لم يفزعني قرار رفض الجمعية العمومية لمجلس الدولة تعيين المرأة في السلك القضائي.. فالمتتبع لوضع المرأة في مصر.. وتراجع حقوقها يمكنه أن يتوقع مثل هذه القرارات. والحقيقة أن شيئاً لم يتغير.. بل إن المجتمع ازداد تحفظاً وانتشر فيه التيار الديني المتطرف تحت أبصارنا ومسامعنا ولم نتحرك.. ربما خوفاً أو ربماً جزعاً أو ربما ممالأة للتيار السياسي الموالي للتغيير.. وكانت النتيجة ماثلة أمام أعيننا. رأينا ازدياد موجة الحجاب.. ولم نتساءل، رأينا النقاب ينتشر ولم نتدخل، رأينا الشادور الإيراني يشوه شكل نسائنا ولم نتحرك، بل وافقنا علي مزيد من الفصل العنصري.. فهذه سيارة المترو للنساء، وهذا تاكسي المرأة "البمبي"، وهذه محلات النساء وهذه مقاهي النساء.. وهذه كوافيرات النساء.. لم ننتبه لم نلحظ لم نتدخل.. اعتبره البعض تكريماً.. لكنه فصل عنصري بل ومجب للمرأة. احتفلنا بالكوتا.. 64 مقعداً للمرأة في البرلمان.. احتفلنا بالقاضيات.. احتفلنا بقدرة المرأة علي السفر بدون إذن زوجها وعلي منح الجنسية لابن الأم المصرية، كلها إنجازات.. لكنها جميعاً قرارات فوقية.. وليست قرارات مجتمعية.. ولذا فعندما ترك الأمر للتصويت المجتمعي.. للرجال جاء الأمر علي ما رأيناه: رفض تعيين النساء قاضيات بمجلس الدولة، وها نحن ننتظر من جديد قراراً فوقياً. يا سادة إن المجتمع يتغير أمام أعيننا والسلطة تستمع بالتيار الديني ولا تستطيع أن تجابهه، والمجتمع جبان لا يستطيع أن يواجه لا يستطيع أن يطالب.. ولا يوجد سياسي واحد سوي اليسار الذي تقريباً تلاشي يمكنه أن يطالب بفصل الدين عن الدولة. دستورنا دستور ديني يتحدث عن الإسلام مصدر التشريع.. فليذهب الأقباط للجحيم.. لماذا إذن يتعجبون من العنصرية ضد المرأة. الحزب الوطني نفسه الحزب الحاكم ليست به كوادر نسائية قائدة.. حتي الأحزاب المعارضة ليست أفضل حالاً.. إنه المجتمع.. رأيناه يتهاوي ولم نقف، رأيناه يرفضنا ولم نتدخل. بل إن السيد المستشار محمود الخضيري نفسه صاحب مواقف استقلال القضاء يقول إن الظروف غير مناسبة والأمومة مقدسة ودعونا نتفرغ لاستقلال القضاء أولاً.. وكان القضاء المستقل هو قضاء رجل فالحاكم رجل والمحكوم رجل وما بينهما "مهروس". ولا أدري كيف أصدق الخضيري بعد ذلك عندما يتحدث عن استقلال القضاء.. فالواضح أن معاني الاستقلال عنده لها حدود وتفسيرات: الاستقلال للرجل وليس للمرأة.. الحق للرجل وليس للمرأة. يا نساء مصر.. المعركة طويلة.. أرجوكم لا تختفوا وراء شادور أو نقاب، دعونا نخرج للمعركة.. نواجههم.. فالهدف الأكبر أن نختفي عن الوجود.. ونتحول إلي أرحام أو أوعية تحمل أطفالهم.. وذاك ليس من الإسلام في شيء.. "إنا خلقناكم من ذكر وأنثي" ساوي بيننا الله فلماذا ترفعون أنفسكم.