شن تحالف واسع للمنظمات غير الحكومية وخبراء القانون الأمريكيين حملة مكثفة للاعتراض علي تقديم واشنطن "صكا علي بياض" لصندوق النقد الدولي وتسليمه 108 مليارات دولار لتمكينه من إقراض الدول النامية بشروط تفوق أضرارها جملة منافعها. فقد وافق مجلس النواب الامريكي علي اعتماد 108 مليار دولار لحساب صندوق النقد الدولي ومن المقرر ان تناقش لجنة مشتركة من مجلسي الشيوخ والنواب هذه الميزانية علما بأن هذا الاخير لم يدرج أية إشارة إلي تمويل الصندوق في مسودته لهذه الميزانية. ويأتي التمويل الأمريكي لصندوق النقد الدولي كجزء من حزمة التدابير التي اقرتها مجموعة 20 أغني دولة في العالم في قمتها في ابريل الماضي في لندن والتي تعدت فيها جماعيا بتقديم 1.1 تريليون دولار كتمويل إضافي للصندوق. وكانت الغاية المعلنة من هذا التمويل الاضافي للصندوق هي تعزيز قدرته علي إقراض الدول النامية المفتقرة للسيولة المالية جراء الأزمة الاقتصادية العالمية والتي تقلصت قدراتها المالية بصورة حادة نتيجة لانخفاض الاستثمارات الخاصة فيها واعتماد دخل العديد منها علي تصدير السلع الأساسية. وتقول نيويورك تايمز إن المعارضين لهذ التمويل الإضافي لصندوق النقد الدولي يرجع إلي الشروط التي يفرضها علي الدول منخفضة الدخل باعتبار أنها تضر بشعوبها أكثر من تفيدهم وخاصة الفئات الاجتماعية الأكثر فقرا ومعاناة. فقد اعتاد صندوق النقد الدولي علي اشتراط تقليص هذه الدول عجز الميزانية مع رفع نسب الفوائد ما يمكن أن يأتي بنتيجة عكسية لغاية تنشيط الاقتصاد التي يفترض أنها ترمي لتحقيقها بل وما أسفر بالفعل عن إجبار هذه البلدان علي تخفيض برامج الخدمات الاجتماعية الاساسية. وصرح روبرت ويزمان مدير منظمة "ايسنشال أكشن" غير الحكومية التي تدعو ضمن أمور أخري إلي تغيير شروط صندوق النقد الدولي التي تعتبرها ضارة أنه "لا معني لتقديم أموال دعم تنشيط الاقتصاد لصندوق النقد الدولي الذي يطالب البلدان النامية بسياسات تحقق الركود الاقتصادي". وشدد علي ان "الغاية من تقديم القروض لمواجهة الأزمة، هي مساعدة الدول علي قلب السياسات التي تسبب الركود الاقتصادي لامطالبتها باتباعها كشروط لتلقي القروض". أما مارك وايزبروت المدير المشارك لمركز بحوث الاقتصاد والسياسة فقد علق بدوره ان المشروعين الامريكيين ربما لايدركون مدي ابعاد سياسة صندوق النقد الدولي "فالكثير منهم ينظرون إليها من زاوية القوة والنفوذ". هذا ولقد مورست سلسلة من الضغوط علي مجلس الشيوخ الامريكي من أجل تعديل مشروع هذه الميزانية بحيث تستخدم الاموال في ضمان ان تستفيد منها الفئات الاجتماعية الاكثر تضررا في بلدان الدخل المنخفض. ووزع ماكسين ووترز عضو مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا رسالة علي اعضاء المجلس للاعتراض علي هذا التمويل الامريكي لصندوق النقد الدولي وقع عليها حتي الآن 33 عضوا، وتدعو الرسالة مجلس الشيوخ إلي وضع شروطه المحددة مقابل تقديم هذا الدعم المالي للصندوق. وضمن هذه الشروط، ضمان استخدامه لتنشيط الاقتصاد لا لركوده واشتراط موافقة برلمانات اغني دول العالم قبل منح القروض وتعزيز الشفافية مفاوضات الدول المقترضة مع صندوق الدولي لاطلاع الرأي العام شروط القروض وتأثيرها ضمن تدابير اخري كمطالبة الادارة الامريكية بالسعي إلي "ضمان سير الصندوق نحو المزيد من الشفافية والمحاسبة أمام جميع الدول الأعضاء فيه بما فيها الاكثر فقرا".