ازدهرت في مصر تجارة "المدافن" وأصبح لها سماسرة ومستثمرون، ونافست العقارات في الأسعار وإعلانات بيعها علي النت والتي تصف أحيانا بأنها "رفيعة المستوي" وتشطيباتها شيك وبمواقع متميزة، وإعلانات أخري من نوعية "يوجد لدينا متخصصون في ديكور المقابر لعشاق التراث العربي"، بل وفي المساحات أيضا، فالمدفن في بعض المدن مثل 6 أكتوبر يبدأ بمساحة 40 مترا حتي يصل إلي 120 وحتي 200 متر ولا يقف عند 60 مترا مثل شقق التعاونيات والإسكان الاقتصادي، ومع ارتفاع أسعار بيعها أصبح دفن الأموات مشكلة كبيرة مثل معيشة الاحياء ومساكنهم. أما في بريطانيا فقد أشار تقرير اخباري مؤخرا إلي أن الأزمة المالية الأخيرة تتسبب في تأخير دفن موتي العائلات الفقيرة لمدة خمسة أسابيع أو أكثر، فشركات تعهد دفن الموتي تتهم الحكومة البريطانية بأنها تدفع المساعدات المالية لتكاليف الدفن بعد فترة قد تصل إلي شهرين من اتمام عملية الدفن بسبب أزمة السيولة الحالية. وكما نشر بإحدي الصحف فإن مدافن الموتي أصبحت حقلا خصبا للأفكار فقد أعلنت شركة سيليستيس الأمريكية أن القمر قد يصبح مقبرة لبعض الناس بفضل الرحلات التجارية التي تأمل أن ترسل رماد الموتي إلي سطح القمر علي متن مركبات فضائية في عام 2010 بتكلفة عشرة آلاف دولار مقابل المتوفي الواحد، فما أجمل أن ينظروا إلي القمر وهم يعرفون أن قبور أمهاتهم أو آبائهم أو أحبائهم هناك (بحسب اعتقادهم). أما في مصر فماذا يفعل المواطنون في موتاهم بعد أن تحولت أسعار القبور إلي تجارة.. هل يبعثون بهم إلي القمر؟ أم ينتظرون مساعدات أهل الخير ويلجأون إلي مقابر الصدقة؟ مدافن "ترد الروح" المهندس إيهاب السعيد من شركة ديارنا للتسويق العقاري ينفي تأثر أو انخفاض أسعار المدافن في مدينة الشروق مثل العقارات، فالمعروض قليل والأماكن محدودة جدا لا تتناسب مع عدد السكان، وأقل مساحة للمدفن 20 مترا وهو يتكون من عين مخصصة للرجال وأخري للسيدات وسعره يبدأ من 40 إلي 45 ألف جنيه، أما المدفن مساحة 40 مترا فالعشرون متر المخصصة للرجال منفصلة عن العشرين الأخري المخصصة للسيدات وسعره يتراوح بين 70 80 ألف جنيه. ويتوقف السعر بحسب قرب المدفن من الطريق الرئيسي وسهولة الدخول والخروج إليه كما يقول السعيد وقد تزداد مساحته حتي تصل إلي 120 مترا حسب طلب العميل، كما يطلب البعض مدافن مميزة من الرخام أو الجرانيت أو الحجر الحراري ومحاطة بسور وبوابة جديدة وأشجار مع وجود حراسة للمكان. ويشير السعيد إلي أن أقل الأسعار في مدينة 15 مايو فالمحافظة خصصت 2000 مدفن بأسعار تتراوح بين 5 10 آلاف جنيه، ويتم بيعها وتداولها بين المشترين بسعر السوق الذي يتراوح بين 15 20 ألف جنيه للمدفن مساحة 20 مترا، وإن كان لابد للمشتري أن يتأكد من سلامة أوراق البائع، حيث يتم تداول أوراقها بين 5 أو 6 أفراد عن طريق البيع بالتوكيل أما أغلاها سعرا فهي مدافن مصر الجديدة التي يصل سعر المدفن 20 مترا إلي 350 ألف جنيه، فهي علي حد قول السعيد "مدفن يرد الروح". المواقف والأزمة المالية أيمن رجب من شركة الأصدقاء للمقاولات يشكو من أن الأزمة الاقتصادية أثرت بنسبة 50% علي حركة بيع وشراء المدافن في مدينة 6 أكتوبر وخفضت الأسعار بنسبة 30% فهو علي حد قوله يخسر 5 آلاف جنيه علي الأقل في سعر كل مدفن يبيعه والذي قام بشرائه في الفترة السابقة بسعر مرتفع، ولولا تأخر وتجميد مشروع إنشاء جبانة جديدة في المدينة لانهارت الأسعار بصورة أكبر. وتبدأ مساحة المدافن في 6 أكتوبر كما يقول رجب من 40 مترا، وليس أقل من ذلك، ويصل سعر المدفن المتوسط إلي 28 ألف جنيه، والحوش البعيد عن الطريق الرئيسي سعره في حدود 12 ألف جنيه، والزبون الفاهم علي حد قوله (يطلب حاجة علي مزاجه) فالمدفن المبني بالحجر الأبيض المنحوت والمزخرف يرتفع سعره إلي ربع مليون جنيه، وخاصة إذا كان علي الأسفلت أو الطريق الرئيسي. السوق واقف أحمد عبده من مكتب الاتحاد للمقاولات في السادس من أكتوبر يأسف لعدم بيعه أي مدفن منذ 6 أشهر كاملة بعد أن كان يبيع مالا يقل عن ثلاثة في الأسبوع الواحد، مشيرا إلي أن أسعار المدافن في طريق الفيوم مرتفعة قليلا عن منطقة 6 أكتوبر لازدحامها وندرة المعروض. ويتوقف الاختيار والتشطيب كما يقول عبده علي القدرة المادية للعميل فهناك مدفن عادة كله من الطوب، ومدفن "حجاري" من الداخل والخارج بالحجر الاثري والزخارف والرخام سعره مرتفع، ومدفن نصف حجاري (خليط من الحجر والطوب) ويوجد به عامودان علي الباب وحلية. وأقل سعر مدفن علي الطريق الرئيسي لايقل عن 60 ألف جنيه، والبعض يفضل المساحات الكبيرة مثل بعض الفنانين.