امتثل أمام المحكمة رجل الأعمال الأمريكي برنارد مادوف المتهم في قضية احتيال خسرت علي إثرها عدة شركات أمريكية وعالمية مليارات الدولارات، في حين فتحت أجهزة الرقابة المالية الأمريكية تحقيقا لمعرفة أسباب عدم كشف احتياله. وستبحث المحكمة مع مادوف - الذي قد يواجه عقوبة بالسجن عشرين عاما إذا أدين - مدي توفيره ضمانات الإفراج بكفالة الذي قررته منذ أيام بعد أن اعتقل الأسبوع الماضي. وأفرج عن مادوف بكفالة 10 ملايين دولار يجب أن يوقع عليها أربعة كفلاء، ومن المنتظر أن تحجز المحكمة شقته التي يقدر الإدعاء العام قيمتها بسبعة ملايين دولار. كما أمرت السلطات القضائية بحجز جواز سفر مادوف والحد من تنقلاته، واتخذت أيضا قرارا بتصفية مؤسسة الاستثمار المالي "إنفستمنت سيكيوريتيز إل إل سي" التي يديرها. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مكتب المدعي العام قوله إن مادوف كان من المفترض أن يمثل أمام المحكمة، غير أن دفاعه طلب مهلة يوما إضافيا لتوفير الشروط المطلوبة للإفراج عن موكله. وقال الادعاء إن مادوف كان يستعمل أموال المستثمرين الجدد في المؤسسة التي يديرها ليدفع فوائد المستثمرين الآخرين، وهي العملية التي جعلته يجني حوالي 50 مليار دولار. وتقول السلطات ان رجل الأعمال الأمريكي قدم لعملائه عوائد مجزية باستمرار باستخدام أموال مستثمرين رئيسيين جدد عبر ما يسمي "الاحتيال الهرمي"، وقد نجحت حيلة مادوف، إذ طالما استطاع جلب عملاء جدد لكن عندما طلب العملاء أموالهم بسبب الأزمة المالية العالمية اكتشفوا خلو خزائنه. وحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن مادوف أبلغ اثنين من كبار موظفيه يعتقد أنهما ولداه مارك وأندرو، بأن مؤسسته كانت عبارة عن "نصب واحتيال" وأنه كان ينوي الاعتراف للسلطات، لكن ولديه لم يمهلاه فأبلغا السلطات الأمريكية التي اعتقلته الخميس الماضي. ومن جهة أخري قال رئيس لجنة الرقابة علي أسواق الأسهم والسندات، وهي الجهاز الحكومي الذي يراقب بورصة وول ستريت، كريستوفر كوكس إنه سيفتح تحقيقا لمعرفة سبب فشل اللجنة في اكتشاف الاحتيال الذي دبره مادوف، وذلك رغم بروز الكثير من المؤشرات علي هذا الاحتيال منذ عشر سنوات. وأضاف كوكس في بيان أنه تبين أن المزاعم حول احتيال مادوف كانت تصل إلي موظفي هيئته بشكل متكرر منذ ،1999 لكنها لم تعرض قط علي اللجنة من أجل دراستها والتحرك علي ضوئها. وقال: "أنا قلق جدا بشأن ما يبدو أنه تقصير منذ ما يزيد علي عقد في التحقيق في هذه القضية"، مضيفا: "أن التحقيق سيشمل جميع موظفي هيئة الرقابة" وفي الموضوع نفسه قالت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية إن مادوف خلف وراءه وثائق وأرقاما مزورة كثيرة ستعيق التحقيق في قضيته، ونقلت الصحيفة عن ستيفين هاربيك رئيس مؤسسة حماية المستثمرين في السندات، وهي مؤسسة أحدثها الكونجرس، قوله إن الأمر سيستغرق أكثر من ستة أشهر للامساك برأس الخيط في هذه القضية، وقال هاربيك إن البيانات التي تسلمها المستثمرون من مادوف لا تعكس الصورة الحقيقية لحجم عملية الاحتيال، وقد وقعت عدة مصارف ومؤسسات مالية ضحية احتيال مادوف في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي عدة دول أخري من العالم مثل اليابان واسبانيا وبريطانيا وهولندا.