تضمن مؤتمر "اتفاقيات وبروتوكولات التجارة والاستثمار "الذي نظمته شركة جلوبال تريد ماترز الاسبوع الماضي جدلا كبيرا حول اتفاقيات تجارية وقعتها مصر ولم تظهر آثارها الملموسة علي ارض الواقع.. واخري حققت نجاحا ولكنه ليس مضمونا في المستقبل .. وهذا يدفعنا إلي طرح السؤال الاكبر .. ما هي تحديات التجارة المصرية مع شركائها العالميين.. وكيف نمهد الطريق لإيجاد مكانة مميزة لمصر في السوق العالمي وسط المنافسة الشرسة بين الشرق والغرب. التكامل الاقتصادي العربي كان واحدا من أكثر القضايا المثيرة للجدل في المؤتمر.. فعلي الرغم من الوصول لمرحلة متقدمة في السوق العربية المشتركة فإنه علي ارض الواقع مازالت التجارة البينية العربية ضئيلة للغاية.. سؤال حير الحضور وطرح علي السفير جمال بيومي للإجابة عنه .. فقال إنه يعارض الرأي الذي يقول اننا نسعي إلي تحقيق وحدة اقتصادية عربية منذ 60 عاما وفشلنا حتي الآن في تحقيق هذا الهدف علي عكس الاتحاد الأوروبي الذي نجح في تحقيقه.. مشيرا إلي أنه عندما تم تأسيس جامعة الدول العربية في الأربعينيات لم تكن تهدف إلي إيجاد سوق عربية مشتركة ولكن كان تأسيسها لأهداف سياسية وهي تحرير باقي الوطن العربي من الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي آنذاك، بينما كان من أهداف تأسيس الاتحاد الأوروبي هو أن يكون تكتلا اقتصاديا وتجاريا، وعندما صار تحقيق التكتل الاقتصادي العربي ضمن أهداف الجامعة العربية لم تحدد الجامعة كيفية تحقيق هذا الهدف، وكانت دعوة الرئيس مبارك عام 1996 لثلاث مناطق تجارية حرة في الوطن العربي بداية تحديد لكيفية تحقيق التكامل العربي. وإلي جانب الأسباب السابقة التي أخرت التكامل العربي أشار بيومي إلي أن المسئولين العرب لا يجتمعون إلا لفترات قصيرة جدا للتفاوض حول التكامل العربي فمجلس الوحدة الاقتصادية العربية يجتمع مرتين في العام مرة في سبتمبر ومرة في مارس وكل اجتماع يستغرق 5 ساعات أي انه يتم الاجتماع لهذا الهدف 10 ساعات في كل عام بينما استغرقت المفاوضات الناجحة في هذا المجال 1500 ساعة معلقا علي ذلك بأن العالم العربي يحتاج إلي مائة وخمسين عاما لتحقيق الوحدة الاقتصادية! غياب الإرادة ولفت بيومي إلي أنه يجب أن ننظر إلي بيانات التجارة البينية العربية بنظرة أكثر تدقيقا في التفاصيل، حيث إن هناك من يري أن صغر حجم التجارة البينية العربية سببه يعود إلي عدم رغبة الدول العربية في التكامل، والواقع ليس كذلك فهناك عوامل تقف عائقا أمام نمو التجارة البينية العربية فحجم هذه التجارة البينية وصل إلي 14% بينما وصل معدل التجارة البينية الأوروبية إلي 59%، ولكن اذا تم استثناء تجارة البترول سنجد أن حجم التجارة البينية العربية يرتفع إلي 35%، هذا إلي جانب أن نسبة كبيرة جدا من واردات العالم العربي، هي منتجات لا يوجد لها مثيل في الأسواق العربية كصناعة الآلات والمعدات ووسائل النقل. ويري بيومي أن الحديث عن العملة العربية الموحدة يقع أحيانا في إطار "الإكيلشيهات" فهو في حد ذاته هدف جيد ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن الدولار يهيمن علي التجارة الدولية علاوة علي بطاقات الائتمان وحدت عملات العالم وجعلت الأموال "بلاستيكية". وهيمن الحديث عن تطورات التجارة البينية في تجمع "الكوميسا" نفس النظرة المحبطة التي تسيدت الحديث عن التكامل العربي.. حيث قال د. محمد عمران الخبير الاقتصادي إن الصادرات المصرية إلي دول الكوميسا تضاعفت من 5 مليارات جنيه إلي 10 مليارات جنيه خلال الفترة 2005 2008 ولكن أكثر من 80% من هذه الصادرات إلي ليبيا والسودان وهو يعني أن هناك حاجة ماسة لدعم العلاقات التجارية مع بقية الشركاء في الكوميسا. أما د. عبد المنعم عمارة رئيس المجلس المصري الأفريقي فلفت الأنظار بانتقاداته إلي جمود العلاقات الأفريقية.. حيث بدأ حديثه متسائلا: كيف ننظر لأفريقيا كحكومة وشعب ومجتمع مدني.. وأجاب بأنه علي مستوي الحكومة فوزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد لم يزر أي عاصمة أفريقية خلال السنوات التي تولي فيها الوزارة وعلق علي ذلك بقوله "أنا محبط مع اني أحب رشيد إلا انني أعتقد أنه لا يؤمن بأفريقيا.. وكذلك وزير الاستثمار محمود محيي الدين". ولفت عمارة إلي أن الرئيس مبارك طرح في قمة أبوجاد العديد من الأفكار للتكامل الاقتصادي كالقمر الصناعي الأفريقي إلا أنه لم يتم تنفيذها.