رغم كثرة الاتفاقيات التجارية والصناعية التي شهدها العام المنصرم 2007 إلا أن هذا لا يعني أن الأحوال الاقتصادية "وردية" ومبشرة أو أن كل تلك الاتفاقيات آتت ثمارها فحسب ما رأي الخبراء والمتابعون من المتخصصين في الشئون التجارية والصناعية في مصر فإن هنا اتفاقيات تم إبرامها منذ سنوات وحتي الآن لم تضف جديدا للاقتصاد المحلي.. وفي مقابل هذه النظرة المتشائمة يري بعض الخبراء ان توقيع الاتفاقيات هو الجزء الأكبر من تحقيق أهداف نمو منتظرة. يقول عبدالرحمن فوزي وكيل أول وزارة التجارة والصناعة والمسئول عن قطاع الاتفاقيات الخارجية إن وزارة التجارة المصرية قطعت شوطا كبيرا ومجهودا غير عادي في إبرام كل تلك الاتفاقيات التي دخلت معظمها حيز التنفيذ لتضيف إلي موازنة الاقتصاد المصري وتدعم أداءه. ويشير عبدالرحمن فوزي إلي أن هناك العديد من الاتفاقيات التجارية الأخري التي شهدها القطاع الخاص بين شركات مصرية وأخري أجنبية قد تكون بعضها أكثر أهمية من التي وقعتها الحكومة غير أنه أكد علي أن كل الاتفاقات التي وقعتها مصر متمثلة بوزارة التجارة والصناعة تمثل خطوة واضحة لتأكيد تدفق الاستثمارات الأجنبية لمصر من كل المجالات خاصة قطاع التجارة الذي يمثل محورا أساسيا بين كل قطاعات الاقتصاد المصري. ويوضح عبدالرحمن فوزي ان العام 2008 سيشهد أيضا العديد والعديد من البروتوكولات التي سيتم إبرامها في قطاع الاتفاقيات التجارية والتبادل التجاري مع بلدان العالم العربي والأوروبي متفائلا بما وصلت إليه مفاوضات التجارة الحرة والتجارة الحرة مع أمريكا والتي يمثل دخولها منعطفا سيحول دفة الاقتصاد والتجارة المصرية إلي منطقة التوزان والشمولية. وبحسب قوله فإن مصر لن تتوقف عن إبرام أية معاهدات أو اتفاقات تجارية حتي لو لم يتم تفعيلها بل وسيسعي قطاع الاتفاقيات بالوزارة والوزارات المماثلة إلي المصابرة والنشاط من أجل إرساء قواعد الاقتصاد المصري. عبدالمنعم سعودي الرئيس السابق لاتحاد الصناعات المصرية يري أن مصر قطعت شوطا كبيرا في توقيع العديد والعديد من الاتفاقيات الصناعية غير أنه يري اتفاقيات العام 2007 بعيدة المنال عن تحقيق أهداف النمو حاليا فهي تحتاج للتفعيل وجني ثمارها فترة لا تقل عن 10 سنوات. ويري سعودي انه علي سبيل المثال فإن المناطق الصناعية التي تم التوقيع علي انشائها في مصر خلال العام الماضي مثل التركية والروسية والصينية لم تبدأ أي منهم في تنفيذ خططها لإقامة تلك المناطق وحتي لو بدأت مع العام الحالي فالوقت لم يزل مبكرا علي اتمام مثل هذه المشروعات العملاقة التي قد تقف طويلا قبل ان تضيف للاقتصاد المحلي. ويشير سعودي إلي أن الاتفاقيات وإبرامها يمثل جزءا من سياسة تحقيق الأهداف غير انه ليس الجزء الأكبر كما يظن البعض فالعامل الرئيسي في الشعور بنتائج ايجابية ملموسة لأي بروتوكول هو تطبيقه علي أرض الواقع وتحقيق نتائج واضحة ومرئية من ورائه وهذا العامل لا ينطبق في مصر سوي علي شركات القطاع الخاص لانها تستطيع أن تنجز أهداف اتفاقياتها بسرعة خاصة وهي تخدم اقتصاد رأس المال الحر. ويشير سعودي إلي أنه لا يشكك أو يحط من عزيمة المسئولين بقطاع الاتفاقيات الحكومية غير أنه يستند إلي دلائل واقعية فرغم مرور أعوام علي اتفاقية اغادير التجارية وكذلك التجارية العربية الحرة إلا أن الحقيقة تشير إلي أنها لم تؤت ثمارها حتي