تحقيق- مني البديوي - هبة درويش - شيماء عثمان: للعام الثاني علي التوالي تقوم وزارة التنمية الإدارية بعقد احتفالية لليوم العالمي لمكافحة الفساد بالتعاون مع مكتب الأممالمتحدة المعني بالجريمة والمخدرات وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وهي الاحتفالية التي شهدها عدد كبير من المتخصصين والمهتمين بهذه القضية. فمحاربة الفساد كما يري كل خبراء الاقتصاد هي جوهر وأساس دفع عجلة الاقتصاد القومي في أية دولة. في بداية المؤتمر أكد دكتور أحمد درويش "وزير الدولة للتنمية الإدارية، أن مصر كانت سباقة في المنطقة العربية والقارة الأفريقية في إقرار مبادئ وقيم الشفافية والنزاهة والعمل علي مكافحة الفساد، الأمر الذي انعكس في مبادرات صانعي القرار بتشكيل عدد من الأجهزة الرقابية منذ الستينيات من القرن الماضي لتأخذ علي عاتقها عمليات المراقبة والاستدلال والتحقيق وتجريم المخالفات التي ترتكب للإضرار بالمال العام والوظيفة العمومية بالدولة. وأشار درويش إلي أن تلك المجهودات توجت بتوقيع وتصديق مصر علي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد عام ،2005 والتي مثلت إضافة نوعية في حرص مصر علي متابعة الوفاء بالتزاماتها الدولية. وزير التنمية الإدارية، أكد علي أن التنمية تعتمد علي محاور متعددة يتطلب تنفيذها توافر المقومات الأساسية التي تتبوأ الشفافية والنزاهة مقعد الصدارة فيها، بما يمهد الطريق إلي جذب المزيد من الاستثمارات بالشكل الذي يؤدي إلي تزايد القدرة الإنتاجية للمجتمع، الأمر الذي ينعكس علي إتاحة المزيد من فرص العمل، بما يحقق في النهاية دوران عجلة التنمية علي الاتجاه الصحيح. أضاف درويش أنه بالرغم من تعدد أشكال الفساد فإن إطلاق اللفظ دون تحديد يعطي انطباعاً لدي المستمع أن المقصود هو الفساد في الجهاز الإداري، الذي يكمن في واحدة من الأشكال الآتية: صدور القرارات الحكومية لصالح فئة معينة من المجتمع وليس للصالح العام، وعدم الشفافية في الإعلان عن ترسية المناقصات والمزايدات الحكومية والتربح غير المشروع أو تحقيق منفعة شخصية سواء كان ذلك عن طريق إعطاء الحق لغير صاحبه أو منح شخص ما ليس من حقه مع مخالفة القوانين واللوائح، واستغلال عناصر دورات العمل للضغط علي الأشخاص لسداد مبالغ زائدة، عما هو مقرر لإنهاء أعمالهم، مما يؤدي إلي تعطيل مصالح المواطنين في النهاية، والأهمال وعدم المبالاة وفقدان المحافظة علي المال العام وسوء إدارة موارد الدولة. وأشار درويش إلي أن مشكلة الجهاز الإداري في مصر تكمن في الموضوعات غير المبررة التي لم ينص عليها القانون، كما أن ظهور الفساد في الأصل ناجم عن إغفال تطبيق قواعد الحوكمة وتغير منظومة القيم في المجتمع. مشيراً في ذلك إلي أن سياسات الحد من الفساد من غير الممكن اختزالها في قيام الحكومة بسن التشريعات الوطنية والتصديق علي المواثيق الدولية ووضعها موضع التطبيق فحسب دون الانتباه إلي أن وضع السياسات يعتبر عملية ديناميكية تتباين فيها المصالح والأهداف، بل والحلول المقدمة للحد من الظاهرة ومعدلات مكافحتها وفقاً لأولويات كل مرحلة والمناخ السياسي السائد، بما لا ينفي أهمية وجود توافق سياسي ووطني وذلك بهدف تطوير رؤية واستراتجية مكافحة الفساد. ومن جانبه أكد دكتور محمد عبدالعزيز "الممثل الإقليمي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالجريمة والمخدرات" أن المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة، أثبتت وعياً متزايداً بخطورة مشكلة الفساد وتحالفها مع الجريمة المنظمة وجرائم غسل الأموال. مشيراً إلي أن نتائج البحوث والدراسات، كشف أن الفساد ظاهرة متعددة الأوجه يدخل تحت وطأتها كل مجتمع بصرف النظر عن مستوي تنميته أو مدي تطور تنطيمه وحنكته التشريعية والسياسين، ومؤكداً علي أن الفساد له آثار مدمرة علي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، نظراً لكون هذه الجريمة تفتقر غالباً إلي وجود المجني عليه كشخص طبيعي، مثلما يوجد في كثير من الجرائم الأخري كجرائم السرقة والقتل، بالإضافة إلي اتسام جريمة الفساد، بالكتمان بحيث يصعب أحياناً الكشف عنها. وأضاف عبدالعزيز أن عائدات الفساد هي نفسها الفاقد المهدر الذي كان يمكن توجيهه إلي مشروعات التنمية الاقتصادية، فالبلدان التي تحارب الفساد وتحترم سيادة القانون، يمكن أن يزيد دخلها القومي بنسبة 400%، كما أن الاستثمار في البلدان التي يقل فيها الفساد تقل تكلفته بنحو 20% بالمقارنة ببلدان أخري ينتشر فيها الفساد، ويكشف الممثل الأقليمي لمكتب الأممالمتحدة التكلفة الإجمالية لظاهرة الفساد في البلدان النامية والمتقدمة علي حد سواء حسب تقديرات البنك الدولي في أحدث إحصائياته بنحو تريليون دولار أمريكي، وربما يزيد الحجم المالي لعوائد الفساد عن هذا الرقم، إذا ما أخذ في الاعتبار إعادة تدوير عوائد الفساد في مشروعات اقتصادية مشروعة من خلال آليات وتقنيات غسل الأموال.