تشهد سوق الاتصالات المصرية في الفترة الأخيرة تحركات واسعة بين أطراف محلية وإقليمية وعالمية لإبرام عدد من صفقات الاستحواذ الكبري التي من شأنها تغيير خريطة السوق وإعادة ترتيب أوضاع اللاعبين الرئيسيين بها. وكانت آخر هذه الصفقات استحواذ المصرية لخدمات التليفون المحمول "موبينيل" علي ثاني أكبر مزود لخدمات الإنترنت في مصر "لينك دوت نت" بالإضافة إلي صفقات قد تتيح دخول مستثمرين جدد في هذا المجال مقابل خروج مستثمرين رئيسيين. يشير المراقبون إلي أن قطاع تكنولوجيا المعلومات تحول إلي وسيلة يمكن من خلالها تجاوز الأزمات المالية التي تعصف بالعالم علي فترات، حيث يمتلك الأدوات اللازمة لتقليص النفقات عبر الوصول إلي حلول وتطبيقات ذكية تسهم بشكل كبير في زيادة كفاءة وانتاجية أي شركة مع الوضع في الاعتبار عنصر التكلفة. كما أن هذا القطاع يستطيع توفير فرصة لدولة ناشئة مثل مصر في تجاوز هذه الأزمات، لأن الدولة بما تمتلكه من مقومات بشرية ذات مؤهلات ويتم تدريبهم باستمرار تصبح مقصدا للاستثمار الأجنبي الذي ينظر دوما إلي خليط توافر المهارات مع التكلفة التنافسية للأجور وعناصر التشغيل. أجمع خبراء ومحللون أسواق المال علي أنه لا يوجد أمام شركات المحمول في مصر مجال كبير لتقليل النفقات ويرون أن مصر تعتبر واحدة من أكبر الاقتصادات في أفريقيا ويتميز قطاع الاتصالات فيها بانخفاض الإنفاق بصورة أقل من المتوسط مقارنة ببقية الأسواق في الدولة الناشئة. وأشاروا إلي أن قيام أوراسكوم تيلكوم ببيع حصتها في لينك إلي موبينيل بسعر يعادل 130 مليون دولار سوف يسهم في تمويل توسعات أوراسكوم في المستقبل بصفة خاصة. في البداية يري عيسي فتحي العضو المنتدب لشركة المصريين بالخارج أن معدلات نمو قطاع الاتصالات بدأت بالتراجع بصورة واضحة خاصة أن السوق وصل إلي مرحلة النضج وربما الشبع. وأشار فتحي إلي أن أخبار شراء موبينيل للينك دوت نت وإعلان أوراسكوم إطلاق شركة قابضة جديدة تعد أخبارا إيجابية ولكنها غير مؤثرة في ظل ظروف السوق الحالية والأزمات التي تمر بها البورصات العالمية. وأضاف أن قطاع الاتصالات أمامه فرص حقيقية للنمو في مجال خدمات الإنترنت وخدمات القيمة المضافة والتي سوف تنعكس إيجابيا علي أسهم القطاعات في البورصة. "وإذا كان النزاع بين أوراسكوم تليكوم المصرية وفرانس تليكوم الفرنسية قد انتهي فإن دخول أوراسكوم تليكوم في مفاوضات مع شركة أم تي إن الجنوب إفريقية لبيع الشبكات التابعة لأوراسكوم في معظم الأسواق وإطلاق شركة قابضة جديدة في مصر واعتراض الحكومة الجزائرية علي بيع شركة جيزي التابعة لأوراسكوم لطرف أجنبي تعتبر كلها أخباراً تسبب مزيدا من التوتر لحاملي أسهم أوراسكوم تيليكوم" كما يؤكد فتحي. أما عمرو الألفي -رئيس البحوث بشركة سي اي كابيتال- فيري أنه في ظل المعلومات المتاحة حالياً فإن أداء أوراسكوم تيلكوم سيكوم محايداً في ظل غياب فرص الاستثمار الواضحة موضحاً أنه تتزامن مع هذه الصفقات تحركات موازية في السوق المصرية جسدتها تصريحات مسئولي قطاع الاتصالات في الفترة الأخيرة حول وجود اتجاه لدي الحكومة المصرية لطرح رخصة محمول رابعة استنادا لنمو عدد السكان الذي كسر حاجز 80 مليون مواطن ووجود مساحة في السوق غير مغطاة بخطوط محمول تتسع لنحو عشرة ملايين خط جديد تتوزع بين الاستخدام الشخصي واستخدام الشركات. احتكار الخدمات وأشار عيسي فتحي إلي أنه من المتوقع أن يتم كسر احتكار الشركة المصرية للاتصالات في مجال الاتصالات الأرضية عبر طرح رخصة ثانية لإنشاء شبكة أرضية في غضون عامين وفقا لأوضاع سوق الاتصالات العالمية التي تنتظر مرحلة من التعافي خلال العامين المقبلين. ويري محمد حمدي محلل قطاع الاتصالات بسي أي كابيتال أن عملية بيع لينك دوت نت إلي موبينيل سوف يكون له أثر إيجابي علي سعر السهم في المدن الطويل والذي سيعكس قيمة عادلة لسهم موبينيل. يعتقد حمدي بأن تلك الصفقة لن يكون لها تأثير علي عمليات موبينيل علي المدي القصير حيث تضيف لخدمات موبينيل لذلك فإن التأثير سيكون محايداً علي المدي الطويل. توقع أن تشهد سوق الإنترنت في مصر البالغ حجمها 14 مليون عميل زيادة مدفوعاتهم السنوية إلي 8 مليارات جنيه لأن موبينيل سوف تبدأ فور شراء الشركة في تنفيذ خطة توسعية وتسويقية تستهدف إعادة التوازن مع المنافس