أعلنت شركة بورش الألمانية للسيارات صباح الخميس 23 يوليو أن رئيسها التنفيذي ويندلين ويدكينج ومديرها المالي هولجر هارتر قد قررا الرحيل وأن مجلس الإدارة قبل استقالة الرجلين. وهذا يعني كما تقول مجلة "الايكونوميست" إن بورش صانعة السيارات الرياضية قررت كليا وأد فكرتها المستحيلة التي سبق أن أعلنت التخلي عنها في مايو الماضي وهي فكرة شراء شركة فولكس واجن التي يبلغ حجمها 15 ضعف حجم بورش. ومع ذلك فإن رحيل ويدكينج وهارتر صاحبي الفكرة سوف يمهد الطريق أمام اندماج الشركتين ولكن بشروط فولكس واجن. وبمقتضي خطة الاندماج ستتحول بورش التي أصبحت تحت قيادة ويدكينج صاحبة أعلي هوامش ربح في صناعة السيارات العالمية كلها إلي مجرد قسم في مجموعة فولكس واجن إلي جوار الماركات السبعة الأخري: فلوكس واجن، وأولكا وسكودا وسيات وبنتلي ولامبور جيني وبوجاتي. أما فيما يخص فيروينا ند بيتش 72 عاما رئيس مجلس إدارة فولكس واجن فإن لحظة إعلان اندماج بورش مع فولكس ستكون لحظة مميزة وذات مذاق خاص. ففي العام الماضي كثيرا ما ظهر ان ويد كينج علي وشك اقصاء بيتش من منصبه من أجل تنفيذ فكرته المستحيلة لشراء فولكس وهي فكرة يبدو أن المدير المالي لبورش هولجر هارتر كان يخطط لها منذ عام 2005 بالاتفاق طبعا مع وديكينج. وقد كان هذا الأخير يري أن بيتش يمثل عقبة تحول دون تنفيذ الفكرة خاصة أن بيتش كان مشبعا بثقافة فولكس في التعامل مع الأشياء مثل الحرص علي وجود علاقة جيدة بين الإدارة وبين كل من نقابات العمال وحكومة سكسوتيا السفلي التي تملك حق الاعتراض علي القرارات المهمة بحكمة أنها تملك 20% من فولكس واجن. وكانت خطة ويد كينج لشراء فولكس واجن قد ظهرت للعلن في أكتوبر الماضي عندما أعلن الرجل أن بورش امكنها عن طريق الشراء من صغار المستثمرين أن ترفع حصتها من الأسهم صاحبة الأصوات في فولكس إلي 42،6% وأنها تملك أيضا حصة قدرها 31،5% من خيارات الأسهم المضمونة وكانت فولكس في ذلك الحين هي صاحبة أعلي قيمة سوقية بين شركات السيارات في العالم. وبعد ذلك بشهر واحد أعلن ويد كينج أن بورش حققت أرباحا تفوق ايراداتها وذلك بفضل حصتها البالغ قيمتها 6،8 مليار يورو (8،7 مليار دولار) في فولكس واجن وقال إن بورش حصلت علي ائتمان إضافي قيمته 10 مليارات يورو (12،8 مليار دولار) وأنها بذلك تستطيع أن تسيطر علي فولكس واجن رغم كونها الشركة الاضخم. ومنذ ذلك الحين بات واضحا أن الاستيلاء علي فولكس هو ذروة طموحات ويد كينج. ورغم أن بورش أمكنها زيادة حصتها المسيطرة في فولكس واجن إلي 50،8% في يناير 2009 فإنها تكبدت في سبيل هذا الانجاز ديون حجمها 9 مليارات يور (11،5 مليار دولار) وقد حدث ذلك في وقت بدأت فيه مبيعات بورش من السيارات تهوي وأسواق الائتمان تغلق دكاكينها. وتقول مجلة "الايكوتوميست" إن الأمور حتي ذلك الحين كان يمكن أن تسير لصالح خطة ويد كينج لو أنه قد تمكن من تغيير قانون فولكس واجن الأمر الذي لم يحدث. لقد كان في امكان ويد كينج أن يستغل حصة بورش الكلية في فولكس والبالغة 75% لكي يستخدم ما لديها من سيولة تناهز ال 11 مليار يورو (14 مليار دولار) في سداد ديون بورش ولكن حكومة سكسوتيا السفلي مدعومة من المستشارة ميركل استخدمت حق الاعتراض علي الصفقة بالرغم من مخالفة ذلك لقوانين المفوضية الأوروبية. وفي يوم 6 مايو الماضي اتفقت عائلة بورش وعائلة بيتش اللتين تملكان كل الأسهم ذات القوة التصويتية في الشركة القابضة التي تملك بورش علي البحث عن طريق لاندماج شركتهما مع فولكس واجن. وهنا اسقط في يد كينج ومديره المالي هارتر ولكنهما قاما مع ذلك بمحاولة يائسة لقلب الاضاوع حيث حاولا بيع حصة ملموسة من بورش لصندوق الاستثمار السيادي القطري ثم التفاوض بعد ذلك مع فولكس من موقع أقوي. ولكن القطريين فضلوا عدم الانضمام في هذا النزاع واضعين أعينهم في الحقيقة علي بديل محتمل وهو شراء حصة في الشركة الجديدة التي ستنجم عن اندماج بورش وفولكس. وأعلنوا أنهم لا يمانعون في الاستثمار إذا ما اتفقت الشركتان علي الاندماج. وكان المعني الوحيد لذلك بالنسبة لكل من ويد كينج وهارتر هو الاستقالة حفظا لماء الوجه. وقد قال بيان بورش بالفعل إن الرجلين رأيا أن رحيلهما سيكون اسهاما في تهيئة الاجواء لاندماج فولكس وبورش في كيان صناعي كبير للسيارات. والأمر المؤكد أنه لا احد سيذرف دمعة واحدة علي الرجلين اللذين كسبا معا في العالم الماضي من منصبيهما 100 مليون يورو (128 مليون دولار)، أما بالنسبة لشركة بورش فستكون هذه بالقطع نهاية حزينة لعصر الوجود المستقل في صناعة السيارات العالمية الذي استمر78 عاما حتي الآن.