تزداد المخاوف من أن يسبب النمو الكبير للتدفقات النقدية إلي الاقتصادات الناشئة أزمة اقتصادية في المستقبل، بعد أن سببت إشعال حرب في أسعار الصرف. ووسط نمو بطئ في أسواق أوروبا واليابان والولايات ظهرت الصين والبرازيل والهند كبدائل للمستثمرين. واستقبلت هذه الاقتصادات استثمارات بمليارات الدولارات أنفقت في شراء السندات البرازيلية والعقارات في الصين والأسهم في الهند، بسبب ما تعطي هذه الأسواق من عوائد بالمقارنة مع نيويورك وطوكيو ولندن. ويقول معهد المالية العالمي في واشنطن إن تدفقات الاستثمارات إلي الاقتصادات الناشئة ستصل إلي 825 مليار دولار هذا العام بزيادة 30% بالمقارنة بعام 2009. وفيما ترحب الاقتصادات الناشئة بالمستثمرين، فإن تدفق النقد يوجد مشكلات بدءا من ارتفاع أسعار العقارات، إلي ارتفاع سعر صرف العملات، مما يجعل الصادرات أقل قدرة علي المنافسة.. ويقول رئيس بنك التنمية الآسيوي هاروهيكو كورودا ان هناك تدفقات كبيرة من الأموال إلي الاقتصادات الناشئة، وحذر من أنه في حال استمرار مثل هذا الوضع فإنه سيكون من الصعب السيطرة عليه. لكن ليست فقط كمية التدفقات النقدية هي التي تسبب الاضطراب في أسواق آسيا، ويوضح كورودا أن نسبة كبيرة من هذه التدفقات هي تدفقات قصيرة الأجل واستثمارات في محافظ مالية وقروض، بمعني أن اتجاهها يمكن أن يتحول في أي وقت. احتمال حدوث فقاعة ففي حال تحسن الوضع في أوروبا واليابان والولاياتالمتحدة، أو في حال حدوث أي أزمة محلية فإن فقاعة قد تحدث وبسرعة. ومع مواجهتها لمثل هذه المخاطر بدأت بعض الدول في إعداد نفسها لهذه الظروف والتهيؤ لها، فضاعفت البرازيل الضريبة علي تدفقات رأس المال الأجنبي، بينما سعت دول من كوريا الجنوبية إلي كولومبيا لتخفيف أثر التدفقات علي عملاتها عن طريق شراء الدولار. وقال كورودا: "يجب اتخاذ إجراءات إذا كانت ضرورية"، مشيرا إلي بعض النجاحات في المنطقة.. وأضاف أن الأسعار في بعض القطاعات - كالعقارات في بعض الدول مثل الصين - ارتفعت بشدة في السنوات الماضية، لكن مع الإجراءات الحكومية الصينية بدأت الأمور تعود إلي المسار الصحيح. وطبقا للمحافظ السابق لبنك المكسيك المركزي غيليرمو أوريتز - الذي تحدث مؤخرا أمام ندوة نظمها صندوق النقد الدولي بالتعاون مع شبكة "سي. أن. بي. سي" الاخبارية - فإن النجاح ليس دائما حليف مثل هذه الإجراءات. ففي البرازيل قامت الحكومة بزيادة الضريبة علي التدفقات الأجنبية بنسبة 2% إلي 4%، ورغم ذلك فقد ارتفعت أسعار العقارات. وبينما تتجه الولاياتالمتحدة واليابان إلي ضخ المزيد من الأموال في اقتصاداتها، فإن التدفقات المالية وارتفاع الأسعار والتدخلات الحكومية في الأسواق ستزداد. ويضيف أورتيز: أن البنوك المركزية تقوم بضخ كميات كبيرة من السيولة في وقت تنخفض فيه أسعار الفائدة في الدول المتقدمة، ولذلك فإن رؤوس الأموال تتجه إلي الاقتصادات الناشئة ويسعي الجميع إلي كبح الآثار المترتبة علي ذلك. ويوضح أن هذه الاضطرابات سوف تستمر وعلي الأسواق الناشئة التعامل مع التقلبات الكبيرة في الأسواق، ومع تدفقات رأس المال تضطر البنوك المركزية إلي التدخل، علما بأن أثر مثل هذا التدخل بسيط. لكن الحل الوحيد هو تجديد روح التعاون بين الدول. وتعهد الفريق الخاص بوضع السياسات في صندوق النقد الدولي نهاية الأسبوع الحالي بواشنطن "بالتعامل مع التحديات التي تمثلها التحركات الكبيرة في رأس المال والتي تمثل مخاطر كبيرة". لكن من غير المحتمل أن يؤدي ذلك إلي تهدئة مخاوف دول مثل البرازيل التي انتقد وزير ماليتها غيدو مانتيغا بصورة مباشرة صندوق النقد الدولي بسبب ما وصفه ب"تلكؤ الصندوق في الاستفادة من التحليلات التي قدمها الفريق". ويقول أورتيز: "إننا نتحدث للعالم لكننا نتصرف أحاديا".