أثارت تصريحات د. عثمان محمد عثمان- وزير التنمية الاقتصادية الخبراء والاقتصاديين حين صرح أن المواطن المصري يكفيه ثلاثة جنيهات ونصف لتوفير احتياجاته الاساسية اليومية، يأتي هذا التصريح ضمن جملة تصريحاته المصابة بالانفصال عن الواقع علي حد وصف الخبراء حيث أنه كان قد صرح من قبل أن دخل المواطن الفقير يبلغ 100 جنيه شهرياً أي نحو "20 دولار" رغم أن البنك الدولي أعلن أن دخل المواطن المصري لايتعدي دولارين في اليوم إن قل في بعض الاحيان، وكان الوزير أعلن أيضاً قبل ذلك أن معدل الفقر في مصر تراجع إلي 18،9% خلال عام 2007/2008 ولهذا سيتم استهداف 1000 قرية فقيرة خلال خطة التنمية والتطوير الممتدة من عام 2007 وحتي عام 2012 بتوجيه موارد واعتمادات اضافية لهذه القري وتقديم دعم نقدي لمساعدة هذه الاسر لتخطي حاجز الفقر واللحاق بقطار التنمية. لكن الوزير لم يقل كيف سيتم ذلك يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه المنظمة المصرية لحقوق الانسان في تقريرها الاخير أزمة الاجور والمرتبات في مصر حيث أكدت علي أن هناك تجاهلا من قبل الحكومة تجاه رسم السياسات الاجتماعية التي يجب أن توازن بين الاجور والاسعار في ظل الغياب الواضح للمجلس القومي للأجورحيث كشف التقرير عن أن منظومة الأجورفي مصر دون مستوي الحد الادني بل لاتتفق بأي شكل من الاشكال مع المعايير الدولية المعنية بوضع الحد الادني للأجور الذي هو أدني بكثير من خط الفقر المدقع والمقرر دولياً بدولارين في اليوم للفرد الواحد. وبحسب بيانات البنك الدولي فإن الحد الادني للأجور في مصر يبلغ "425 دولار سنوياً" مقابل "875 دولارا في الجزائر" و"1675 دولارا للفرد في المغرب" و"1775 دولاً في تونس" و "1850 دولارا للفرد سنويا" في السنغال. وقد سألنا الخبراء عن تصريحات وزير التنمية الاقتصادية فقالوا إنه يعيش في واد والمصريون يعيشون في واد آخر؟ وأبدوا اندهاشهم من تلك التصريحات التي اعتبروها أن تدخل في اطار الاستخفاف والاستهانة بأوجاع المواطنين وأنينهم من ارتفاع الاسعار المستمر. ويوضح د. صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية- أن التصريحات الخاصة بمعدلات الفقر في مصر دائما ما تكون متضاربة ومستفزة، فنجد أن هناك تصريحا يعلن أن من كان دخله الشهري أقل من 166 جنيها يعد تحت خط الفقر فما بالنا بوزير يكتفي ب 5.3 جنيه للمواطن لتوفير احتياجاته اليومية. يضيف أن تقرير التنمية البشرية لعام 2008 حذر من تلاشي الطبقة المتوسطة وهي طبقة مهمة في جميع دول العالم وهي تلك التي تضم الموظف والمدرس والمدير والضابط وغيرها من فئات المجتمع المتوسطة ولكن منذ حكومة نظيف وبالتحديد أثناء عملية الاصلاح الاقتصادية حدث تغير في الهيكل الديمو جرافي للسكان ليصل معدل الذين يتمتعون بالثراء الفاحش 5% بينما تصل نسبة الاغنياء إلي 8% ويصل معدل الطبقة المتوسطة إلي 15% فقط في المقابل يصل معدل الطبقة الفقيرة إلي 40% بينما تبلغ نسبة من هم تحت خط الفقر إلي 20% ومعدومي الدخل 20%. ويري د. صلاح جودة أن حل مشكلة الفقر من وجهة نظر اقتصادية يقوم علي أساس استثمار جزء بسيط من امول الميزانية. ويري د. أسامة عبد الخالق- أستاذ الاقتصاد بتجارة عين شمس- تصريح وزير التنمية الاقتصادية انه استهانة بمشاعر المواطنين، موضحا أن نوعية تلك التصريحات المستفزة قد تكرر صدورها من قبل العديد من الوزراء وليس وزير التنمية الاقتصادية. ويوضح د. أسامة عبدالخالق أن المؤشر الاقتصادي الذي استند عليه الوزير عند اعلانه هذا التصريح منفصل عن الواقع ولايعبر عن احوال المواطنين مشيرا إلي انه يجب ألا يقل راتب المواطن اليومي بأي حال من الاحوال عن 20 جنيها. ويتساء د. عبدالخالق قائلا كيف يمكن المقارنة بدول أخري وهناك فروق واضحة بين دخل الفرد في مصر وباقي الدولة العربية مثلا، الا اذا قارنا انفسنا بالجوعي في بعض الدول الافريقية، ويضيف هل يمكن أن نقارن أنفسنا بمتوسط دخل الفرد بالدول الأوروبية مشيرا إلي أن حكومات تلك الدول تمنح اعانة بطالة لمواطنيها لمدة 3 سنوات من شأنها أن تساعد المواطن علي تكاليف المعيشة إلي أن يجد عملا مناسبا يدر عليه دخلا يكفيه لتلبيه احتياجاته ويتساءل د. أسامة كيف يمكن الحديث عن معدل نمو كما اشار وزير التنمية في ظل أن هناك عجزا في الحصيلة الضريبية يقدر بنحو 23 مليار جنيه، وزيادة العجز في الموازنة، فضلا عن أن كل دول العالم قد استفادت من انخفاض الاسعار للسلع والخدمات دون أن تشعر مصر بهذا التوجه العالمي.
