في ظل الفوضي والانتشار الغريب لخطوط ومسابقات الزيرو "0900" في وسائل الإعلام وصارت هناك قنوات فضائية متخصصة وقائمة علي هذه المسابقات وأصبح المواطن البسيط ضحية عمليات نصب وخداع مستمرة قائمة علي اغرائه بالمكسب السريع وتحقيق حلم الثراء دون عناء حتي أن خبراء الاقتصاد قدروا قيمة مكالمات "0900" خلال النصف الاول من العام الحالي بملياري جنيه دفعها المستهلك المصري ووصلت ارباح بعض القنوات الفضائية لأكثر من 10 آلاف جنيه في اليوم الواحد وتجاوزت الارباح السنوية لهذه القنوات المليون دولار كما حققت القنوات الفضائية العربية ارباحا من شريط الدردشة فقط الذي يحمل رسائل الشباب عبر خطوط "0900" تصل إلي 30 مليون دولار وذلك وفقا لدراسة منشورة لقسم الفنون السمعية والبصرية بالجامعة الامريكيةبالقاهرة. كل هذا دفعنا لطرح القضية للنقاش ومحاولة الاجابة عن العديد من التساؤلات المطروحة: هل هذه المسابقات تخضع للرقابة وما الجهة المنوط بها ذلك وكيف نحمي المستهلك من خداع بعض الشركات له ولماذا انتشرت هذه المسابقات وحققت كل هذه النجاحات في اجتذاب أموال الناس وما مدي فائدتها أو ضررها علي الاقتصاد القومي؟ د. صفوت العالم استاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة يكشف عن تحذيره من هذه المسابقات الوهمية منذ أكثر من عشر سنوات ولكن دون جدوي ويصف هذه المسابقات بأنها عملية نصب وخداع علي المواطنين مشيرا إلي أن مفتي الجمهورية السابق د. فريد واصل قال عن هذه المسابقات انها نوع من التحايل علي البسطاء. ويضيف د. صفوت أن ارقام الزيرو يفترض أنها أرقام خدمية يوفرها جهاز الاتصالات للتيسير علي المواطنين للحصول علي الخدمة أو التعرف علي معلومة وعلي أن تكون مجانية بحيث تقوم أي مؤسسة أو هيئة باستخدام هذه الارقام لتوفير المعلومات والارشادات لعملائها ولكن للاسف جعلنا من هذه الارقام مسابقات تستغل براءة المواطن وسعيه للخروج من دائرة الفقر حيث تغريه بالفوز باموال طائلة خاصة مع استخدام هذه المسابقات للمعلومات السطحية التي تغري الاطفال قبل الكبار للاشتراك وسرعة الاتصال أمام رقم الاموال المطروح، وينسي أن التكلفة قد تتعدي 10 جنيهات في المكالمة الواحدة أما عائد هذه الاتصالات فيعود علي اصحاب المسابقة أو البرنامج التليفزيوني الذي يقدمها ويندهش د. العالم من أن المسابقة غير محددة بفترة زمنية ولكنها مفتوحة طمعا في المزيد من الاتصالات من المواطنين وزيادة في الحصول علي الارباح علي حساب المواطنين. ويشرح د. العالم أنه لكي تكون المسابقة جادة وفعلية يفترض أنها تكون محددة الفترة مع وجود ضوابط وقواعد ثابتة تسير عليها. ويلفت د. العالم إلي أن وزارة الاتصالات وجهاز تنظيم الاتصالات التابع لها يعطي تراخيص وعقود هذه الارقام لكل من "هب ودب" ويتساءل: أين دور وزارة الاتصالات الرقابي وحمايتها للمواطنين؟ ويضيف: اذا كانت الحكومة حريصة علي مصلحة المواطن فلابد من تقنين استخدام هذه الارقام والمسابقات وتشديد الرقابة عليها. ويقول المهندس طلعت عمر نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات إن مسابقات الزيرو المعروفة ب "0900" انتشرت بصورة غير معقولة مشيرا إلي أن اغلب هذه المسابقات وهمية وتستغل الظروف الاجتماعية الصعبة للمواطن المصري وسعيه وراء تحقيق الثروة بأقصي سرعة ممكنة وبسهولة. ويري طلعت أن انتشار هذه المسابقات يدل علي وجود خلل في المجتمع حيث صارت ثقافة الحظ هي السائدة وهي ثقافة مدمرة وهدامة، ويؤكد طلعت أن أصحاب مسابقات الزيرو يحققون اعلي المكاسب والضحية الوحيد هو المستهلك ويرد طلعت علي من يقول إن المستهلك لديه حرية الاتصال من عدمه بقوله إن سيل الإعلانات وغياب الرقابة علي هذه المسابقات أغريا المستهلك للاشتراك بهذه المسابقات بحثا عن المكسب الوهمي. ويشدد طلعت علي أهمية تقنين هذه المسابقات والتأكد من جديتها ومصداقيتها وهو العبء الذي يقع علي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مطالبا بسحب التراخيص من القنوات التي تسيء استخدام هذه المسابقات.