هذا المشهد الرائع الذي نراه هذه الأيام في كل محافظات مصر ومدنها يعكس ويترجم قوة التلاحم والتكافل والتعاطف الاجتماعي في هذا البلد ويجيب عن التساؤلات التي تدور في الأوساط الثقافية والسياسية حول عدم لجوء الناس إلي العنف والتغيير بالقوة. ففي كل مكان هناك سباق يدور بين الأغنياء ورجال الأعمال والقادرين من شعب مصر علي تجهيز وإعداد "الشنط" الرمضانية المجهزة بكل احتياجات الأسر التموينية لتوزيعها علي الفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان المبارك. والسباق لايمتد إلي نيل شرف توزيع هذه "الشنط" الرمضانية التموينية فقط وإنما إلي التسابق في توزيع إعانات ومساعدات مالية تصل الآن إلي الأسر في بيوتها دون مذلة السؤال أو الوقوف في الطوابير أو استرحام الغير. وما يحدث يعكس طيبة هذا الشعب، وأن الخير يكمن في أعماقه وأن الناس في بلدنا مازالوا أحياء ينبضون بالحب ويتفاعلون مع الآخرين ويسارعون إلي مساعدة المحتاج. ولكننا لا نريد أن يكون ما يحدث وما نراه ناجما عن "روح رمضان" فقط، إذ إننا نريد أن نري أنهار الخير تنساب طوال العام وأن تظل روح المحبة والتكافل مستمرة حتي لا ينفذ أصحاب الدعوات المتطرفة إلي القلوب المملوءة يأسا وألما ويتحركون إلي استغلال احتياجاتهم ومعاناتهم لترجمتها في أحقاد طبقية مدمرة وبالغة الخطورة. ونحذر أيضا علي الجانب الآخر من أن هناك عصابات متخصصة في الشوارع أصبحت تلاحق الأغنياء والمتبرعين ب"شنط" رمضان وتحاول الحصول علي هذه "الشنط" بأي طريقة لإعادة بيعها في محال البقالة الصغيرة وتحقيق مكاسب كبيرة علي حساب الفقراء والمحتاجين. ولهذا فيجب أن يكون هناك اهتمام بوصول هذه "الشنط" والمساعدات إلي الأسر الكريمة المحتاجة التي لن تمد يدها أبدا لأحد والتي لن يقف أفرادها في الشارع انتظارا لمساعدة من محسن كريم. وتنبه أيضا إلي أن بعض المحال والمتاجر التي تخصصت في إعداد هذه "الشنط" الرمضانية إنما تقوم بتصريف مخزون البضائع التموينية من خلالها، من منطلق أن هذه المواد التموينية ستذهب مجانا إلي فقراء لن يعترضوا..! وفي هذا إفساد لكل شيء وقتل للفرحة والبهجة وتدمير لروح جميلة نأمل أن تكون أكثر جمالا واكتمالا، وكل عام وأنتم بخير. [email protected]