قلنا ان الصفقة التي تسربت أنباؤها حول حوافز أمريكية لاسرائيل مقابل وقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر ولمرة أخيرة غير ناضجة لأنها غير متوازنة وتتعلق بالجانب الاسرائيلي وحده، الصفقة بالصورة التي تسربت عنها لا تقدم شيئا للفلسطينيين يستحق التوقف عنده الا للتأكيد بأن طريق المفاوضات أصبح مسدودا. كل ما يطالب به الفلسطينيون تم تجاهله تماما، بل علي العكس ورد في التعهدات الأمريكية لاسرائيل المقترحة في الصفقة ما يحبط طموح الشعب الفلسطيني الي ايجاد حل عادل عن طريق التفاوض أو بالوسائل الدبلوماسية، فضلا عن تضاؤل فرص استمرار الولاياتالمتحدة، في لعب دور الراعي الرسمي لمفاوضات السلام في الشرق الأوسط بينما هي تنحاز لإسرائيل وتوفر لها مظلة أمنية وسياسية. أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن القدسالمحتلة ستكون خارج نطاق الصفقة الأمريكية الرامية لمنح الاحتلال الإسرائيلي حزمة من الحوافز مقابل تجميد البناء في المستوطنات لمدة 90 يوما واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وقال المتحدث باسم نتنياهو إن أي موعد للتجميد في المستقبل لن يطبق علي القدسالشرقية فإسرائيل تفصل بشكل واضح بين الضفة الغربية وبين القدس. في ظل تلك المواقف المسبقة المعلنة يصبح السؤال هو كيف ستنجح المفاوضات في المستقبل، في ظل التحكم في مفاتيحها والمصادرة علي كل مطالب الطرف الآخر، بعبارة أخري علي ماذا يدور التفاوض إذن؟ وإذا فشلت المفاوضات كما تريد اسرائيل مما يبدو من سلوكها المتعنت، فالي ماذا يلجأ الفلسطينيون إذا أغلقت الولاياتالمتحدة أمامهم مجلس الأمن؟ تأتي الصفقة الأمريكية الاسرائيلية في اطار اقتراح من جانب الولاياتالمتحدة لوقف بناء المستوطنات لمدة 90 يوما لإقناع الجانب الفلسطيني بالعودة مرة أخري إلي طاولة المفاوضات. وكانت المفاوضات قد توقفت في سبتمبر الماضي بسبب استئناف اسرائيل للبناء في الأراضي المحتلة واصرار الجانب الفلسطيني علي أن الاستيطان لا شرعي ولا قانوني وأن الاستمرار فيه يعني أنه لا وجود لدولة فلسطينية، وأن إسرائيل باستمرارها في الاستيطان ليست جادة في إجراء مفاوضات لها فائدة. ان تحديد مهلة قريبة مثل ال90 يوما للانتهاء من المفاوضات طرح غير عملي من ناحية، كما أن استثناء القدس من التجميد هو الآخر طرح يستدعي الرفض الفلسطيني فالجانب الفلسطيني ليس بإمكانه أن يذهب إلي المفاوضات المباشرة في ظل استثناء مدينة القدس من عملية تجميد الاستيطان. الأمل في تحقيق السلام يتضاءل أمام الصعوبات التي تواجهها عملية السلام، في ظل تعنت الجانب الإسرائيلي والتركيز فقط علي موضوعات فرعية تتعلق بالأمن والحق في الاستيطان مع تجاهل السيادة الفلسطينية علي الأراضي الفلسطينية مع أن وقف الاستيطان ليس مطلباً فلسطينياً فقط وإنما هو مطلب أميركي ودولي وعربي، بل إن هناك شرائح من المجتمع الإسرائيلي تطالب بوقف الاستيطان لادراكهم أن مفهوم الاستيطان يتناقض مع مفهوم السلام المبني علي التخلي عن الأراضي المحتلة بالقوة.