طغت قضية انتشار انفلوانزا الخنازير، التي تتوقع الدراسات أن يصاب بها نصف سكان العالم تقريبا علي جميع القضايا الاخري التي تؤرق الشارع المصري، وخاصة أن الانفلونزا التي ظهرت سنة 1918 قتلت ما يقرب من ضحايا الحرب العالمية الاولي والثانية، وعملا بقاعدة اذا لم لا تستطع التنبؤ بالمستقبل فعليك الاستعداد له، فإن الحكومة المصرية اعلنت عن عدد من الترتيبات استعدادا للتصدي للمرض. فقد أعلن وزير الصحة حاتم الجبلي أنه في حالة انتشار الوباء سوف يتم تحويل المدن الجامعية إلي حجر صحي، وسوف يتم إقامة مستشفيات ميدانية لعلاج المواطنين في الشوارع والبعض سوف يتم علاجه بالمنزل، كما حصلت علي فتوي من الازهر بجواز الدفن الجماعي، بالاضافة إلي تخفيض قوة العمل إلي الربع. ولكن هل تستطيع وزارة الصحة بمفردها مواجهة الوباء أم نحن في حاجة إلي وضع استراتيجية وطنية تهدف إلي تحديد المسئوليات والمهام لمواجهة كارثة انتشار الوباء، ولماذا لا يتم اعلان حالة تعبئة عامة بين المواطنين للتطوع ومكافحة انتشار الاوبئة والامراض علي طريقة التعبئة أيام الحروب التي مرت بها مصر طوال تاريخها المعاصر؟ مجلس الكوارث دكتور مغاوري دياب رئيس اللجنة القومية للكوارث يؤكد وجود مجلس أعلي للكوارث برئاسة رئيس مجلس الوزراء ولكن لم يجتمع إلا مرة واحدة فقط بعد حادثة غرق العبارة، وتقوم اللجنة القومية للكوارث باعداد التقارير والدراسات لمواجهة الكوارث والاستعداد لها وإدارة الأزمات، ولكنها مجرد توصيات علي الورق فقط، فحتي الآن لا توجد هيئة تنفيذية أو تنسيق بين اجهزة الدولة المختلفة لتطبيقها، فمصر غير معنية بالكوارث البيولوجية ومواجهة الاوبئة حتي لو اكد البعض عكس ذلك. والارتباك في طريق التخلص من الخنازير ودفنها الذي اتسم في كثير من المواقع بالعشوائية يؤكد غياب المنظومة العلمية. أما عن دور المجتمع المدني والجمعيات الاهلية فيؤكد الدكتور مغاوري علي أهمية دورها في الدول الغربية فلها تنظيمات تقوم بادوار فعالة في مواجهة تلك الازمات، ولكنها في مصر لا تجد أي دعم حكومي علي حد تعبيره. وبالرغم من وجود جهاز لمواجهة الكوارث بوزارة البيئة فإن المسئولين في الوزارة اكدوا أن مسئوليته تنحصر في مواجهة كوارث تلوث الشواطئ أو مجري النيل، أما كوارث الأوبئة والأمراض فهي اختصاص وزارة الصحة، أما مشكلة نظافة البيئة فهي من اختصاص اجهزة الاحياء والمحافظات التي تتوافر لهما العمالة والتمويل اللازم لأداء مثل هذا العمل. بدون تهويل أو تهوين دكتور حسن محمد وجيه خبير إدارة الازمات بمركز اعداد القادة يبدي أسفه لأن من طبيعة المصريين عدم التحرك إلا بعد وقوع مشكلة كبيرة ويؤكد اننا بحاجة إلي حملة توعية علي اسس علمية يشرف عليها متخصصون بدون تهويل أو تهوين، وقضية المعلومات المتضاربة جزء مهم جدا من المشكلة فبعض اساتذة الطب الذين ظهروا في وسائل الإعلام، أكدوا ان الفيروس ضعيف مثل الأنفلونزا العادية أو أقل حدة ولا داعي للقلق، وروجوا لنظرية المؤامرة