يبدأ الخريف في مصر.. ولا تتساقط فقط أوراق الأشجار.. بل تتساقط همم المصريين تحت غطاء الظاهرة الأكثر عجباً.. السحابة السوداء. وإذا كان هناك عجائب سبع للدنيا.. فلابد من موسوعات العالم أن تضم السحابة السوداء لتلك العجائب.. ليس من باب تفردها أو جمالها أو قوة تأثيرها بالأمراض المزمنة علينا وعلي أطفالنا.. ولكن لصلابتها رغم أنها مكونة من أبخرة واستمرارها علي مدي عشر سنوات وتعاقب وزراء عليها ومحافظين.. وحكومة تروح وحكومة تيجي.. والسحابة لسة سوداء داكنة.. لا تخطئها عين أو عفواً.. لا يخطئها صدر. يبدأ موسم الخريف.. وأبدأ في تناول أدوية الحساسية أنا وابني الصغير الذي نعتبره أول مؤشرات حرق قش الأرز.. فما أن يبدأ في السعال حتي نقول: أهلاً وسهلاً بدأ موسم حرق قش الأرز.. ولا أدري مم نحاول أن نقي أطفالنا.. من أنفلونزا الخنازير، أم التيفود، أم الأمراض المعوية من المياه، أم من السحابة السوداء؟! وكأنها ضريبة نسددها للحياة في المحروسة لا أدري في مقابل ماذا. وتماماً كما اعتدنا الزبالة، واعتدنا العشوائية واعتدنا الفساد واعتدنا فوضي المرور واعتدنا قبح المناظر والاعتداء علي النيل وفشل التعليم وانهيار العلاج في مصر.. اعتدنا السحابة السوداء.. كنا في الماضي نصرخ ونهلل ونفتح ملفات حرق قش الأرز.. كيف ولماذا ونطالب بعقاب وتحرك محافظين، ولكن الآن أصبحت الأمور عادية جداً.. بل وتصريحات المسئولين أكثر من عادية: ستبقي السحابة السوداء معنا طويلا.. قد تقضي علينا.. لكننا أبداً لن نقضي عليها أو علي عادة حرق قش الأرز.. تعرفون لماذا؟! لأن خرق القانون أصبح عادياً.. واحترامه هو الشيء غير الطبيعي. أهلاً بالسحابة السوداء.. هل من مؤيد؟! نوبل أوباما: * بدا الرئيس الأمريكي مستغرباً مندهشاً لحصوله علي جائزة نوبل: عن نوايا السلام.. وليس عن تحقيقه.. وكأن القائمين علي الجائزة قرروا أن يمنحوها لأوباما كي يدفع في طريق السلام في اعقاب عهد بوش الذي دفع طويلا في طريق الحرب.. لكن الحقيقة أن منح أوباما لنوبل لن يغير كثيراً من مساره.. صحيح هو لم يدفع في طريق الحرب بعد بشكل فعلي لكنه دفع بأعداد جديدة من الجنود الأمريكيين إلي أفغانستان، ولم يغلق بعد معتقل جوانتانامو، كما أنه تراجع كثيراً عن وعوده بشأن وقف الاستيطان الإسرائيلي، ولم يقم بدور فاعل علي الأرض لدفع إسرائيل لقبول السلام. هل أصبحت نوبل جائزة نوايا؟ ممكن.. لكن أوباما في الحقيقة رغم أن شعبيته الجارفة لم تزل يحتاج منا لإعادة نظر.. فالكلام لا يغير واقعاً.. والخطب الحماسية لا تحقق مصالح. مرة أخري السياسة الأمريكية ليست فقط الرئيس، ولكن مؤسسات يجب أن نؤثر عليها وفيها.. علي الأقل قالها الرئيس الأمريكي: جائزة لا أستحقها لكني أشرف بها.