أثار البرنامج الطموح الذي أعلنه دكتور محمد البهي نائب رئيس المجلس التصديري للأدوية وأكد فيه امكانية تصدير أدوية ب20 مليار دولار للأسواق الافريقية خلال السنوات الخمس المقبلة العديد من التساؤلات حول امكانية تنفيذه. خبراء الدواء أشاروا إلي أن صادرات مصر من الأدوية تبلغ 350 مليون دولار فقط وهناك توقعات بتراجعها نهاية العام الحالي بسبب الأزمة المالية إلي جانب اعتماد الاسواق الافريقية علي منتجات الهند والصين بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بمثيلتها في مصر. وأكد هؤلاء الخبراء أن السوق الافريقي يعتمد علي المعونات المقدمة من المنظمات الدولية في توفير الأدوية الأكثر انتشارا بها اضافة إلي أنها أسواق لتجربة الادوية الجديدة المنتجة في الخارج ولكن علي أي شيء اعتمد نائب رئيس المجلس التصديري برنامجه ولماذا يؤكد امكانية تنفيذه؟ وقبل ذلك ما قصة هذا البرنامج؟ يقول دكتور محمد البهي نائب رئيس المجلس التصديري للأدوية وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، إلا أنه سيتم رفع مذكرة لوزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد خلال الاجتماع القادم للمجلس التصديري للأدوية والمنتظر انعقاده نهاية الشهر الحالي وسيتم خلاله توضيح خطوات تحقيق البرنامج المقترح لزيادة صادراتنا من الأدوية للسوق الافريقي إلي 20 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. مشيرا إلي أن الرقم المستهدف ليس مبالغا فيه حيث يشكل 2% فقط من حجم السوق العالمي للدواء حاليا والذي يصل إلي 700 مليار دولار ومن المتوقع ارتفاعها عام 2013 إلي تريليون دولار ويوضح البهي أن حجم صادراتنا من الدواء حاليا بلغت 350 مليون دولار فقط خلال العام الماضي ومن المتوقع تراجعها بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية وحالة الركود الاقتصادي في مختلف القطاعات. ويؤكد د.البهي أن خطة التصدير للسوق الافريقي تعتمد علي التعاون الحكومي بنشاط الملحق التجاري في تلك الدول من خلال القيام بجولات ترويجية للتعرف علي احتياجات كل سوق من خلال المسح الشامل للأمراض المستوطنة في المدن النائية ثم يتم الاتفاق علي ابرام الصفقات المتكافئة بمعني تصدير للأدوية مقابل استيراد منتجات أخري يحتاجها السوق المصري.. وبالتالي لا يتم اللجوء للنظام النقدي نظرا للمشكلات الراهنة في التعاملات المالية وعراقيل فتح الاعتمادات في بعض الأسواق الافريقية. ويري نائب رئيس المجلس التصديري أن الأدوية التي يمكن تصديرها تشمل "جيناريك" وهي التي انتهت فترة الحماية الخاصة بالملكية الفكرية بها ولا تتبع ملكية أي دولة ومن حق مصر أن تقوم بإنتاجها إلي جانب الأدوية ذات المكمل الغذائي وأدوية بعض الأمراض المعتادة كالحموضة، والامساك وغيرها والتي لا تحتاج إلي روشتة الطبيب ويمكن أن يبيعها الصيدلي بصورة مباشرة. ويشير د.البهي إلي أن قيمة إنتاج مصر من الأدوية تبلغ حوالي 5.9 مليار جنيه من خلال 96 مصنعا تتبع غرفة الدواء إلي جانب 30 مصنعا تحت الإنشاء وهذه الاستثمارات الجديدة تجعل هناك فرصا اضافية في زيادة الكميات الموجهة للتصدير. مؤكدا علي ضرورة التوصل لمفاتيح التصدير للأسواق الافريقية سواء كانت الجاليات اللبنانية أو الصينية وغيرهما وعقد اتفاقات معها يتيح دخولنا لتلك الأسواق. ويري دكتور جلال غراب رئيس الشركة القابضة السابق للأدوية، ووكيل لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري أن البرنامج المستهدف لتصدير الدواء للسوق الافريقي طموح ولكنه صعب التنفيذ نتيجة العديد من العوامل من بينها أن الدواء المصري لا يتمتع بالميزة التي تعطي له أولوية داخل الاسواق الأفريقية بالنسبة للسعر لأن الدواء الوارد من الهند، والصين أرخص أيضا البرنامج يعتمد في تنفيذه علي الدولة وليس القطاع الخاص. كما أن الاعتماد علي نظام الصفقات المتبادلة تم الغاؤه منذ سنوات طويلة مع احلال اتفاقيات التجارة الحرة وحتي لوكان نظام الصفقات المتكافئة مستمرا فيمكن ألا يطلب الجانب الافريقي استيراد الدواء من مصر ولكن يحتاج إلي أشياء أخري كمعدات وآلات للصناعة وبالتالي فإن الفكرة ليست سهلة التطبيق وتحتاج إلي المزيد من الدراسة. ويبدي د.مكرم سيد مهنا نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات عدم تفاؤله تجاه امكانية تحقيق القفزة التصديرية المخطط لها للسوق الافريقي لعدة نقاط أهمها: أن جزءا كبيرا من احتياجات تلك الأسواق من الدواء يأتي عن طريق المعونات المقدمة من المنظمات الدولية المختلفة مثل "اليونيف، وغيرها من الجهات المانحة خاصة أدوية علاج الأمراض المنتشرة في الدول الافريقية مثل الملاريا، السل، الأيدز من بين العراقيل أيضا في رأي د.مكرم أن تسويق الدواء بخلاف أي سلعة أخري يحتاج إلي تكاليف ودعاية ولابد أن يقوم بها الاطباء بأنفسهم وليس من خلال الوسائل التقليدية. ويشير نائب رئيس غرفة صناعة الدواء إلي أن هناك ضرورة لاعادة الثقة في الدواء المصري داخل السوق المحلي حتي يمكنه التصدير للأسواق الخارجية عموما والتأكيد علي عدم انخفاض فعاليته مقارنة بمثيله الأجنبي رغم ارتفاع سعر الأخير مشيرا إلي أن حجم الواردات من الدواء لا يجاوز ال10% من الاستهلاك المحلي، مما يعني أن الاعتماد الأكبر علي الدواء المنتج داخليا والذي تصل قيمته إلي 14 مليار جنيه سنويا.. والتأكيد علي تلك النقطة.. خطوة مهمة لزيادة التصدير للسوق الافريقي موضحا أن مصر تصدر حاليا إلي 90 دولة عربية وافريقية وهناك مخطط للدخول للأسواق الأوروبية. ويري دكتور ماهر كامل عضو مجلس إدارة نقابة الصيادلة أن حجم التصدير الفعلي من الأدوية لم يصل إلي نصف مليار دولار كما أن الأزمة المالية التي قد تستمر عامين قادمين ستؤثر علي حركة الشراء والبيع في مختلف القطاعات ومنها الأدوية. مشيرا إلي أن البرنامج المخطط له خطوة ايجابية للبحث عن أسواق بديلة للأسواق التي تشبعت باحتياجاتها، أو المتضررة من الأزمة المالية والأخذ في الاعتبار أن الأسواق الافريقية متضررة أيضا من الأزمة المالية ولذا تبحث عن منتجات ذات أسعار رخيصة بصرف النظر عن جودتها مشيرا إلي أن السوق الافريقي يعد حقفل تجارب شركات المنتجة للأدوية الجديدة خاصة التي تنتجها شركات أمريكية حيث ترسل هذه الأدوية مجانا للدول الافريقية رغم أنها باهظة الثمن مقابل تجربتها ومعرفة مدي فاعليتها.. وبالتالي فإن وجود هذه الأدوية يغني عن شراء أدوية من أسواق أخري. ويؤكد د.ماهر أن التفكير في اتباع أسلوب المقايضة أو التبادل التجاري أحد الحلول للتعامل مع المشكلات المالية مثل عدم توافر الضمانات لفتح اعتمادات مستندية في الدول الافريقية..ويمكن أيضا أن تكون خطوة ايجابية لتنشيط التجارة ولكن دون المبالغة والافراط في حجم كميات الدواء المصري التي يمكن تصديرها لتلك الأسواق.