يومنا هذا ولم يشعر بها الاقتصاد المحلي والجميع ينتظرها دون أية ملامح تترآي لها هي ومثيلتها من الاتفاقيات التجارية الأخري. ويضيف سعودي أيضا أن هناك العديد من الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تحديث الصناعة منذ سنوات مضت ورغم أن تلك البروتوكولات قد تم تفعيل بعضها إلا أنها مازالت بعيدة كل البعد عما يأمله العاملون في قطاع الصناعة وعما كتب في بنودها ويجب تحقيقه وهو ما يعني أن الكلام علي الورق -حسب قول سعودي- يختلف كليا عن التعامل مع الواقع. وعلي جانب مضاد للرأي السابق تماما فإن عباس زكي الرئيس السابق لغرفة القاهرة التجارية يري أن الحكومة ومسئوليها وجدوا في توقيع الاتفاقيات والبروتوكولات التجارية أملا في تحقيق جزء من طموحات تجارية لمصر فبروتوكولات الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي تم تفعيلها بالفعل وهناك صادرات بالجملة للسوق الأوروبي وكذلك لأسواق الكوميسا وغيرها. ويضيف عباس زكي ان قطاع التجارة تحديدا يختلف عن كل القطاعات الاقتصادية الأخري في مجال الاتفاقيات وإبرامها فهو محدد سلفا بتوقيت زمني معين يجب خلاله إبرام الاتفاق علي أرض الواقع فهي شحنات وعمليات استيراد وتصدير قائمة لكنها مع البروتوكولات تحدد نسب المرابحة ومتوسطات الكميات وهكذا. وخلال العام الماضي نجحت مصر كما يقول عباس زكي في إبرام عدة اتفاقيات ستنعكس أهدافها في تحقيق فوائض تجارية وتصديرية بالسوق المصري منها علي سبيل المثال اتفاقية مصر مع دول "الافتا" والتي ستتيح حجم تعامل استيرادي تصديري بين مصر وهذه الدول تزيد علي 500 مليون دولار خلال الأعوام القليلة المقبلة وسنري أثرها خلال 2008 أيضا. أما فيما يخص اغادير والشراكة مع أوروبا فيري عباس زكي أن الوصول لنقطة تنفيذ في هاتين الاتفاقيتين تحديدا يعتبر انجازا كبيرا بعد كل هذا الوقت الكبير الذي استغرقته اغادير تحديدا وكونها يتم العمل بها رسميا فهو شيء يحسب للعام 2007. يقف الدكتور حمدي عبدالعزيز عضو غرفة الصناعات الهندسية علي الحياد حول ما شهده العام الماضي من اتفاقيات ومدي تأثيرها علي الاقتصاد المصري فيري ان كل اتفاقية تم توقيعها سواء كانت تجارية أو صناعية أو في قطاع الطاقة يلزمها ما يزيد علي نحو 5 سنوات حتي نستطيع أن نحكم علي أدائها خاصة وان مصر من الدول التي توقع في العام الواحد ما يزيد علي 50 اتفاقية وبروتوكولا مع حكومات مختلفة وما يتبع ذلك من عرض علي مجلسي الشعب والشوري حتي تصدر لوائح لهذه البروتوكولات يمكن بعد ذلك ان يتم الاستفادة منها. ويضيف الدكتور حمدي عبدالعزيز أن العامل الرئيسي في الوصول بالاتفاقيات والبروتوكولات إلي نقطة استفادة هو دور الحكومة في العمل علي تسريع تلك الاتفاقيات خاصة في ذلك اقتصاديات السوق الحرة والسريعة التي يشهدها العالم فليس من المعقول ان تظل مثل تلك الاتفاقيات معلقة سنوات حتي يتم تفعيل العمل بها. ويعود الدكتور حمدي عبدالعزيز ليؤكد أننا لا يمكن أن نلقي حمل تعطيل الاتفاقيات فقط علي الجانب المصري فالحكومات الأخري تلعب دورا كبيرا في تعطيل تطبيق بنود اتفاقيات كثيرة خاصة إذا كانت تتعلق ببعض النسب والسلع والعوامل التجارية المختلفة في الاستيراد والتصدير ومن هنا يقول ان توقيع الاتفاقية يعتبر جزءا كبيرا من الوصول الي تفعيلها لكن هذا لا يحدث بشكل سريع كما يظن البعض.