هل نحن بصدد أزمة مالية جديدة!! يبدو ذلك.. فشيطان العولمة هاهو يصول ويجول من جديد متخذا من أزمة ديون اليونان معقلا جديدا لنشر نشاطاته. وببساطة وصلت ديون اليونان إلي 300 مليار يورو.. كيف؟ توسع في الانفاق العام وعجز موازنة وصل إلي أكثر من 12% علي الرغم من أرقام الدولة التي تدعي عكس ذلك. القرض من بنوك أوروبية وأمريكية وآسيوية.. والتخلف عن السداد يعني دوران العجلة بدءا من البنوك مرورا بالاقتصاد الأوروبي "اقتصاد منطقة اليورو" انطلاقا إلي عبر المحيطات أمريكا والشرق الأوسط والأدني. والبوادر ظاهرة علي حركة سوق المال وتراجع سعر صرف اليورو وانخفاض أسعار النفط.. لكن السؤال الاقتصادي الأهم الآن هو كيف حدث ذلك لدولة تابعة للاتحاد الأوروبي يشرف عليها البنك المركزي الأوروبي وتسقط أمام مرأي ومسمع من دول اليورو جميعا؟! ألمانيا أكثر الدول التي ماطلت في التدخل للانقاذ إلا أنها اضطرت أخيرا لتحمل الجزء الأكبر من حزمة بلغت 110 مليارات يورو تقدم علي 3 سنوات إلي الحكومة اليونانية. حكومة باباندريو بدورها اضطرت لاستخدام سبل التقشف، خفض المرتبات والانفاق ودفع الضرائب، وهو ما اثار الشارع اليوناني لدرجة دفعت بعض الدول الأوروبية بالمشورة ببيع بعض الجزر اليونانية. كل وزير مالية حول العالم ينظر الي تجربة اليونان ويدعو ربه في السر والعلن ألا يصيبه ما أصابها. في رومانيا بدأت خطة تقشف مسبقا خوفا من العدوي وفي فرنسا قرر وزير المالية الفرنسي خفض الانفاق العام للحكومة 10%. تري فيم يفكر د.يوسف بطرس غالي الآن؟ بالتأكيد يقول في سره لهذا أرفض معظم طلبات الوزراء، لهذا من المستحيل الآن تعديل الحد الأدني للأجور، لهذا كله انظر إلي عجز الموازنة اصحو كل نهار لأتأكد انه آمن.. حتي لو رسموني في كل نكات الصحف المصرية انني أكثر رجال مصر بخلا وتقشفا.. لهذا لا نقترض من الخارج. لكن درس اليونان يجب أن يكون باعثا لفكر مختلف في الوقت نفسه.. كيف نرفع الانتاج؟! كيف يزداد الدخل القومي دون الحاجة إلي بيع الاهرامات!! كيف تتحول الطاقة البشرية المصرية إلي طاقة منتجة وليست طاقة مستهلكة لا تبحث إلا عن الدعم؟ يقف وزراء المالية في كل البلدان حائرين بين الايرادات والمصروفات.. وربما أكثرهم حيرة هو وزير المالية المصري.. ينظر إلي اليونان بصفته نموذجا أمام عينيه ويقول جملته الشهيرة "ياجارية اطبخي ياسيدي كلف" وبين كل تلك النظريات الاقتصادية يبقي 28 مليون مواطن مصري تحت خط الفقر. هل من عبقري يحل المعضلة؟!