بالرغم من المجهودات المضنية التي تبذلها وزارة الاستثمار خلال السنوات الماضية لاصلاح شركات الغزل والنسيج فإن الواقع المرير لهذه الشركات يضع العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل هذه الشركات في ظل المنافسة الشرسة، وفي ظل العديد من المعوقات التي تعرقل مسيرة الاصلاح ومنها فقد جزء كبير من حصة هذه الشركات في السوق مما أدي إلي ضعف ربحيتها وعدم قدرتها علي تجديد معداتها وتهالك وتقادم نسبة كبيرة منها مما ساعد علي ضعف قدرتها علي الإنتاج بالمواصفات التي تتطلبها الأسواق المحلية والعالمية. وأكد خبراء الصناعة أن شركات قطاع الأعمال العام مهددة بفعل عدد من العوامل يأتي علي رأسها عشوائية الأسواق وظاهرة التهريب وعدم وجود كوادر إدارة وسطي بهذه الشركات هذا بالإضافة إلي مشكلات العمالة الكثيفة بالمصانع وتهالك المعدات والآلات والحاجة الملحة لإعادة الهيكلة. أكد الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار اهتمام الحكومة بدعم شركات قطاع الغزل والنسيج بصفة عامة، بما في ذلك شركات قطاع الأعمال العام والشركات الخاصة والمشتركة، من خلال توفير دعم مالي تقوم بتنفيذه وزارة التجارة والصناعة، ويقدر بنحو 325 مليون جنيه، وتطوير وإعادة هيكلة شركات الغزل والنسيج المملوكة للدولة بصفة خاصة من خلال برنامج محدد للتعامل مع الشركات وفقا لمؤشراتها الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلي ما تتبعه الوزارة من تدابير لتشجيع الاستثمارات الخاصة في قطاع الغزل والنسيج. أشار محيي الدين إلي أهم إجراءات الحكومة علي الإطلاق والمتمثل في تخفيض المديونية ومعالجة المديونية التاريخية التي كان يرجع بعضها إلي منتصف السبعينيات.. حيث انخفضت مديونية شركات الغزل والنسيج للبنوك من نحو 9،6 مليار جنيه في عام 2005 إلي نحو 2،6 مليار جنيه في عام ،2008 ولفت إلي أنه تم الاتفاق مع محافظ البنك المركزي علي تسوية المديونية المتبقية خلال العام الحالي، وأنه ستجري تسوية مديونية الشركات لدي بنك الاستثمار القومي بالتعاون مع وزارة المالية. أكد وزير الاستثمار أنه وفيما يتعلق بشركات قطاع الأعمال العام فقد تم تبني عدد من الإجراءات لزيادة الاستثمارات وضخ تمويل لرأس المال العامل وتوفير الخامات والآلات الجديدة تبدأ المرحلة الأولي منها بعدد 7 شركات كبري تشمل شركات المحلة ومصر للحرير الصناعي ودمياط للغزل وميت غمر وستيا وغيرها، مشيرا إلي أنه ستتم موالاة إعادة الهيكلة في الشركات الأخري تباعا.. والتصدي، بإجراءات أخري، لمشكلات ضعف الكفاءة الاقتصادية والتعثر الشديد في عدد كبير من شركات الغزل والنسيج المملوكة للدولة. وأضاف أن الاستثمارات المقدرة لتطوير شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبري تبلغ نحو 453 مليون جنيه، تم ضخ نحو 100 مليون جنيه منها، وجار تدبير 20 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لشراء معدات وآلات لهذه الشركة، مشيرا إلي مصنع البوليستر والحرير الصناعي سيبدأ العمل هذا العام، بعد أن تضم ضخ استثمارات فيه تبلغ نحو 138 مليون جنيه. ومن جانبه أكد حمادة القليوبي عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج أن هناك معوقات داخلية وأخري خارجية تقف حائلا أمام شركات الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام فعن الداخلية يأتي علي رأسها عشوائية