفلاحيها عن النجاحات فى التصدير والاقتصاد والتعبئة الوطنية، وبالتالى أصبح هناك فى عقل الانسان الصينى ربط تام بين حبه لبلده وتقدمه وتحقيقه لذلك من خلال العمل الجاد. وكذلك الدولة هناك لها دور مهم فهى تعطى دعما مستمرا للصناعة المحلية أقلها دعم سعر الصرف للعملة المحلية كما أن هناك تدريبا متخصصا جادا وفعالا تقوم به وتعليما فنىا فى كل منطقة ومقاطعة يرتبط ويتناسب مع طبيعة الصناعات القائمة بها، فمنطقة المناجم مثلا يوجد بها مراكز تدريبية خاصة بتلك الصناعة والغزل والنسيج يوجد مراكز تدريب له.. وهكذا وهناك برامج تشجيع على الابتكار والابداع. ويضيف انه شخصيا بمصانعه قام بتطبيق تلك القواعد وابتدع طرقا وأساليب تقلل من ضعف القدرة الانتاجية ونقص التدريب وعدم كفاءة التعليم الفنى والأخطر الولاء والارتباط والانتماء إلى المصانع برفع الرواتب ومكافأة الأفضل. جودة ويؤكد عماد السويدى "مجموعة آل السويدى" ان الأزمة بالنسبة لهم غياب العمالة الماهرة وتلك هى المشكلة الحقيقية لأن صاحب المصنع اليوم عندما يقوم بعمل أى توسعات جديدة فهو يدفع تكاليف جلب عمال وتدريبهم وتشغيلهم لمدة ستة أشهر حتى يتفهموا طبيعة العمل وينتجوا ثم يرى بعد ذلك إن كان العامل جيدا أم لا، حيث انه من الممكن بعد تدريبه والانفاق عليه يتم اكتشاف ان انتاجه ليس بالمستوى المطلوب وانه لم يقم بالاستيعاب الكامل للعمل. منتقدا بذلك طلبة الدبلومات والشهادات الفنية ويقول انه يتم تخريجهم دون أى تقييم ولذلك فإن المحصلة فى النهاية تنعكس فى عدم إلمامهم بأى شىء مما قاموا بدراسته. ويشير إلى مشكلة عزوف الكثيرين عن الالتحاق للعمل بالمصانع كعمال ويقول ان ذلك يرجع للتكاسل الذى تعود عليه الابن بأن يعتمد على والده ولا يبذل أى جهد حتى يصل إلى الوظيفة "المرموقة" التى يحلم بها، فالكل يريد دخل مبالغا بأقل مجهود، ولذلك فإن كل تلك المفاهيم والتى لا يعلم أحد من أين توارثناها لابد ان يتم تغييرها بشكل جذرى. ويضيف ان كل الدول التى حققت نهضة اقتصادية قامت على التعليم واننا بالاهتمام بتلك القضية وتوجيه كل الدعم لها لن نخترع العجلة.. مؤكدا أن دولة بها 80 مليون نسمة أى أن ثروتها الموارد البشرية لابد ان يكون للتعليم بها أولوية فى الدعم عن رغيف العيش خاصة أن الوضع الحالى قد أدى لتحميل النسبة المنتجة بعبء غير المنتجين، ولذلك فلابد من تخصيص ميزانية قوية جدا لدعم التعليم على ان يقابل ذلك توعية جادة لتغيير المفاهيم وانشاء جيل جديد منضبط، علاوة على الاهتمام بالتعليم الفنى فى المدارس، والتوسع بالنماذج الناجحة من المشروعات التى تمكنت من افراز عمالة جيدة مثل مشروع مبارك كول.. وغيره كما يجب التوسع فى انشاء مراكز التدريب الفنى. ويضيف إننا كبلد أغنياء بالأيدى العاملة، وان هناك عاملا ومهندسا ولكن "الفنى" لم يعد موجودا وتلك مشكلة حقيقية لا تلمسها المصانع المصرية فحسب، وانما الأجنبية أيضا التى تأتى للعمل بمصر وتضطر لجلب فنيين من الخارج