حالة من فوضي الاعلانات يشهدها المجتمع سواء علي المستوي العالمي او العربي او المصري بسبب حالة اللهاث التي تعيشها الشركات لجذب مزيد من العملاء والكثير من الأرباح . واظهرت دراسات اعلانية عالمية حديثة صدرت في نيويورك ولندن وباريس وابوظبي ان النفقات الاعلانية العالمية وصلت في عواصم الرأسمالية العالمية الاوروبية الي 45 مليار دولار السنة الماضية، فقد احتلت السوق الاعلانية في الولاياتالمتحدة نصف الموازنات الاعلانية في العالم بأكمله فقد نما الاعلان باكثر من 1000% في الصين، 600% في اندونيسيا و200% في ماليزيا والهند وكوريا. بينما اظهرت دراسة اماراتية ان 10 فضائيات عربية معظمها خليجية تتحكم في الاعلان التليفزيوني العربي الذي وصل الي مليار ومائتي مليون دولار سنويا ايضا. وفي مصر تؤكد بعض الدراسات ان التليفزيون في مصر يستأثر حاليا بما نسبته 33% من السوق الاعلاني، بينما تستأثر الصحف والمجلات بنسبة 60% من السوق والنسبة المتبقية للوحات الاعلانية. وتمثل شركات الاتصالات الجديدة اللاعبين المؤثرين الجدد في سوق الاعلان، خاصة في شهر رمضان بالاضافة الي القنوات الفضائية وخاصة مع ارتفاع قيمة الانتاج للبرامج والمسلسلات، مما جعل تلك القنوات تسعي الي تحقيق ارباح من خلال جذب المعلن والمشاهد في وقت واحد. وتعتبر الاعلانات التليفزيونية سلاحا ذا حدين فهي من جهة ترفع من مبيعات السلع وتروج لها بغض النظر عن مدي الضرر او المصداقية للسلع المعلنة، فالكثير من اعلانات الشركات العقارية لا وجود له علي ارض الواقع، وفي بريطانيا تم حظر اعلانات المواد الغذائية التي تحتوي معدلات عالية من الدهون والملح والسكر التي تثب قبل الساعة 9 مساء كوسيلة فعالة لحماية صحة الاطفال ودخلت القوانين الجديدة حيز التنفيذ في بريطانيا بداية هذا العام. فهل يكفي الاعتماد علي ضمير الشركة المعلنة؟ ام نحتاج الي تشريع قانوني جديد ينظم تلك الفوضي الاعلانية؟ رقابة وإعلانات يؤد طارق نور صاحب وكالة نور للاعلان ان الانفاق الاعلاني هو موتور الاقتصاد.. فزيادة نسبة الاعلانات تدل علي زيادة الاستهلاك والانفاق وهو دليل علي تحرك الاقتصاد، وتستحوذ شركات الاتصالات علي اكبر نسبة اعلانات في السوق لوفرة السيولة المادية بتلك الشركات نتيجة للاقبال الرهيب من جميع طبقات الشعب علي الاستعانة بخدماتها فلم يعد استخدامه مقصورا علي طبقة بعينها. تليها اعلانات الشركات العقارية حيث يظهر المشروع العقاري باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في صورته النهائية في افضل صورة ممكنة وبالطبع "طبقا لرسومات الشركة المعلنة" لتجعل المشاهد يتمني ويحلم بالسكن فيها، اما جودة المنتج النهائي وهل يطابق ماجاء في الاعلان ام لا فهو يعتمد علي مصداقية شركة العقارات في السوق فالوكالة الاعلانية ليست جهة رقابية. ويضيف نور ان الفن الاعلاني تطورفي السنوات الاخيرة بصورة كبيرة واصبح اكثر نضوجا واقناعا وارتفعت تكلفة انتاجه فأصبحت تبدأ بمبلغ 200 ألف جنيه، ووصلت التكلفة المادية في اعلانات الجيل الثالث للموبايلات الي 9 ملايين جنيه واستخدام نجوم التمثيل في تقديم الاعلانات يرفع من التكلفة الانتاجية فقد يصل اجر النجم في مصر الي مليون دولار، وهو اعلي من اجر النجوم في