ارتفاع أسعار الحديد يرجع إلي التنافسية، ولا علاقة له بإضراب عمال شركة عز للحديد والصلب "هكذا برر المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الارتفاعات التي شهدتها أسعار الحديد في السوق المحلي خلال الأيام الماضية، وجاء التصريح علي خلفية الجنون الذي أصاب صناعة الحديد مؤخرا بعد أن قفز سعر الطن بنحو 820 جنيها دفعة واحدة كان بمثابة النار الباردة علي المنتجين، والنار الحارقة بالنسبة للمستهلكين. وكالعادة فجرت التصريحات مرة أخري ملف الحديد بعد أن بدأت الأمور تتجه إلي الاستقرار والهدوء ولكن يبدو أن النار لا تزال تحت الرماد ففي أي وقت قد تتأجج من جديد وهو ما يحدث بالفعل بين الحين والآخر، حيث يبدو المشهد هذه المرة أكثر تعقدا، بسبب عملية التسخين التي يقودها العملاء والمستوردون خاصة أن المؤشرات الأولية تشير إلي أن الأيام القليلة القادمة ستشهد حربا أكثر شراسة بين الأطراف المختلفة. العملاء والمستهلكون متخوفين أن تصل الأسعار إلي أعلي مستوياتها ويبلغ سعر الطن 7 آلاف جنيه كما حدث في السابق. ويطالب المراقبون والمتخصصون بإنشاء مجلس أعلي للصلب ولمواد البناء، واختيار شركات تحت إشراف الحكومة لاستيراد المواد الخام لصناعة الحديد بهدف فض الاشتباك المستمر في سوق الحديد، أما التجار بحسب قولهم فلا ناقة لهم ولا جمل سوي الربح البسيط الذي يسقط من المصانع. ويستطيع المراقب للمف أن يتبين أن الارتفاعات الحالية للحديد طبقا لما قاله محمد حنفي مدير الغرفة المعدنية باتحاد الصناعات جاءت نتيجة الارتفاع الشديد في أسعار مكورات الحديد الأسنفجي، والتي أدت إلي وجود اضطراب في أسعار مدخلات الحديد من الخردة. مشيراً إلي أن التغيرات التي شهدها السوق الصيني في الحديد، وزيادة الطلب المحلي علي هذه الصناعة وهو ما أسهم بصورة كبيرة في جنون أسعار المواد الخام عالمياً، مما اضطر الصين إلي فرض رسوم إغراق علي صادراتها من الحديد، وبالتالي كانت الارتفاعات العالمية في المدخلات، ويكفي أن نقول إن الزيادة في نهاية مارس الماضي بلغت 130 دولاراً في طن البليت عالميا، بالإضافة إلي أنه يتوقع خلال الفترة القادمة زيادة أخري بنسبة 30%، وبالتالي فإن سوق الحديد لن يكون مستقرا. وعلي خلفية هذه الارتفاعات في أسعار المواد الخام قامت الشركات المنتجة في السوق المحلي برفع أسعار طن الحديد إلي أكثر من 820 جنيها عن شهر مارس، وكان حديد عز صاحب السبق في هذه الارتفاعات، حيث بلغت أسعار بيع حديد التسليح تسليم شهر إبريل 4100 جنيه للطن تسليم أرض المصنع، و4170 جنيها للمستهلك النهائي بمحافظات وسط الدلتا والقاهرة، إضافة إلي 4270 جنيها للطن لمحافظات الصعيد، وبشاي للصلب بسعر 4150 جنيها، ومصر الوطنية 4125 جنيها والكومي والمراكبي، وبورسعيد من 4150 إلي 4100 جنيه للطن. وأصابت هذه الزيادات السوق بالصدمة، حيث يعتبرها المستهلكون والمستورون مبالغاً فيها إلي حد كبير للغاية، وأن هامش الربح للمنتجين ظالم ويتحمله المستهلك. وتشير الدراسات والإحصائيات إلي أن كميات الحديد المستوردة خلال السنوات الخمس السابقة لم تتعد 2000 طن سنويا، في حين أنها خلال النصف الأول من 2009 بلغت 2،5 مليون طن، ونحو 100 ألف طن في يناير الماضي من العام الحالي. أسعار مبالغ فيها سألت خالد البوريني باعتباره أول المستوردين للحديد من الخارج عن أسعار الحديد عالميا وهل هناك مبالغة في زيادة أسعار الحديد محليا.. أجابني قائلا: إن هامش الربح في السوق المصري مبالغ فيه للغاية، حيث إننا نتحرك بمنطق القاطرة والعربات، والقاطرة في الحالة المصرية هنا المنتج صاحب اليد العليا في تحديد الأسعار. وأضاف أن التعاقدات التي تقوم بها المصانع بالنسبة للخامات من الخارج تكون تعاقدات نصف سنوية، أي سابقة لأي ارتفاعات جديدة في هذه الخامات، وبالتالي يحاول المنتج من خلال ذلك تحقيق هامش ربح مبالغ فيه كما أنه ليس حقيقيا. إن المصانع التركية قامت بفرض رسوم إغراق علي صادراتها من الحديد بالصورة التي تتردد بالسوق، حيث إن تركيا تقوم بإنتاج نحو 21 مليون طن سنويا، وتقوم بتصدير نسبة كبيرة إلي الأسواق العربية وفي مقدمتها مصر. وفي ظل عدم التدخل القوي من الحكومة سيظل الأمر محلك سر بالنسبة لقطاع الحديد إذا لم تقم الدولة بتأسيس مجلس أعلي للصلب ومواد البناء، هدفه السيطرة علي الأسعار ومراقبتها والسماح بتحقيق هامش ربح مقبول.