لصالح سوق المطهرات والامصال والأدوية، مما أشاع نوعا من الارتياح في حين ان الحقيقة مغايرة لذلك تماما علي حد قوله. وعلي عكس ذلك تري الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ان هناك مبالغة شديدة لصرف انتباه المواطنين عن أشياء اخري تثير استياءهم، وإعلان التعبئة العامة سوف يثير حالة من الذعر مما يؤثر علي الانتاجية وقوة العمل ويجعل المواطنين يلزمون البيوت، فطالما وجد علاج لفيروس انفلونزا الخنازير فلا توجد منه أي خطورة، كما أكد العديد من الاطباء علي شاشات الفضائيات. فالحل في اهتمام وزارة الصحة برفع مستوي أداء مستشفياتها وتوفير العلاج اللازم، كما تقوم الأحياء والمحافظات المسئولة بدورها في تنظيف الشوارع، فانتشار القمامة يساعد علي انتشار الأمراض، وليس من المعقول ان يدفع المواطن كل هذه الأموال علي فواتير الكهرباء ولا يجد الخدمات المطلوبة في مقابلها. متطوعون ومستشفيات ميدانية دكتورة ماجدة الشربيني مديرة جمعية الهلال الأحمر تؤكد ان الجمعية تقوم حاليا بتدريب 900 متطوع علي أيدي مدربين متخصصين في منطقة النهضة والقليوبية وهي مناطق ريفية وحضرية، علي كيفية مواجهة الوباء إذا انتشر علي نطاق واسع ومساعدة الجهات الصحية أثناء عملهم في المستشفيات الميدانية بالشوارع وإقامة الخيام والأسرة، وتقديم الدعم النفسي للأسر وتلبية جميع احتياجاتهم وتوضيح كيفية رعاية وعزل المريض أثناء علاجه بالمنزل، وتمريضه من خلال شخص واحد فقط واشتراطات الغذاء الصحية ومنع الزيارة عنه. أما الشروط الواجب توافرها في المتطوع فتشمل بالخصوص أن يتراوح سنه من 20 إلي 30 سنة، وعلي قدر من التعليم العالي أو المتوسط، ويفضل من سبق له العمل في المجال الاجتماعي خاصة من نوادي الشباب وتشجيع دخول أفراد جدد خاصة بفروع الجمعية في المحافظات، ولكننا في الوقت الحالي، لا نريد فتح باب التطوع لعدم اثارة الهرج والمرج بين المواطنين. تقاعس الشركات أحمد نصار رئيس مجلس إدارة هيئة نظافة وتجميل الجيزة ينفي وجود أكوام من القمامة في الشوارع بما في ذلك المناطق الشعبية فقد تم رفع 50 ألف طن قمامة من منطقة الزرائب بأرض اللواء، يعترف أنها مازالت دون مستوي النظافة المطلوب، لوجود تقاعس من شركة النظافة الإيطالية المسئولة، واهمال العمالة التي تعاني من ضعف المرتبات وتلجأ إلي التسول فلا يتجاوز مرتب العامل ال500 جنيه شهريا. ويضيف نصار أسباب عدم نظافة الطريق العام سلوكيات بعض المواطنين في إلقاء المخلفات في غير الأماكن المخصصة، وبعد التخلص من زرائب الخنازير يقوم جامعو القمامة أيضا بإلقاء كميات من قمامة المنازل في الشوارع، ولذا نعمل علي توفير حاويات لتجميعها لتقوم السيارات بنقلها إلي المقالب العمومية بعيدا عن الكتل السكنية. وفي الوقت الحالي تقوم هيئة النظافة بأعمال الشركة الإيطالية وتعويض النقص في خدمات النظافة علي حسابها، بحسب نص القانون الذي يعطينا الحق في خصم تكلفة التنظيف من مستحقاتها عند تقاعسها عن العمل.