امريكا الذي يبلغ في المتوسط 200 ألف دولار. عمارة من نيويورك اما حازم درع وكالة لوك للاعلان فله وجهة نظر مختلفة فمسئولية الوكالة الاعلانية عند الاعلان عن اي مشروع سكني تلزمها باظهار واقع العمل في المشروع علي الارض وليست صورة خيالية يتم تصويرها بمساعدة فن الجرافيك وصور منقولة من الخارج، فأحد الاعلانات يصور عمارة حقيقية في مدينة نيويورك ويظهرها كأنها جزء من المشروع السكني في القاهرة، وكذلك صور ملاعب الجولف والحدائق التي تمثل مساحات كبيرة من المشروع السكني كلها منقولة من الخارج وبالطبع كل ذلك لرفع اسعار الوحدات السكنية. يضيف درع انه في العالم كله لا توجد رقابة علي الاعلانات ولكن في مصر توجد لدينا رقابة علي الالفاظ والتلميحات الخارجة فقط وليس علي المحتوي الاعلاني فعلي سبيل المثال شركة امريكية كبري في مجال الفاست فوود قامت بدفع مليارات الدولارات كتعويض للمستهلكين علي الاغذية التي تسوقها والتي سببت السرطان لمن يتناولها، والاعلانات لدينا تسوق للعديد من السلع الغذائية الضارة ومنها منتجات تلك الشركة الاجنبية ولكن لا يلتفت اليها احد ،فالمحتوي الاعلاني يعتمد علي ضمير المعلن والوكالة الاعلانية وهو اساس ميثاق الشرف الاعلاني. نجوم وأرقام ويؤكد درع انه ضد استخدام نجوم الفن في الاعلانات للمبالغة الشديدة في اجورهم التي تصل الي مستوي اجورهم في الافلام، وايضا لاساءة استخدام النجم في الترويج لاكثر من سلعة في نفس الوقت، فالبعض يهتم بالعائد المادي فقط ويتناسي مصداقيته لدي المشاهد. اما الاحصائيات والارقام التي ترجح ان نسبة الاعلانات لدينا في مصر اقل من دول الخليج فهي علي حد قول درع غير دقيقة فمع زيادة الاستثمارات ودخول شركات عالمية في السوق المصري اصبحت مصر في مقدمة السوق الاعلانية واقتربنا بالارقام كثيرا من اكبر سوق في الشرق الاوسط وهي المملكة السعودية فالمحتوي الاعلاني لاكبر جريدة مصرية مثل جريدة الاهرام يصل الي 75% بينما يصل المحتوي التحريري الي 25% فقط. وتعتبر الاعلانات التليفزيونية اقل في التكلفة المادية من اعلانات الصحف حيث تصل الي قطاع اكبر للمستهلكين بالنسبة للعدد الذي يقرأ الصحف، خاصة علي المستويات الشعبية ولذا فهي من الناحية الاقتصادية اكثر ربحا حيث تتركز اعلانات السلع الاستهلاكية مثل الحلوي والمقرمشات والمنظفات الصناعية في الفضائية وليس التليفزيون المصري مع انتشار وصلات الدش غير الشرعية، اما اعلانات العقارات والبنوك والآلات والمعدات فتتركز اعلاناتها في الصحف. سلع رديئة وأوقات ميتة ويأسف وليد الجمل مخرج تليفزيوني لان غالبية الاعلانات التجارية علي شاشات بعض الفضائيات والتي تروج لسلعة معينة للبيع عن طريق الهاتف الذي تظهر ارقامه علي الشاشة هي في حقيقتها غش تجاري وعلي حد قوله " ضحك علي الدقون" فعادة ما تكون سلعا ردئية يقوم المنتج بشرائها من سوق حمام التلات بمنطقة العتبة ويمنع المستورد من نزولها للسوق ليسوقها علي الهاتف بسعر اعلي ولا تتجاوز تكلفة انتاج الاعلان من هذه النوعية مبلغ 5000 جنيه ويختارالمعلن وقتا ميتا علي القناة ا لفضائية غالبا ما يكون وقت الظهيرة لانخفاض سعر الدقيقة الاعلانية ويؤكد بعضهم انه اذا لم يحقق 100 ألف جنيه مبيعات يوميا يعتبرنفسه خاسراً!