الأسواق التجارية وكذلك التهريب وأغراق السوق بأقمشة والملابس الجاهزة والغزول إضافة إلي أن جودة المنتج النهائي لا تضاهي نظيرتها في الأسواق الداخلية والخارجية. وأكد القليوبي أنه يجب علي الحكومة أن تتخذ قرارا واقعا وجريئا لإنقاذ ما يمكن انقاذه وهو أن يتم بيع شركات الغزل كأصول والاستفادة من قيمة أراضي معظم الشركات التي دخلت بالفعل داخل كردون المباني وتقدر قيمتها بمليارات الجنيهات مشيرا إلي أن عمالة الشركة من الممكن الاستفادة منها من خلال توظيفها داخل الحكومة. أضاف القليوبي أن حصيلة بيع هذه الأصول يتم ضخ جزء منها في الشركات التي بها أمل لتطويرها وطرح جزء من أسهمها في بورصة الأوراق المالية. أشار القليوبي إلي عدد من المشاكل الخارجية التي تواجه المنتج النهائي لشركات قطاع الأعمال العام وعلي رأسها الدعم التي تقدمه العديد من الدول المنافسة لمنتجيها ناهيك عن الميزة التنافسية الأخري والمتمثلة في العمالة المدربة علي أعلي المستويات ومع ذلك فقد أشاد القليوبي بما قدمته الحكومة الأخيرة للصناعة بشكل عام ولصناعة الغزل والنسيج بشكل خاص والدخول في العديد من الاتفاقيات التي منحت المنتج المحلي مميزات تنافسية. ومن جانبه يؤكد محمد ربيع - خبير صناعة النسيج - أن شركات قطاع الأعمال العام تحتاج لعدد من الآليات لتستطيع المنافسة يأتي علي رأسها وجود كوادر من الإدارة الوسطي من متوسطي الأعمال مدربين علي وسائل العصر الحديث وجدين للغة حتي يستطيعون النهوض بالشركات وحضور المعارض الخارجية وخاصة أن مثل هذه الأمور أصبحت حكرا لرئيس الشركة فقط. وأكد ربيع أهمية تحديد شركات قطاع الأعمال العام لشريحة مستهدفة من العملاء في ظل الغياب الكبير للقدرة التسويقية لهذه الشركات مشيرا إلي أنه لا يوجد ما يمنع أن يتم ترسية المناقصات الحكومية علي هذه الشركات لتوريد ملابس للجيش مثلا أو استحداث مشروع لتوريد ملابس للمدارس الحكومية مؤكدا أن مثل ذلك وبالرغم مع تعارضه مع اقتصادات السوق المفتوح فإنه احدي الوسائل لتسويق منتجات الشركات. أضاف ربيع أنه يتوجب وفي ظل ثقل كاهل الشركات بالعمالة الزائدة أن يتم إعادة هيكلة لهذه العمالة ليس عن طريق الاستغناء عنهم ولكن عن طريق إعادة التدريب والتأهيل للحصول علي عمالة مدربة وموزعة بشكل جيد في هذه الشركات. ومن جانبه يؤكد مدحت عبدالعزيز - خبير صناعة الغزل - أن شركات قطاع الأعمال تواجه العديد من التحديات وعلي رأسها الارتفاع الكبير في أسعار مستلزمات هذه الصناعة الاستخدام غير الاقتصادي للأقطان والغزول المصرية وقصور التسويق وارتفاع نسبة الفائدة وقصور الإدارة ومنافسة الأقطان قصيرة التيلة وبخاصة من الصين والهند وباكستان للقطن المصري وانتشار ظاهرة التهريب مشيرا إلي أن هذه التحديات كفيلة بوقف شركات قطاع الأعمال العام. أضاف عبدالعزيز أن الأزمة المالية العالمية أثرت بشكل مباشر علي قطاع النسيج ودفعت بعض أصحاب المصانع للاستغناء عن بعض العاملين، مشيرا إلي أن أخطر ما تواجهه صناعة النسيج في مصر هو تدهور القطن المصري طويل التيلة لأن رسوم الأغراق التي فرضتها الحكومة علي المستوردين للقطن من الخارج لم تضع حلا يحافظ علي مكانة المنتج المحلي في الأسواق بل وضعته في منافسة مع منتجات رخيصة الثمن وتتمتع بمواصفات تتناسب مع ذوق المستهلك سواء في الخارج أو في الداخل الذي أصبح لا يبحث عن الجودة بل يبحث عن السعر الأرخص.