تشير التقديرات في الاتجاهين الوطني والاسلامي إلي ان الحوار الوطني الفلسطيني الذي رعته القاهرة، قد اخفق في التوصل إلي اتفاق مصالحة، وعليه فإن الرئيس محمود عباس بدأ في الاتجاه في الاعداد لتنفيذ خطة بديلة. والخطة البديلة لدي الرئيس أبومازن هي تشكيل حكومة جديدة بديلة لحكومة الدكتور سلام فياض المستقيلة، تحدد مهماتها باعادة اعمال قطاع غزة، والضفات لانتخابات رئاسية وتشريعية عامة تجري مطلع العام المقبل. وبالنسبة للرئيس عباس فإنه في حال تنفيذ خطته البديلة هذه فإنه سيعيد تكليف سلام فياض بتشكيل الحكومة الجديدة لأنه يري فيه شخصية استثنائية قادرة علي مخاطبة المجتمع الدولي الذي يحظي بقبول لديه، كما انه قادر علي الاستمرار في جلب المساعدات الكفيلة بإعادة اعمار غزة، وسيتم تشكيل الحكومة الجديد هذه من الفصائل المختلفة بما فيها حركتا حماس والجهاد الاسلامي وفي حال رفضهما كما هو متوقع فإنه سيشكلها من فصائل منظمة التحرير. هذه الخطوة وبحسب التقديرات لن تصادر علي استمرارية الحوار، كما انها لن تنتظر نتائجه، خاصة في ضوء المعطيات الجديدة علي الساحة الإسرائيلية وتقلد اليمين المتشدد فيها تقاليد الحكم، اذ لن ينتظر عباس نتائج الحوار الوطني إلي مالانهاية، وفي المقابل ايضا لن يعلن فشله، بل سيعلن عن مواصلته مع حماس لحين التوصل إلي اتفاق، علي اعتبار ان الحكومة الجديدة حكومة مؤقتة لادارة البلاد، والقيام باعادة الاعمار والتحضير للانتخابات وفي حال التوصل إلي اتفاق فإن حكومة الوفاق المتفق عليها ستحل محلها. ولا يبدو في الافق القريب ان هناك تحولا في مواقف الطرفين فتح وحماس اللتين تبادلتا الاتهامات بشأن المسئولية عن فشل آخر جولة من الحوار الوطني في القاهرة، وكانت حركة فتح قد اكدت في اكثر من مناسبة علي ان اي حكومة فلسطينية ستشكل في المستقبل يجب ان تعلن التزامها بالاتفاقات التي وقعت عليها منظمة التحرير، وتعمل علي رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وعليه فإن فتح لا تطالب حركة حماس باعلان التزامها باتفاقيات السلطة لذا فإن بامكان حماس مواصلة التشبث بمواقفها السياسية المعروفة ويجب ان تشارك في الحكومة، اذ ان اي حكومة فلسطينية ستشكل يجب ان تعترف باتفاقيات اوسلو، وهذا ما ترفضه حماس رفضا قاطعا، ويشكل حجر عثرة في طريق التوصل إلي اتفاق يفضي إلي المصالحة الوطنية المرجوة. ولا يخفي علي احد ان الخلاف الجوهري بين حركتي فتح وحماس في شأن تشكيل الحكومة يكمن في البرنامج السياسي للحكومة، فحماس لن تقبل برنامجا يقوم علي قبول شروط اللجنة الرباعية المتمثلة في الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف والتزام الاتفاقات الموقعة، كما ان فتح لا تقبل تشكيل حكومة تعيد الحصار علي الشعب الفلسطيني. وتبقي في خلفية المشهد السياسي حقائق أخري تأخذها الاطراف المتحاورة ان حركة حماس لا تري اي مصلحة في الذهاب إلي الانتخابات قبل تغيير البيئة والمناخ في الضفة الغربية باصلاح اجهزة الأمن واطلاق قيادات الحركة وكوادرها من سجون إسرائيل والسلطة لإيجاد ظروف طبيعية من وجهة نظرها للانتخابات، لاعتقادها أن حصول انتخابات في الظروف الراهنة يخرج الحركة من البوابة التي دخلت منها، أي صندوق الاقتراع يضاف إلي ذلك تمسك حماس بربط الانتخابات التشريعية والرئاسية بانتخاب مجلس وطني جديد، باعتبار ان اللجنة التنفيذية انتهت شرعيتها ونصابها مع بقاء منظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. وبحسب الخلفية لتفكير حماس ازاء الخلافات الجوهرية في حوارات القاهرة فمن الواضح ان الحركة تعتبر المقترح في شأن تشكيل الحكومة و تسمية رئيس الوزرآء في الضفة الغربية بمثابة اخراج قطاع غزة والمقاومة من المعادلة، مضافا إليه اعتراف الحركة اعترافا كاملا لا لبس فيه بإسرائيل، وذلك عبر تمسك فتح بضرورة تضمين البرنامج السياسي للحكومة "إلتزام" الاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية. كذلك لا تزال الخلافات قائمة في موضوع الانتخابات بين تمسك فتح بالقانون النسبي الكامل، وتمسك حماس بالقانون الراهن القائم علي ان تجري الانتخابات مناصفة بين التمثيل النسبي والقوائم، فحماس تعتقد ان القانون النسبي يسمح بعمليات تزوير وتكوين تحالفات ضدها، كما انها لا تسمح لها بالذهاب إلي الانتخابات قبل تغيير البيئة الأمنية، واطلاق قياداتها من السجون، وهي مصرة علي القانون الحالي للانتخابات مع اصلاح اجهزة الأمن في الضفة الغربية وقطاع غزة. واذا كان الحال كذلك في المشهد السياسي الفلسطيني، الذي مازال يعاني التمزق والانقسام فإن علي الجانب الآخر طرف ليستعد بشراسة لوأد اي تقدم في عملية السلام منذ بدايتها، فعلي الرغم من الضغوط التي تعرض لها رئيس الوزرآء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو من الخارج كي لا يهمل مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية علي أساس مبدأ الدولتين، إلا انه ينوي الالتفاف علي هذا المبدأ والتوجه نحو شئ جديد قد يكون مفاجئا - بحسب مصادر دبلوماسية إسرائيلية - ولديه الرغبة في تفصيل المسار السوري اذ يري في الوضع الفلسطيني عدم اتاحة أية فرصة للتفاوض الجاد حول مستقبل الشعب الفلسطيني.. والفلسطينيين مختلفين....!!!