عرض علي مجلس الوزراء في أحد اجتماعاته الشهر الماضي الملامح الرئيسية لمخطط القاهرة.. العاصمة.. في إطار رؤية جديدة لمصر عام 2050 والقاهرة العاصمة.. وكان رئيس مجلس الوزراء قد عقد اجتماعا منذ حوالي عشرة شهور لمناقشة مشاكل العاصمة ضمن المناقشات الجارية حاليا في إطار المخطط الاستراتيجي لتطوير العاصمة حتي 2050 وقد طلب رئيس الوزراء تشكيل لجنة عليا للإعداد والصياغة الخاصة لقانون العاصمة المصرية تضم ممثلين لوزارات عدة وأمانة مجلس الوزراء ومجموعة من الخبراء ذوي الصلة بالتخطيط العمراني والجانب القانوني لبلورة هذا الاتجاه بشكل محدد تمهيدا لعرضه علي السيد رئيس الجمهورية. ولقد سعدت شخصيا بهذا القرار حيث إن إدارة العمران في القاهرة تحكمها مجموعة من القوانين الخاصة بالإدارة المحلية بدأت في ظل دستور 1971 معتمدة علي مجموعة من المبادئ هي: * تقسيم الجمهورية إلي وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية "المحافظات - المدن - القري". * تشكيل المجالس الشعبية علي مستوي الوحدات الإدارية السابقة عن طريق الانتخابات المباشرة ونقل السلطة إليها تدريجيا. وقد صدرت عدة قوانين تنفيذا لتلك المبادئ بدأت بالقانون 57 لسنة 1971 وحتي القانون 84 لسنة 96 وكل هذه القوانين لم تعط للقاهرة "العاصمة" أية ميزة عن أية عاصمة لمحافظة من المحافظات بالرغم من أن القاهرة مركز الحكم، تتداخل فيها الاختصاصات فيما بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية ويؤكد المسئولون عنها من تنفيذيين وشعبيين أن هذا التداخل وعدم تحديد المسئولية يترتب عليه عادة تدهور الخدمات. وأذكر القارئ بما تطالب به القيادة السياسية دائما من ضرورة التفكير في حل مشاكل العاصمة كما أذكر أن تقريرا قدمته لجنة قومية صدر بتشكيلها قرار من رئيس الوزراء رقم 591 لسنة 1992 بناء علي طلب من السيد رئيس الجمهورية لبحث مشاكل العاصمة حيث قدمت هذه اللجنة تقريرها للسيد رئيس الوزراء في يونية 92.. ذلك التقرير الذي أرجو أن يكون أمام هذه اللجنة التي تطلب تشكيلها السيد رئيس الوزراء بعد ثمانية عشر عاما من إعداده لأنه طالب في مجال إدارة العاصمة بما طالب به رئيس الوزراء أخيرا من ضرورة إصدار قانون خاص بها. كما أذكر أن مجلس شركاء التنمية بمحافظة القاهرة ناقش أكثر من مرة قضية العمران بالقاهرة وتضمنت حواراته أن هناك خلطا دائما بين القاهرة العاصمة والقاهرة كعاصمة محافظة والقاهرة والمؤكد أن القاهرة.. العاصمة.. عاصمة مصر.. عاصمة العالم العربي.. عاصمة أفريقيا.. بكل ما تراكم عليها واستقر فوقها من حضارات تستوجب ليس فقط قانونا خاصا لإدارتها حيث إن هذا القانون وإن كان خطوة مهمة علي الطريق إلا أن ذلك يجب أن يكون في إطار إعادة هيكلة العمران المصري فوق الأرض المصرية في إطار الرؤية المستقبلية لمصر كلها، كما أنني لا أوافق -من ناحية المبدأ- علي تصور أن حدود العاصمة بمفهومها الذي ذكر علي لسان المتحدث باسم مجلس الوزراء في أحد الاجتماعات بأنها محافظتا القاهرةوالجيزة حيث إن هذه الحدود الإدارية مختلف علي الأساس العلمي لتحديدها، فإذا كنا نتحدث عن العاصمة فإن أ.د. علي رضوان أستاذ الآثار ذكر في اجتماع لشركاء التنمية بمحافظة القاهرة أن العاصمة.. وبأسماء مختلفة.. كان لها مكان في هذه المنطقة منذ عام 3050 قبل الميلاد وامتدت في العصر الحديث شمالا وشرقا وغربا وجنوبا وأصبحت ما سمي إقليمالقاهرة الكبري الذي كان يضم محافظتي القاهرة والمناطق الحضرية من محافظة الجيزة وشبرا الخيمة من محافظة القليوبية ثم قسمت منذ عام إلي خمس محافظات ومن المؤكد أن بعضا منها يشكل الواقع الجغرافي التاريخي لهذه العاصمة طبقا لما ذكره أ.د. علي رضوان. تحديد الحدود الجغرافية للعاصمة واجب أساسي يجب أن نتفق جميعا عليه دون أن نأخذ في الحسبان ونكرس هيكلة إدارية تمت ومختلف عليها ولا يوجد لها أي أساس علمي سكاني أو اقتصادي- في تصوري أن هذه الحدود يجب أن تجمع كل مناطق التراث شرق وغرب النيل والتي تمثل طبقات التاريخ المصري القديم وحتي العصر الحديث والنيل وما يحويه من جزر -المختلف حاليا علي تبعية بعضها!! علي أن تعتمد العاصمة في اقتصادها أن يكون خدميا وسياحيا ولها مواردها المحلية وما يمكن أن توفره لها الحكومة المركزية وكما ذكر المتحدث باسم مجلس الوزراء من