الذين يقومون بأعمال رصف الطرق والشوارع في بلادنا هل يستخدمون نفس "الزفت" المستخدم في بقية دول العالم؟ ولماذا شوارعنا فقط بعد الرصف بمدة قصيرة هي التي تظهر فيها الحفر والتشققات وهبوط في مستوي الأرض وترتفع فيها "بالوعات" الصرف الصحي عن مستوي الشارع لتصطدم بالسيارات وتدمرها..! ولماذا شوارعنا فقط هي التي لا تظل فيها العلامات التحذيرية الفوسفارية باقية علي الأرض.. وهل توضع هذه العلامات ثم يتم إزالتها بعد تسليم الشارع للجهات المختصة..! إن هناك "مواسم" أصبحت معروفة الآن يتم فيها تكسير الشوارع والأرصفة وإعادة رصفها من جديد بحجة تركيب أنابيب للصرف الصحي أو توصيلات ادخال الغاز وكأن هذه الخدمات لم تكن معروفة أو متفقا عليها قبل رصف الشوارع الذي تم قبلها بفترة قصيرة..! إن ما يحدث في الطرق، وما يحدث في بناء أي منشأة حكومية من أي نوع هو ترجمة لنوع آخر من أنواع الفساد واستغلال الموقع الحكومي لتحقيق أرباح ومصالح شخصية..! فالشركة التي قامت برصف الطريق أو التي شيدت بناء حكوميا ربما لم تلتزم بتلك المواصفات والشروط الموضوعة والمتفق عليها والتي نحن علي ثقة بأنها مواصفات قياسية لا يمكن الإختلاف عليها.. وربما لم تلتزم أيضا باستكمال جميع مراحل المشروع وهو بالطبع نوع من التقصير والإخلال بالمسئولية ولكن ماذا عن الذين تسلموا المشروع.. والذين لم يدونوا في ملاحظاتهم وتقريرهم ما لمسوه من أخطاء ومخالفات.. والذين كان في مقدورهم رفض تسلم المشروع قبل اكتمال جميع مراحله طبقا لكراسة الشروط والمواصفات..! إن هؤلاء الذين تقاعسوا عن أداء الواجب هم أهل الفساد الذين لا يكترثون بمصلحة الوطن ولا يقيمون وزنا أو اعتبارا لأرواح الأبرياء التي تهدر يوميا في حوادث مرورية قاتلة سببها سوء حالة الطرق وعدم ملاءمتها للقيادة الآمنة..! نحن نعاني يوميا من نزيف مستمر من الدماء علي الأسفلت بفعل عوامل كثيرة قد يكون من بينها القيادة المتهورة، والاستهتار بالقانون، ولكن سوء حالة الطرق المتهالكة في بلادنا قد يكون سببا أساسيا لمعظم حوادث المرور القاتلة. فنحن نملك شبكة طرق واسعة متشعبة وممتدة تربط مختلف محافظات الجمهورية ولكن الطرق نفسها لا تتمتع بالكفاءة أو المواصفات المطلوبة. وقد تكون الطرق في محافظة القاهرة أو الاسكندرية مقبولة نسبيا أو مضاءة بشكل جيد، ولكن الطرق في المحافظات والأقاليم الأخري لا علاقة لها بالمستويات المقبولة أو الآمنة، وتشكل كارثة مستمرة علي سلامة من يستخدمون هذه الطرق. فالكثير من هذه الطرق ضيق للغاية وكثيرة المطبات الصناعية وغير الصناعية ولا توجد بها إضاءة من أي نوع ومن يستخدمونها يدركون جيدا أن العيب ليس قاصرا فقط علي تصميم هذه الطرق وإنما يمتد إلي سلوك وتصرفات بعض سكان القري الذين يتعمدون إفساد هذه الطرق اعتقادا منهم بإن ذلك يمنع السيارات من الانطلاق بسرعة ويمنع وقوع الحوادث لهم ولأبنائهم..! وهو تصرف ينم عن الفوضي السائدة في المجتمع والتي تمثل نوعا من الاستهتار بكل القوانين والإجراءات حتي بتنا نعتقد أنه لا يوجد قانون يمكن أن يسري في هذا البلد، وأنه لا يوجد أيضا أي أمل في أي نوع من الإصلاح في أي مجال. فالإصلاح لا ينجح إلا إذا توافرت مجموعة من المقومات من أبرزها أن يكون هناك من يؤمنون بالإصلاح فعلا علي كل المستويات في إطار من الوعي الشعبي الجماعي بقيمته وجدواه.! ولأن المنظومة المجتمعية في بلادنا غير مترابطة، ولأن هناك أزمة ثقة تسود المجتمع فإن أحداً لا يؤمن بالعمل الجماعي والمنظم والجميع يتصرف طبقا لمفهومه ومصالحه ورغباته.. والكل يفسر القانون كما يحلو له وفي نطاق نفوذه وقوته، ولا يوجد معايير واضحة تمثل نهجا للمجتمع أو ميثاقا، فالفلاح وجد أن الطرق المار أمام بيته يمثل